انطلاق أولى رحلات الحجيج التونسيين إلى البقاع المقدسة عبر الناقلة الوطنية وعلى متنها نحو 260 حاجا..    القيروان: إصابة 3 أشخاص في اصطدام حافلة بمقهى    مشاكل صحية شائعة لدى النساء بعد سن الثلاثين وطرق الوقاية    القيروان : حافلة تصطدم بمقهى    الإتحاد المنستيري.. المستوري والحرزي جاهزان لمواجهة الإفريقي    النسخة 29 من "الكومار الذهبي للجوائز الأدبية"/ بالأسماء..الاعلان عن قائمة المتوجين في المسابقة..    الدخول مجاني اليوم لمباراة منتخب السيدات ضد الطوغو بصفاقس    وزارة الصحة تحذر من مخاطر ارتفاع ضغط الدم    الفاتيكان يُنَصّبُ البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم    شجرة نخيل تهوي على ضيف بمهرجان كان السينمائي نقل إثرها إلى المستشفى    غدا: غدا: إنطلاق رزنامة اختبارات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    اليوم: الحرارة تصل الى 35 درجة    السخيري هدّاف مع آينتراخت فرانكفورت ويضمن المشاركة في رابطة الأبطال    العدوان الهمجي وتدمير المستشفيات مستمر.. أكثر من 120 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم    المعهد الفلكي المصري يكشف موعد عيد الأضحى    فضيحة "الشهائد المزورة" تهز المغرب.. شبكة فساد تطال حتى القضاء!    الدبيبة.. الككلي كان يسيطر على 6 مصارف ومن يُخَالِفُهُ يدخله السجن او المقبرة    علي معلول يغادر الملعب غاضبا بعد هدف فوز الأهلي المصري على البنك الأهلي    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    وزير التجهيز من نابل ..تقدّم أشغال مشروع طريق قربص بأكثر من 80 %    في انتظار فكّ اللغز .. رفض الإفراج عن فتحي دمق    تونس تدعو لتعزيز التعاون العربي في قمة بغداد التنموية الاقتصادية الاجتماعية    بعد طغيان المادة على كل المبادئ .. الربح السريع يسقط القيم    يوم دراسي للترويج للسياحة بالقصرين    قريش بلغيث رئيس مجلس إدارة شركة التجميع بالقيروان ل «الشّروق» الأولوية لتخزين القمح    المهدية...حجز 500 قطعة حلوى مُسرطنة    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    تحسّن الوضع المائي في تونس: سدود تقترب من مليار متر مكعّب بعد الأمطار الأخيرة    بوعرادة تحت شعار تراثنا وهويتنا: ايام تثقيفية و ندوات فكرية    صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    مدير تعداد السكان: نحو التشجيع على الإنجاب ومراجعة سياسات السبعينات.. #خبر_عاجل    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    تعداد السكّان: أبرز الأرقام.. #خبر_عاجل    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    القمة العربية في بغداد: حضور مكثف ووزير الخارجية التونسي ينوب قيس سعيد    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    أي مستقبل للمؤثّرين؟    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    









تحرير فلسطين الكامل وعودة اللاجئين حق دائم وغير قابل للتعرف (الجزء الثاني والاخير)
هتلر وموسوليني وبيتان... هم الذين أبادوا 5 ملايين من ذوي الديانة العبرية والمسيحية والديانات الأخرى
نشر في الشعب يوم 28 - 10 - 2006

كتبت هذا النّص منذ أربعة أشهر في افريل 2006 وكان من المفروض أن يقدّم في «مؤتمر عربي دولي للتضامن مع حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه هذا المؤتمر الذي كان من المفروض أن يعقد في بيروت يومي 15 و16 ماي 2006 .
لكن في نهاية شهر أفريل 2006 قرّر منظّمو المؤتمر لأسباب عديدة تأجيله إلى موعد لاحق .وبعد مرور شهر عن العدوان الصهيوني المجرم والهمجي ضدّ الشعبين اللبناني والفلسطيني يبقى هذا النّص في صلب الحدث جديرا حسب اعتقادي بأن ينشر ويوزّع، وهو ما أقوم به اليوم لأؤكّد مرّة أخرى على أنّ السلام الحقيقي والطمأنينة، والأمن، والحريّة والمساواة، والعدالة، لا يمكن تحقيقها واستتبابها بصفة طبيعيّة ومشروعة في هذا الشرق الأوسط الذي يتعرّض للعدوان والنهب والهيمنة والاحتلال الأجنبي إلاّ بالتحرير الكامل لفلسطين من الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة إلى إيلات على البحر الأحمر، ومن حيفا إلى القدس، ومن تل أبيب إلى أريحا، ومن نابلس إلى غزّة، إلاّ إذا استعاد كلّ الفلسطينيين وكلّ اللاجئين منهم في عديد البلدان من العالم وبصورة كاملة ممتلكاتهم، ومنازلهم القديمة ومقابرهم وأراضيهم ومصالحهم العموميّة.
ولا يسعني أن أختم هذه الأسطر إلا بالتعبير مجدّدا عن قناعتي العميقة بأنّ فلسطين سوف تكون بعد عشر سنوات أو خمسين سنة حرّة بالكامل وسوف تتخلّص نهائيا من أولئك الذين ألحقوا بها إساءة كبرى. وإذا كانت قناعتي هذه تبدو للبعض مثاليّة أو طوباويّة، فإنني أفضّل أن أموت وأنا على قناعتي وحلمي هذا.
ج/ع
« («بعد أن بحث عن أرض تدعى «الموعودة» بين أوغندا والأرجنتين، وقع اختيار «تيودور هرزل»
(Théodor Herzel) على فلسطين، كنعان القديمة للملكين داوود وسليمان. ولإقناع القوى العظمى الغربية أصدر هرزل في 14 فيفري 1897 كتابه « دولة اليهود « وقد وصل به الصّلف لإعلان ما يلي : «
بالنسبة لأوروبا سوف نكون هناك (في فلسطين طبعا) جزءًا من حصن ضدّ آسيا، سوف نكون الحارس المتقدم للحضارة ضدّ البربريّة «
وهكذا كشف هرزل منذ الوهلة الأولى عن معاداته لفلسطين والعرب، تلك المعاداة التي غذّاها وطوّرها وضخّمها الصهاينة بعده. لكن، في الواقع، وُجدت البربريّة بعيدا جدّا عن ضفاف نهر الأردن. وُجدت في روسيا «بوشكين» (Pouchkine) و»تولستوي (Tolstoy) وفي بولونيا «شوبان» (Chopin حيث كانت المذابح الجماعية تقترف يوميا. ووُجدت البربريّة في منتصف القرن الماضي في قلب أوروبا في ألمانيا «غوتَه» (Goethe) و»بتهوفن» (Beethoven) في محتشدات الموت المريعة وفي بيوت الغاز والأفران البشرية أين تمت طيلة اثنتي عشرة سنة من 1933 إلى 1945 بأيدي حكومات أوروبيّة (أؤكّد أوروبيّة) إبادة أكثر من خمسة ملايين من البولونيين والروس والألمان والفرنسيين والمجريين...الخ وكلّهم أوروبيون (أؤكّد أوروبيون) من ذوي الديانة العبرية والمسيحية والمذاهب المختلفة. يجب أن نمنع الصهاينة من الاستغلال غير المشروع للإبادة الجماعية ولقتل ملايين النساء والرجال والأطفال من الديانة العبرية والديانات المسيحية .يجب أن نقول للأجانب الذّين جاؤوا منذ حوالي أكثر من نصف قرن لإحتلال فلسطين: هذه الأرض ليست لكم. وكذلك نقول للرأي العام في أوروبا وأمريكا : إن مقترفي هذه الجرائم هي الحكومات الأوروبية، هتلر وموسوليني والماريشال بيتان..الخ يجب أن نذكّر بأن الناجين من هذا الجحيم وسلالتهم لهم حقوق غير قابلة للتصرف ودائمة. لهم أوّلا، الحق في العودة إلى أوروبا بلدهم الأصلي. ثم لهم الحق في جبر الضرر واسترجاع المقابر أين دفن أجدادهم وأمهاتهم وآباءهم. هذه هي التعويضات الدنيا التي يستحقّها ضحايا العنصرية وكره الأجانب، وهذا هو ما يقوم به حاليا كثير من الألمان الذّين يغادرون فلسطين المحتلة للإقامة من جديد في برلين أو فرنكفورت. يجب التذكير دائما بلا انقطاع بأنّنا لم نسجل أبدا إقدام أي فلسطيني أو عربي على رمي إنسان من ديانة عبريّة أو من أجل دين عبري في فرن الموت أو بيوت الغاز. كما يجب التذكير دائما أنّه في سنة 1941 وفي خضم الحرب العالمية رفض ملك عربي هو ملك المغرب محمد الخامس والذي كان بلده محتلاّ من طرف الجيش الاستعماري الفرنسي، رفض وبشجاعة كبيرة أن يمتثل لأمر الحكومة الفرنسية بتطبيق القوانين التمييزية المعادية لليهود في بلده صارخا في وجه الجنرال شارل نوقاس « لا تمسّوا يهودنا «. يجب الحديث دون أي حرج أو ممنوعات عن الإبادة الجماعية التي تمت في أوروبا والتي لا تستثني أي شعب فيها، والتي تبقى حصريّا ومن دون أدنى شكّ قضيّة أوروبّية-أوروبّية. وعندما نتوفق في يوم من الأيام إلى افتكاك هذه الإبادة من أيدي الصهاينة، الذين يحتكرونها، لإدخالها في إرث الإنسانية جمعاء، عندها سوف يحقق الشعب الفلسطيني نصرا عظيما.
عديدون هم الذّين يعلقون ويكتبون ويحللون ويتحدثون عن مفاوضات وأجندات ومسارات وهدنات واتفاقيات وسلام الشجعان. صحيح أنّ كل النزاعات والحروب حتى أكثرها ضحايا قد انتهت بإبرام اتفاقيات سلام. لكن صحيح أيضا أنّه توجد أشكال كثيرة لإتفاقيات السلام. هناك اتفاقيات سلام مع إدماج جزئي أو ضياع لجزء من الأرض، أو اتفاقيات أخرى مع تنازلات عن بعض المناطق، أو مع سيادة منقوصة، أو محدودة. وبالفعل ففي هذه الاحتمالات وغيرها يتعلق الأمر بسلام هجين، أفرغ من معناه وغير دائم، وغير مؤهّل للبقاء لأن الشعب، أي شعب، لا يمكنه العيش إلاّ حرّا بصفة تامّة وكاملة غير محدودة ولا منقوصة .هذه هي حال الشعب الفلسطيني في الوقت الحاضر. هذا الشعب الذي من حقه رفض الشروط والتحديدات المفروضة عليه لاستحقاق تحرره، فهو يريد أن يكون تحرره كاملا وشاملا ونهائيا. فسلام الشجعان لم يكن ممكنا في فرنسا إلاّ عندما تحرر كل شبر وسنتمتر مربع من أراضيها من الاحتلال الألماني النازي سنة 1945 سلام الشجعان لم يكن ممكنا إلاّ عندما تحررت الجزائر بصفة تامة وكاملة سنة 1962 بعد 132 سنة من الاحتلال والهيمنة الاستعمارية الفرنسية. سلام الشجعان لم يكن ممكنا إلاّ عندما اعترفت فرنسا سنة 1956 باستقلال تونس بعد 75 سنة من الاستعمار. سلام الشجعان لم يكن ممكنا في إفريقيا الجنوبية إلاّ عندما تغيّر حكم البيض وحلّ مكانه «هيكل» سياسي طريف يتمثل في حكومة يرأسها رجل الدولة الإفريقي الفذّ نيلسن منديلا الذي قضى 25 سنة في سجون الميز العنصري. وهكذا فإنّ السلام الحقيقي في فلسطين لن يكون ممكنا إلاّ بعد استرجاع الشعب الفلسطيني كل حقوقه وعودة كل اللاجئين .58 سنة من الهيمنة الأجنبية، 58 سنة من الموت والسجون والجوع والحرمان. إنّه أمر في غاية القسوة. لكنّ هناك حقيقة ثابتة هي أن الفلسطينيين-كل الفلسطينيين- لم يصابوا بالتشاؤم، واليأس، والإرهاق، ولم يفقدوا الأمل. إنّه حبّ الوطن، إنّه الوفاء للقدامى والواجب نحو الأبناء. إنّها البطولة اليوميّة التي يتحلّى بها المناضلون وليس من باب الطاعة أو الولاء لقائد أو زعيم. إنّ للفلسطينيين سلاح قوي جدّا وذو نجاعة لا مثيل لها : لهم نظرة المقهور الذي افتكت أرضه. أعتقد أن الصهاينة في أرض فلسطين لا يخشون كثيرا المتفجرات أو طلقات الروكات بقدر ما يخشون أكثر فأكثر النظرات التي تطوقهم من كل جانب، النظرات التي تلاحقهم وتحيط بهم وتقطع أنفاسهم. إنّها نظرات تجعلهم دوما يرتعدون. إنّهم ينامون تطوّقهم نظرات المضطهدين الذين يطمحون -وهم على صواب- لتحرير بلدهم. إنّ الزمن يمرّ ويبقى الفلسطينيون متمسكين بحقهم ومتسائلين عن اليوم المنشود الذّي سوف يتحقق فيه تحرير بلدهم. إنّي على يقين أنّ هذا التحرير سوف يتحقق لأنّه لا يمكن إقامة أيّ بناء دائم على أساس من الظلم. واحتلال فلسطين من طرف أجانب هو مظلمة المظالم. لقد أقام الهولنديون سنة 1657 حكم البيض في إفريقيا الجنوبية على أساس الفصل العنصري والعبودية بقيادة «فان ريباك» (Van Riebaeck). ولقد دام هذا الاحتلال وهذه الهيمنة أكثر من 330 سنة، قرابة ثلاثة قرون ونصف. والآن تحرر هذا البلد. إنّه بلد حر ويتمتع شعبه بالديمقراطية. هناك بلد آخر في أوروبا هو بولونيا، فبين 1772 و1945 قرابة قرنين، اقتسم هذا البلد خمس مرّات بين جيرانه، في 1772، 1773، 1795، 1815، 1939، ولم تكن حدوده دائمة أو مستقرّة وتغيّرت مساحته في عديد المرّات. لكن شهد هذا البلد خمس انبعاثات. وهكذا لم تلغ .بولونيا أبدا من خريطة أوروبا ويعيش البولونيون اليوم على ترابهم الوطني المستعاد. إن التحرير الكامل لفلسطين قد يتحقق خلال السنوات القادمة كما قد يتحقق بعد خمسين أو مائة سنة لكنّه سوف يتحقق لا محالة. إنّ الشعب الفلسطيني بفضل وحدته وعزمه وشجاعته وقدرته على التحمّل سوف يفرض على الأجانب المغتصبين القادمين من بعيد سلام الشجعان الحقيقي والتّام. سوف يتوصّل عندئذ إلى إيجاد الصيغ المبتكرة والخصوصية لبناء فلسطين جديدة أساسها الديمقراطية والتقدّم والعدالة الاجتماعيّة والحداثة والشفافية والأخلاقيات السياسية. سوف يجعل هذا الشعب من فلسطين الحرّة مثالا ولِمَ لا نموذجا لكل شعوب المنطقة التي تخضع دائما لحكام وحكومات يحافظون على سلطتهم بقتل الديمقراطية وخنق الحريات والتعذيب والسجون وعلاقات القربى والانتخابات المزيّفة والفساد والوشاية والسلطة اللامحدودة للشرطة، ولا ننسى أيضا دعم وحماية القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الأنظمة.
* * عندما نتناول الاحتلال الصهيوني لفلسطين فإنّنا نضطر بطبيعة الحال إلى الحديث عن أصول المنتمين للديانة اليهودية. في حين أنّه خلال القرون التي سبقت الإسلام كان سكان المدينة وصنعاء وعدن الذّين يمارسون ديانة موسى من العرب المتهودين، لكن غالبية الأوروبيين المعتنقين للديانة العبرية ينحدرون من مملكة الخزر القوقازية. نجد أيضا ديانة الملكين داوود وسليمان عند اليابانيين، والأندونسيين وأقوام الفلاشا والفولاتي في إفريقيا وعند شعوب أخرى. يجب الرجوع إلى الكتاب الضخم الذّي يحتوي على أكثر من 500 صفحة ل «موريس فيشبارك» (Maurice Fishberg) «اليهود»(Les Juifs) (1911) سوف نجد فيه أكثر من 150 صورة لليهود من مختلف البلدان والأنماط. كلّ هؤلاء الناس في نظر الصهاينة وأصدقائهم هو «الشعب اليهودي»، شعب «نقي وقوي» ذي تسمية «مسجّلة ومضمونة» شعب أصاب الإيطالي «لوريس كاليكو» عند تسميته : «لا وجود له أو لم نعثر عليه» لا علاقة له بالتعريف الذّي قدّمه المؤرخ والسفير الصهيوني «إيلي برنافي» (Elie Barnavi) والذّي زعم
أنّ البربر والعرب والخزر والأفارقة واليابانيين والأندونسيين «شعب قديم» :»قرّر أن يتحوّل إلى أمّة عصريّة...وأن يعود إلى بيته ويضع حدّا لحقبة تاريخيّة ضاعت أصولها في العصور الغابرة» (
لومند -10/9/1993 .ے Le Mondeے/) إنّه بالإمكان تحطيم نظرية «الشرعية الذاتيّة» التي يدعيها الصهاينة. إنّه بالإمكان إقناع الرأي العام العالمي وخاصة الرأي العام الأوروبي والأمريكي بأنّه ليس من حقّ أحد الحديث عن «شعب يهودي» خيالي وأسطوري وغيبي. فأعمال الباحثين واستنتاجاتهم تدحض هذا التزييف الفاحش. أكثر من ذلك، كثير من المواطنين في بلدان مختلفة من ذوي الديانة العبرية أو ممّن لهم أصول دينيّة عبرية حكموا بلدانهم. فهل يدّعي الصهاينة أنّ رجال الدولة هؤلاء كانوا وسيظلون قبل كل شيء يهودًا يعني لو كانوا على قيد الحياة لكان عليهم أن يبايعوا الدولة العبرية التي أقيمت بالقوّة والظلم على أرض فلسطين. لنأخذ بعض الأمثلة عن هؤلاء الرجال:- في بريطانيا تولّى «بنيامين ديزرايلي» منصب وزير أوّل لمدّة ثماني سنوات بين 1867 و1880.- «لويجي لوزاتي» تولى في مناسبتين رئاسة الحكومة الإيطالية قبل دخول بلاده في الحرب 1914-1919 .- في فرنسا تولى «ليون بلوم» منصب وزير أوّل في 1936 ثمّ في 1946 وكذلك «منداس فرانس» في 1954.- بعد الحرب العالمية الثانية، تولى «برونو كرايسكي» لسنوات طويلة منصب مستشار ووزير أوّل النمسا.- بعد هزيمة الفاشيين الإيطاليين، تولى «موريسيو فالانسي» منصب شيخ مدينة نابولي وهي مقاطعة كبرى.
بعد هذه الأمثلة كيف يمكن الإدّعاء بوجود «شعب يهودي» ؟ فهؤلاء الرجال كانوا متشبّثين ببلدانهم، وكانوا فقط انكليز وإيطاليين وفرنسيين ونمساويين.* * أعتقد أنّه من المفيد أن أقدّم إليكم تصريحات أحد منظري الصهيونية «روفين» (Ruffin) الذّي كتب سنة 1920 ما يلي :»
إنّ انهيار المعاداة للسامية سوف تؤدي إلى انهيار الصهيونية. لذلك فإن معاداة السامية يجب أن تبقى أهم عامل مشاغب لفائدة الصهيونية». يهود العصر الراهن» . .ےLes juifs du temps présent) وهكذا كان الصهاينة في حاجة دوما إلى العنصريّة لتطوير نشاطهم. في حين أنّ أحد المثقفين الفرنسيين كان يدافع دوما عن القضايا العادلة وهو «فيليب دوما» (Phillipe Daumas) الأستاذ المحاضر بجامعة مونبولي 3بعث لي برسالة في جويلية1997 ، أقدّم لكم مقتطفا منها وفيه وجاهة لا شكّ فيها : « إنّ الأيديولوجيا الصهيونية تقوم على ثلاث مسلّمات : 1.
أن كل يهود العالم يشكلون «شعبا» بالمعنى السياسي للكلمة.2. أن هذا «الشعب» كان دوما وفي كل مكان مطاردا.3. أن هذا «الشعب» في حاجة إذن إلى دولة. وبالنسبة لي، هذه المزاعم الثلاث كاذبة للأسباب التالية :
-1 اليهود لا يشكلون «شعبا» بالمعنى السياسي للكلمة. فعلى العكس من ذلك هم ينتمون إلى شعوب مختلفة يعيشون في صلبها. فاليهود الفرنسيون ينتمون مثلي تماما إلى الشعب الفرنسي.2. لقد عرف اليهود خلال التاريخ مطاردات رهيبة بلغت أوجها بمحاولة إبادتهم جماعيا على أيدي النازيين. لكن غير صحيح القول بأنّهم كانوا دائما مطاردين وفي كل مكان. وأسوق على ذلك مثالا واحدا : عندما كان البابوات يقيمون في أفينيون (Avignon) وضعوا يهود مقاطعة «فينيسان (Venaissin) (بجنوبي فرنسا تحت حمايتهم فلم يُضطهدوا.3. لا أرى العلاقة المنطقية بين المطاردة وضرورة إنشاء دولة. إلاّ إذا سلّمنا أنّ الردّ الوحيد على الاضطهاد هو إنشاء دولة . إنّ هذه المواقف ومواقف أخرى كثيرة يمكن أن تمثل حججا لتقويض النشاط الصهيوني ولإنارة الرأي العام بمختلف أصنافه.
وفي الختام أريد أن أؤكد مجدّدا لأخوتنا الفلسطينيين مساندتي التامة لهم. يمكن أن تكون لكلّ منّا تحاليله ومقارباته ومواقفه التي قد لا تتوافق بالضرورة مع مواقف ومقاربات وتحاليل الفلسطينيين، لكنّنا سنكون دائما وأبدا إلى جانبهم. وفي كلّ الحالات أعتقد جازما أن الكلمة الأخيرة والقرار النهائي هو للفلسطينيين وحدهم (نعم للفلسطينيين وحدهم دون سواهم). فهم ليسوا في حاجة إلى نصائح ولا إلى نصحاء. فنحن، غير الفلسطينيين، علينا أن نقدّم للفلسطينيين الدعم المتواصل ونعبّر لهم عن التضامن الشامل. نحن، غير الفلسطينيين، يجب علينا أن نتصدّى بكل قوانا إلى كل تطبيع لعلاقاتنا مع الدولة الصهيونية، وأن نمنع أن يرفع علم هذه الدولة المغتصِبة في سماء عواصمنا.

تذكير:
في الجزء الاول من مقاله تحدث الصديق جورج عدّة اولا عن معنى بعض المصطلحات مثل المجموعة الدولية والشرعية الدولية والقانون الدولي.. وكيف انّ الفلسطينيين كانوا ضحايا هذه الشرعية...
كما تحدث عن أصول اليهود وخلص الى ان ليس هناك شعبا يهوديا ولا لأمّة يهودية ولا لجنس يهوديّ وبيّن أن الصهيونية أكبر كذبة في التاريخ المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.