الندوة الصحفية التي عقدتها الجامعة العامّة للتعليم العالي والبحث العلمي صباح السبت الماضي بدار الشغّالين بالعاصمة، كانت لها أهداف واضحة ومرام دقيقة عكست رؤية الاتحاد العام التونسي للشغل والجامعة العامّة للتعليم العالي والبحث العلمي من القانون التوجيهي الذي يرتبط بالاصلاح ومن التعليم الذي يرتبط بالشأن المجتمعي. هذه الأهداف والمرامي عكستها الكلمتان الصادرتان من المرجعية النقابية في بعديها المركزي والقطاعي حيث بيّن الأخ محمد السحيمي الأمين العام المساعد المسؤول عن الدراسات والتوثيق في مستهل مداخلته منزلة التعليم في سياسات اهتمام الاتحاد العام التونسي للشغل منذ الاستقلال على اعتباره يتنزّل في صميم العلاقة الجدلية التي تعمّق الروابط بين الموارد البشرية واهتماماتها وتضحياتها على حدّ السواء، مؤكّدا في السياق ذاته أنّ التعليم ظلّ نقطة القوّة لبلدنا ومرتكزه الجوهري في السياسة الاجتماعية والتنموية عامّة. وقد ازداد اهتمام الاتحاد العام التونسي للشغل بملف التعليم في هذه المرحلة بالذّات المتّسمة بتأثيرات العولمة وانعكاساتها والتي حوّلت هذا الملف إلى قيمة مضافة للاقتصاد اللاّمادي. واستعرض الأخ محمد السحيمي ما اختمر داخل فضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي من أفكار ومقاربات واضافات عند عرض مشروع القانون التوجيهي على أنظاره. وقال الأخ محمد السحيمي أنّ طبيعة دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاستشاري ليس ذا تأثير في المسارات التي يشهدها هذا المشروع بداية من صياغته داخل الوزارة المعنية مرورا بعرضه على أنظار المجلسين.. النوّاب والمستشارين. وانتهى الأخ السحيمي إلى ابراز تفكّك العلاقة بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعة العامّة للتعليم العالي والبحث العلمي على صعيدي الحوار والاستشارة والتعاقدية. إذ أنّ الأخيرة لم تعرف حوارا مباشرا مع سلط الاشراف إلاّ عبر ما تقدّمت به من مقترحات وتصوّرات كتابية. موضّحا أنّ هذا المنحى يعكس ضمنيا رغبة في تهميش الباحثين والمبرّزين والجامعيين في قضيّة ترتبط بهم أشدّ الارتباط وقد أكّدتها مسألتا التمثيلية والاقتراع الواردتان في مشروع القانون التوجيهي ومن جانبه بيّن الأخ سامي العوادي الكاتب العام للجامعة العامّة للتعليم العالي والبحث العلمي أنّ هذا المشروع لا يتجاوز فقط نقابة القطاع ومكوّنات الجامعة، بل أيضا يسعى إلى تجاوز سلطة المنظمة الشغيلة وصلاحياتها في الملفات الاجتماعية، موضّحا أنّ بلادنا قد شهدت منذ الاستقلال اصلاحين: الأوّل استمرّ أكثر من ثلاثة عقود والثاني قضى عقدين كاملين. مضيفا أنّ المشروع الجديد يهتم بالمسائل التالية: التنظيم العام. تنظيم الجامعات. طرق تسيير مؤسّسات التعليم العالي. تنظيم مسألة البحث العلمي في الجامعة التونسية. وقد قدّم الأخ سامي العوادي مقاربة منهجية تناولت شكل القانون «المزمع تمريره» وجوهره على حدّ السواء منطلقا في ذلك من البعد المفاهيمي أو من الصياغة المفاهيمية المستعملة في المشروع، حيث اعتبر أنّ جملة المفاهيم المستعملة تنصهر في اطار الاستراتيجية العالمية لتحرير الخدمات وتعكس الشروط التي تفرضها على هذه الأخيرة عند مرحلة التمويل بالأساس واستعرض الأخ الكاتب العام أبعاد ومؤشّرات المفاهيم المستعملة في المشروع على غرار الجودة والاعتماد والضمان. وعلى صعيد الجوهر لم يخف الأخ سامي العوادي تجاهل سلطة الاشراف لمقترحات الجامعة العامة بما عكس مسعاها في التمشّي الانفرادي خاصّة أنّ الهيكل القطاعي أعدّ مشروعا متكاملا بعد أن نظّم أيّاما دراسية شاركت فيها أعداد مهمّة من الجامعيين في العديد من الجهات. وأضاف الأخ سامي العوادي أنّ الجامعة العامّة للتعليم العالي والبحث العلمي قد قدّمت الوثيقة التأليفية التي أعدّتها في الغرض إلى السادة أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأعضاء لجنة التربية والثقافة والاعلام بمجلس النوّاب حيث توجّه السادة النوّاب إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أشغال اللجنة المنعقدة في الغرض بنحو 60 سؤالا، كما استعرض الأخ سامي العوادي التنقيحات المدخلة أو المقترحات التي تقدّم بها السادة أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي حيث عكست هذه المقترحات تطلّعات الجامعيين ومن ورائهم الرّأي العام الوطني. وتناول الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي جملة المآخذ تجاه هذا المشروع والتي تهدّد ما أبقاه قانون 1989 من مكاسب. هذه المآخذ ارتبطت منهجيا بالصياغة المفاهمية للمشروع وبطرق تمويله التي غفل عنها محرّروه وكذلك مسألة التقييم المتّسمة بالارتجالية والاستنساخ غير الفطن لاعتبارات اثنية وعرقية وعدم التفاعل مع المطالب الديمقراطية للجامعيين وتجاهل خصوصية التعليم العالي والانفراد بالرّأي، خاصّة أنّ مسألة التعليم كما ينص عليهما الفصلان 34 و 35 من دستور البلاد لا يقبل اعتماد الأوامر الوزارية لا سيما على مستوى صيغة ضبط العمل بمقتضى الأوامر.