شرعت قاعة «افريكا آر» مساء الاثنين 14 جانفي 2008 في تقديم احدث انتاج سينمائي لشركة فاميليا للانتاج وهو فيلم «جنون» سيناريو جليلة بكار والفاضل الجعايبي عن يوميات خطاب فصامي لناجية الزمني وتمثيل جليلة بكار ومحمد علي بن جمعة وفاطمة سعيدان. فيلم «جنون» الذي تم تحويله من عمل مسرحي الى عمل سينمائي يقدم معالجة نفسانية تتعرف في مستشفى الرازي على «نون» وهو شاب فصامي فقير ومنحرف فتعيش معه مغامرة علاجية وانسانية استثنائية بتحديها للمؤسسة الصحية ومواجهتها لعائلة المريض المتشردة والعنيفة وبمجازفتها لذاتها الناقصة مثلما ورد في التقديم الفني للفيلم. فيلم جنون الذي تم تصويره بمؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية في المقر الجديد والذي لم تتجاوز تكلفته 250 مليونا ونال السنة الفارطة جائزة الجمهور (وهي اهم جائزة) في مهرجان سينمائي بسويسرا وكذلك بمهرجان ثان في فرنسا، اكد ان اختراق المكان وتفكيك دلالاته وايحاءاته هو المدخل الحقيقي للوقوف على قيمة الخراب المعمم، فمستشفى الرازي كمكان معزول ظاهريا على مساحة 164 الف كليومتر الا مثالا حيا ومحيلا على طبيعة الجغرافية النفسية لأكثر من 10 ملايين مصاب بفصام. حرارة الركح الذي احتضن حالات وانفعالات المصاب ووصفات الطبيبة النفسية لم يخب داخل أثير الشاشة الكبيرة ذلك ان الجدران الباهتة لمؤسسة الاذاعة والتلفزة تكفلت وحدها بتكثيف المشهد وافاضته بركام كبير من الخراب الروحي والدمار النفسي لنماذج قد تبدو ضئيلة في المجتمع غير انها هي المجتمع برمته... هي صورته الحقيقية وعمقه الذي نواريه مجازا في الشارع والتلفزة والاذاعة والمدرسة وفي كل المؤسسة... المؤسسة التي شرّحها ميشال فوكو وفكّكها جاك دريدا ورولان بارث فاقتنصها الفاضل الجعايبي وجليلة بكار ليقفا على تلتها وينثرا ملايين نقاط الاستفهام والتعجب... ركحا... فشاشة...