قياسا على تلك الجملة الشعرية لشاعر الشتات الكوني محمود درويش «لم أولد لأعرف أنني سأموت» يحق لي ان أتدبر أمر افتتاح السنة الرابعة لمنارات فأقول وأكتب تجوّزا على لسان وقلم كل من ساهم في هذا الملحق كتابة أو قراءة، إن «منارات» وُلدت لتتعلم كيف تكبر وتتسامق مثل نرجسة بريّة عددا بعد عدد وسنة تلو سنة... ويحق ايضا لي ولكل من آزرها وتدبّر سبل الارتقاء بتكريس الاختلاف على صفحات المنارات ان يخطئ في عدّ أصابع يدنا الواحدة على ان لا ننسى عددا واحدا من ورقات المنارات... ذلك ان اعتقادنا بتبديد مخاوف البدايات والتوغل عميقا في مدارات العقلانية والحداثة والتنوير والاختلاف والاصرار على تكريس المغايرة لغة وفكرا وسلوكا مطلع كل شهر و «النفاذ الى اسباب العطالة الكامنة في راهننا وتفكيك الانساق القائم عليها في جذرية تحرص على ترميم وعينا النقدي المشروخ» مثلما كتب أحمد حاذق العرف في افتتاحية السنة الثالثة، تعززت بنسق اكثر رصانة وثباتا على امتداد اعداد السنة الفارطة، حيث أنهت «منارات» سنتها الثالثة وقد مضت أشواطا جديدة ومغايرة ضاربة في شعاب ووهاد الفكر والابداع التونسيين فالعربيين فالكونيين مُفردة كعادتها صفحاتها للأقلام الجادة والجيّدة، فواكبت جديد الاصدارات واحدث الابداعات وسايرت الاحداث الفارقة وتوقفت في محطات تاريخية لتذكّر بمن ماتوا وما ماتوا لتظل وفيّة لشروط ولادتها ولأهداف «نواتها المنشئة»... في سنتها التي تكتمل بهذا العدد احتفلت منارات بالحركة النقابية الوطنية والعالمية واحتفلت بجائزة نوبل و «خمسون» وبالمقاومة وابن خلدون وواكبت العدوان على لبنان وحركات العولمة البديلة، محافظة على انتظام وتيرتها في الصدور... وفي سنتها التي مضت فقدت «منارات» أحد اقلامها الجادة والمواظبة على الكتابة الجادة والمختلفة، الشاعر التونسي جمال الدين حشاد الذي اختطفته يد المنون بعد ان كتب اخر نص له على صفحاتها «في الولائم الادبية»... في السنة التي مضت خطت «منارات» خطوة حاسمة في مجال انتشارها، فبفضل مجهودات أسرة جريدة الشعب صار الملحق يصدر شهريا في نسخة الكترونية على موقع الجريدة ليخترق بذلك كل الحدود والحواجز الجغرافية والدوغمائية ايضا... الثابت ان نشيد «منارات» فكرا ولغة ومنهجا لم يعد يحتمل ان نحتفل بألحانه في السنة التي ننجزها وننهيها بل في السنة التي تلي... وفي الاعداد التي ننوي ونخطط لإنجازها... فالتماسك الذي يكبر مع كل عدد والاصرار الذي ترصّفه أقلام «منارات» والاقلام التي ستلتحق ستذهب بعيدا فيما سيأتي من اعداد لاحقة بعد ان راكمت ما به أصّلت طموحها وطموح مشروعها الحبري وبعد ان بدّدت الكثير من الصعاب والعراقيل.