في هذا الزمن الوغد، حيث تتكلس الاشياء بامتياز وتتضخم الحشرات الى حد الدنصرة «الدينصور» يصعب عليك ان تحدد الاشياء، وجنسها وطعم اللغة ولون الحلم. ... الاشياء تتضخم او تتقزم. هل أبدأ بأصدقائي الخلّص؟ كما يقول صديقي الشاعر «إيكاروس»؟ نعم وليعذورني... لكن عندما يعلمون ان تنفيذ فعل القتل فيهم أفضل من بقائهم أحياء يقتاتون من حسناتي / نفاقي الممرغ بأنسجة التسلق والانتهازية. ان تكون صديقي، يعني ان تقبل صفعاتي وصراحتي الجارحة الى حد النذالة. فلأكن نذلا، لأقسو عليك وتبقى صديقي. ان أنظر لنصوصك على انها المُنزّل، بمجرد ان تهديني مجموعتك الشعرية الاولى او القصصية، مضمّخة بخط يدك على الصفحة الاولى: ... الى صديقي العزيز، مع حبي... أو ربما: الى أخي فلان... او من صديقك الذي لا ينساك أبدا... أتفرس في خزعبلاتك تلك، وأغمرك بكل عبارات المديح والنبوغ والدكترة. فلتكن صديقي، أما ان تطلب مديحا، فإني قاتلك لا محالة. التلاميذ الطيعون جدا، والظرفاء جدا والبصاصين جدا والزنادقة الكرام جدا و.. و.. يقتطعون من زمنهم غير القابل للتحديد، عشرات الساعات يتفرسون يمحصون.. يدرسون.. وأخيرا يشكرون أساتذتهم الكرام. ومنها نفهم اي نوع من النصوص الشعرية والروائية والقصصية تلك التي اكتسحت ساحتنا الثقافية دون إذن، واغتصبت رفوف المكتبات العامة والخاصة لمكتشف ان لا شيء يعتريها من الابداع غير سلطة اصحابها الاكاديمية، ولعل استاذنا محمود طرشونة خير شاهد على ما نقول. إذن، هل نقتل التلاميذ ام الاساتذة / القساوسة الكرام؟ وزعوا المشانق او الرصاص النقدي امام الكليات والجامعات لتقصي هؤلاء البراغيث من صوفنا الابداعي الصافي. على خطى محمد لطفي اليوسفي الذي صرح ان لا تجربة شعرية تونسية، أقول ان لا تجربة نقدية تونسية فلو استثنينا احد الذين انفرط كحبة من عقد فيروزي وهو الذي ذكرت «محمد لطفي اليوسفي» فان البقية ما زالت اقتداء بالاغنام تجتر علف أدو نيس ومحمد بنيس وكمال أبو ديب وصلاح فضل والبنيوية والتداولية والسيميائية «هذا إن فهموها...». ولا أحد خطا الخطوة الشجاعة واخترق الحاجز الناري ليؤسس خطابا نقديا محرجا ومربكا، على غرار ما قدمه اليوسفي. ان انصار الادونيسية هؤلاء، يستحقون القتل رميا بأدواتهم تلك الضاربة في القدم، بفعل التكرار والاجترار الى حد القذارة. قل هذا شاعر مر من هنا.. قل ذلك الناقد مر من هنا.. أخدش الصخر وأمرّ... أعربد وأمر... أبصق وأمرّ... أشتم وأمرّ... أعبث... أرفس... أبكي ... أنتحر ... ولكن لن أرتدي جبة عثمان أتزيا بها. قد أكون عاريا، لكنه عرائي أنا. ولو أنتجت التفاهة، فهي تفاهتي وملكي وابداعي «لو صحّ عليها الابداع». لكنه «أنا» .. أدافع عنه، وأتحمل مسؤولية أخطائه وفعلا يصح في فعل القتل لو كنت حمارا يحمل أصفاره «من الصفر». أحترم العظماء كثيرا، والتافهين ايضا لأن ذلك الصنف الاول قدم ما يحترم لأجله وان الصنف الثاني «بعضهم» يناضل كي يخرج من رتبة الحيوانية. لكنني افضل دائما قتل العظماء أولا: أغتال درويش، وأقتل قباني، وأدس السم لأدو نيس وألبياتي وعفيفي مطر و... لأننا نموت بسببهم كل مرة الف مرة، ولأن نصوصهم تترصدنا في المنعطف. لكننا نعلم ان أتباعهم من الردة والتسلقيين، يحلو لهم دائما حشر كل خطاب بأسماء هؤلاء كالبسملة. وان الدرس الأكاديمي، لم يستعض عنهم بغيرهم من جيل مغاير، بيولوجيا ومعرفيا. .. ولن أقتل من يناضل لينهض ويرتقي لأن التغاير قد يأتي على أيديهم. الحالة في بطحائنا الثقافية، كثرة العظماء الذين أنبتوا صبار إبداعهم / خزعبلاتهم على أصداغنا، كأولاد أحمد الذي مات شعريا، ومنصف المزغني وعبد السلام لصيلع و... و... كان يمكن ان أقتل ألشابي ايضا أسوة بقباني ودرويش وللتاريخ فقط لم يكن الشابي خيرة شعرائنا ... لماذا هذا الاهتمام الهائل بهذا الكائن. ماذا لو أنبتت أرضنا «السياب» أو «درويش» أو «ناظم حكمت...»؟ مع ذلك أقول للسادة الأكاديميين طوبا لكم، ما دمتم تقتاتون على أنخاب الموتى في نصوصكم القروسطية للدرس الاكاديمي وللمهرجانات الشعرية. نفس النصوص والترهات... هذا خجل يفترض البكاء. ... وانتحر كما انتحر الذين من قبلي حسرة على هذا الواقع الثقافي المضمخ الى حد التشوّه بالتسلقية والمداهنة والتزلّف. انهم سماسرة الثقافة، ولا معاول لي لهدم هذا البناء... ... التاريخ فقط كفيل بحسم المسألة.