تدفق مئات الآلاف من النساء والرجال يوم 13 أوت 2013 على ساحة «اعتصام الرحيل» بباردو وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمرأة التونسية، وكان قد دعا لهذا التحرّك الوطني كلّ من «ائتلاف حراير تونس» وهو ائتلاف يجمع عديد الجمعيات والمنظمات، ومنظمة المرأة العاملة باتحاد الشغل.. وقد أعلنت المتدخلات في الندوة الصحافية التي انعقدت قبل يوم من التظاهرة بمقرّ الاتحاد بنهج اليونان أن هذه التظاهرة تجمع بين الاحتفال بالمناسبة وبين النضال السياسي من خلال التصدي للتهديدات التي تتربص بحقوق المرأة ومكتسباتها، وبالدعوات المتكررة داخل المجلس التأسيسي وخارجه بالتراجع عن بعض الحقوق التي حظيت بها المرأة وتضمنتها مجلة الأحوال الشخصية، واعتبار المرأة كائنا مكمّلا للرجل لا متساويا معه في الحقوق والواجبات، وشريكا له في بناء الأسرة والمجتمع والدولة. وهي مناسبة أراد من ورائها المنظمون أن تتقاسم فيها المرأة التونسية التي تشكل مكونا رئيسيا من مكونات الحراك السياسي المدني، جملة المطالب التي رفعت في ساحة اعتصام الرحيل بباردو وأهمها المطالبة برحيل الحكومة وحلّ المجلس التأسيسي وتكوين حكومة إنقاذ وطني مستقلة عن الأحزاب وترأسها شخصية مستقلة تحظى بثقة الجميع..لذلك تقرّر أن تلتقي كل الوفود المشاركة في مسيرة يوم المرأة بساحة باب سعدون والتوجه سيرا على الأقدام إلى ساحة الاعتصام بباردو. كانت الحشود ضخمة وقد قدّرت بعض وسائل الاعلام الحضور بأكثر من نصف مليون مشارك بينهم حوالي 400 ألف امرأة حملوا جميعهم الأعلام التونسية وردّدوا مرارا النشيد الوطني، كما رفعت صور ولافتات للشهداء الذين تم اغتيالهم وخاصة صور شكري بالعيد والبراهمي ولطفي نقض ومحمد بالمفتي. كما رفعت شعارات مناهضة للحزب الحاكم في تونس وهي حركة النهضة، وضدّ التعصّب الديني، واحتقار المرأة، وكان الشعار الأبرز هو «أهيّا ..اهيّا المرا التونسية»..كاملات لا مكمّلات..المرا التونسية ماهيش محرزية... كما رفعت شعارات سياسية تطالب برحيل الجكومة والمجلس التأسيسي وسقوط حركة النهضة مثل: اليوم..اليوم النهضة تطيح اليوم..أوه ملاّ حالة والتأسيسي اليوم استقالة... وفي إطار الدفاع عن هوية المرأة التونسية أمام انتشار اللباس الوهابي، جاءت عديد الفتيات والنسوة بلباس تقليدي وبالسفساري، واعتبرن في تصريحاتهن لوسائل الاعلام أنهن لا يقبلن بطمس هوية المرأة التونسية سواء في لباسها أو في فكرها او حقوقها.. فيما خير بعضهن التفنن في خياطة العلم التونسي على شكل فساتين أنيقة تزينت بها بعض الفتيات المشاركات في المسيرة، ويندرج ذلك حسب رأيهن في إطار الاعتزاز بالراية الوطنية والتصدّي لكل محاولات تدنيسها أو رفع أعلام أخرى غريبة عنّا بدلها، وفي إشارة كذلك إلى الأعلام السوداء التي تمّ رفعها من قبل السلفيين فوق بعض المباني والمنشآت العامة وأشهرها حادثة العلم في كلية الآداب بمنوبة سنة 2012، حيث تم انتزاع العلم التونسي من فوق مبنى الجامعة ورفع راية سوداء مكانه. لما استقرت المسيرة بساحة الرحيل بباردو تتداول على الكلمة هناك عديد المتدخلات والمتدخلين من الشخصيات السياسية والحقوقية الوطنية، كما أعطيت الكلمة لنساء الشهداء الأربعة. وقد اعتبرت بسمة الخلفاوي أن الاستفتاء الشعبي الذي طالبت به حركة النهضة قد تمت الاستجابة له يوم 6 أوت الفارط حين تظاهر حوالي نصف مليون تونسي بمناسبة مرور ستة أشهر على اغتيال الشهيد شكري بالعيد، وقد تمّت الاستجابة له يوم عيد المرأة حيث قدّر عدد النساء الحاضرات بأربع مائة ألف امرأة، دون احتساب الرجال. وقالت الخلفاوي على النهضة الحاكمة ترك السلطة لأن الاستفتاء حصل بخروج كل هذه الجماهير الشعبية سلميا ضدّها..وأن دعواتها هي مجرّد ربح وقت وتضييع فرص على تونس وليس أكثر. فيما اعتبرت مباركة البراهمي زوجة الشهيد محمد براهمي أن إزاحة النهضة من الحكم ستتم سلميا وحضاريا وبطريقة جميلة وراقية.. وليس كما يدعو قادتها السياسيون إلى القتل والسحل وتقطيع الأيادي والأرجل خلافا.. وفي كلمة مية الجريبي عن الحزب الجمهوري قالت أن المرأة هي رمز الجمهورية وهي حاملة لواء التقدّم وحضارة تونس، وأضافت الجريبي أن هذه الحشود النسائية وهذا الحضور المكثف لها في ساحات النضال السياسي والحقوقي يجعلها تطمئن على مسار تونس وأن البلاد بهكذا مرأة ووعي ستكون بخير. أما الطيب البكوش عن نداء تونس فقد اعتبر أن الحرب على حقوق المرأة بدأت بالحرب على مجلة الأحوال الشخصية ومحاولة طمسها، لذلك لابد من التمسك بهذا المكسب مهما كلف الأمر. كما أعلن حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية والعضو بالجبهة الوطنية للإنقاذ عن بدء جبهة الانقاذ لحملة «ارحل» لطرد الولاة والمعتمدين والعمد الذين تم تعيينهم عن طريق الولاء لحركة النهضة في كامل تراب الجمهورية ابتداء من يوم الأربعاء 14 أوت الجاري. هذا ولم تسجّل في هذا التجمع الضخم للحشود أي مشاكل من أي نوع كان فقط تمت في إطار السلمية التامة والاحترام المتبادل بين المشاركين من الرجال والنساء. وفيما أعلنت «حركة تمرّد» استمرار اعتصام الرحيل بباردو حتى تحقيق غاياته وهي رحيل الحكومة وحل المجلس التأسيسي وتشكيل حكومة انقاذ وطني ترأسها شخصية مستقلة، تواصل حركة النهضة اعتبار المجلس التأسيسي خطّا أحمر لا يمكن المساس به، ودعا الغنوشي رئيس الحركة أنصاره إلى التمسك بالشرعية أو اجراء استفتاء وطني، فيما قال المرزوقي في كلمته بمناسبة يوم المرأة «إن الحديث عن حلّ التأسيسي هو هراء في هراء»، وهاجم المرزوقي في كلمته الاعلاميين وقال إن «وظيفتهم هي التهدئة والتدخل بالحسنى بين الأطراف» ! اعتداء أمني على ليلى بن دبّة وعبد الناصر العويني: تمت هذه الحادثة في مساء يوم 13 أوت قبل وصول المسيرة إلى ساحة باردو، إذ وبينما تواجد عديد المعتصمين هناك، قام عون أمن بالاعتداء لفظيا ثم بعد ذلك ماديا على المحامية ليلى بن دبّة حيث تسبب لها في كسر على مستوى العنق.. وقد أصيب محمد الناصر العويني وهو مناضل سياسي وحقوقي ببعض الخدوش بعدما تدخل لفض المشكل بين الطرفين..وقد سجل أنه تم الاعتداء عليه لفظيا بعبارات نابية من طرف نفس عون الأمن. وقرر المحاميان رفع قضية في التتبع الشخصي والعدلي ضدّ هذا العون لدى المحاكم التونسية. حركة النهضة تحيي عيد المرأة في شارع بورقيبة: دعت حركة النهضة كافة منخرطاتها إلى الحضور بكثافة في شارع الحبيب بورقيبة يوم 13 أوت للتعبير عن الاحتفال بعيد المرأة، لكن الحضور كان ضعيفا مقارنة بما دعت إليه جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، حيث قدر الاعلاميون الحضور بحوالي 3 آلاف بين نساء ورجال. وفيما رأى البعض أن حركة النهضة بهذه الخطوة فاجأت الجميع بأنها مهتمة بحقوق المرأة ومتبنية لها، اعتبر البعض الآخر أنها مجرّد مناورة لأن قياديي النهضة يكرهون بورقيبة ومجلة الأحوال الشخصية وقد رفض الغنوشي حتى الترحم على روحه..وهم يعتبرون المرأة عنصرا مكملا للرجل لا أكثر، وقد عبّر الاعلامي سفيان بن حميدة عن ذلك بقوله: إنه من المضحكات المبكيات أن تحتفل الحركة بعيد المرأة في شارع الزعيم بورقيبة، ورئيس الحركة يرفض مجرّد الترحم على روحه».