صديقتي وعزيزتي السيدة سلوى الشرقي التي لا أعرفها. هكذا أنا أتطفل على أشخاص لا تربطني بهم رابطة عدا ما ينتجون... بعد التحية والسلام وخالص الودّ والكلام... وبعد الحمد لله رب العالمين على نعمة العقل وسلامة ترهات فكر الاخوان وما لفّ لفّهم من الجهلة العمياء والرجعيين التعساء من المفكرين الأصوليين والساسة الفقهاء (ما رأيكم في هذه المقدمة، ألا يُمكن أن أكون فقيها؟) سيدتي سلوى الشرفي، أسألك : لماذا هذا التجني على أشياء لا تفهمينها، وأنت امرأة بلا عقل ولا دين ؟ وما دخلك أنت في الدولة والشريعة ومنزلة المرأة ؟ هل دور المرأة هو السفسطة والسفور والتعرّي، وإلقاء المحاضرات في الجامعات؟ والأخطر أن الإبحار على الانترنات من الموبقات والمحرمات ... اللهم أعوذ بك من المرأة والشيطان الرجيم. يا سيدتي الفاضلة، عليك ان تبسملي وتحوقلي وتعتذري للسادة الفقهاء، وتعودين الى الخنّّ لتفقيس الأطفال وتقشير البصل والبطاطا، وكفى بالله شهيدا. لا بدّ أن تكوني كشيءلتجميل واجهة البيوت... وسادة للاتكاء وللجنس... لوحة لإكمال المشهد البروتوكولي الاجتماعي. ودعنا نحن الرجال الفحول، نفكر لك وعوضا عنك ... ما أكثر الأوصياء في هذا الوطن. السلطة وصية على أفرادها الجهلة العمياء الذين ما زالوا لم يُدركوا عمر النضج السياسي، ولا قدرة لهم على الانتخاب والتصويت والتعبير واختيار من يحكمهم. ورجال الدين أوصياء على الجميع، ليفكروا عوضا عنهم : كيف يلبسون ويأكلون ويضاجعون و... ولا شيء غير الحديث عن الخمار وما يقرأ على القبور والتمسك بفوائد اللحية ومزاياها. هل توقفت قضايانا عند هذه التفاهات ؟ ثم لماذا يصرّ هؤلاء الأغبياء على التدخل في التفاصيل ؟ هل يجب ان نتكلم بإذن ونصرّح بإذن ونتغوط بإذن ونضاجع بإذن؟ وكم من شيوخ غدوا بيضا مفارقُهم يُسبّحون وباتوا في الخَنَى سُبُحا هكذا قال المعري، وقال ما قال في الدين والمرأة والسياسة. ولم يقتل أو يطارد، في أحلك فترات الواقع السياسي والاجتماعي ... أواخر القرن الثالث والرابع. أما الآن، والحضارة أدركت أوجها، مازالت المنابر تحرم وتكفر وتتهم بالالحاد والمروق والردّة. لا بدّ إذن ومن أجل حكمتهم الإلهية الفردوسية أن نحاكم كل المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين. لا بد ان نعقد محاكم تفتيش، ونحضّر غرف الغاز لحرق طه حسين ومحفوظ ومرسال وليلى عثمان وهدى شعيب وسلمان رشدي وحيدر حيدر وأولاد احمد ... وآلاف المثقفين الذين لا قدرة لذاكرتي على استحضارهم. هكذا نكون شرعنا في اعادة تعريف مفهوم الهولوكوست . من مفهوم عنصري للمحرقة الى مفهوم ديني أصولي ظلاميّ. إن ما تقوم به سلوى الشرفي من مجهود علمي وفكري، حريّ بأن ننوه به ونسعد بوجوده في الساحة الثقافية التونسية. على غرار ما حركت رجاء بن سلامة من مياه راكدة مست الفكري والعقائدي والاجتماعي. دعونا نفكّر كما نرغب ان نفكر، وكما نستطيع ان نفكر وفق الشروط الانسانية والجمهورية لمفهوم التفكير. ولمفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. نحن ضدّ الظلامية والوصاية وتغليف الحقائق بالدين، لأننا ببساطة نريد أن نكون فاعلين على هذه الارض، وفي الوطن. ننظر في شؤوننا الفكرية والاقتصادية والسياسية ... ندافع عن حرية الرأي والتفكير والتداول على السلطة. ونقف ضدّ الوصاية والقمع وتكميم الافواه. مازلنا نلوك الترهات، وكأننا في عهد صاحب الحمار، والغرب/ الآخر يوجّه أقماره الصناعية وصواريخه الى أصداغنا. ويزداد الحصار علينا من كل الجهات ... الارض تضيق بنا، ونحن مازلنا نفتي في عورة المرأة والحجاب واللحيّ. ما أبعد قدراتهم العقلية عن قدراتنا الجنسية. أقول أخيرا لسلوى الشرفي ولرجاء بن سلامة ولراضيا نصراوي ولكل التقدميين والتقدميات أننا على الدرب الصحيح (وأنتم تعرفون) ولنواصل مهما عظم القمع واشتدّ البلاء. ومهما أزبد وأرعد السادة الفقهاء . ولتعلموا ان المثقف دائما تحت مكواة الدولة وسلطة الدين، إما تدهسه هذه أو تحرقه تلك. مع ذلك للنفق نوره مهما طال الظلام.