لقد تعوّد المدرسون بالجامعة على مزاج وزيرهم وخاصة رؤساء الجامعات وعمداء ومديري المؤسسات الجامعية منهم. ويعلم الجميع كيف يعامل الوزير من يخالفه الرأي أو من يحاول ممارسة صلاحياته حسب ما يخوله القانون المنظم للجامعات والمؤسسات الجامعية. وما تعرّض له سابقا عميد كلية الآداب 9 أفريل بتونس من زجر وتهديد بالاقالة أصبح عاديا بالنظر إلى اجتماعات الوزير برؤساء الجامعات ومديري وعمداء المؤسسات الجامعية أو بالمدرسين. كما أنّ ابعاد كبار أساتذة الجامعة بسبب مواقفهم النقابية أو الحقوقية أو السياسية(هشام جعيط، عبد المجيد الشرفي، جنيدي عبد الجواد، عبد الجبار بسيس، عبد القادر الزغل، أحمد ابراهيم، طاهر الهمامي، عياض بن عاشور، وليليا بن سالم...) أصبح كذلك عاديا لا يثير أي انتباه. ممّا شجّع الوزير إلى المضي قُدما في تصفية ما تبقى من علماء تونس باستعمال كلّ الطرق، كانت آخرها حصول أربعة عمداء كليات الطب ببلادنا على توبيخ من طرف الوزير بعد استجوابهم بتعلّة عدم حضورهم اجتماعه بفصة مع عمداء ومديري المؤسسات الجامعية. فهل يعقل أن يوبّخ الأستاذ عبد الجليل الزاوش أحد كبار الجراحين في تونس وعميد أعرق كلية طب بافريقيا والكاتب العام السابق للنقابة العامة للأطباء الجامعيين والذي أفنى حياته في القيام بواجبه نحو وطنه والرقي بالمنظومة الصحية وبالتعليم العالي دون مراعاة الجانب الانساني والأخلاقي؟ إنّ هذه الحادثة الخطيرة تنم عن عداء للمدرسين بالجامعة بصفة عامة وممثليهم المنتخبين بصفة خاصة، وتدخل كذلك في نظرة وزارة الاشراف للجامعة ومكوناتها والتي تعتمد على تدجين الهياكل العلمية وعلى التسلّط وعلى ضرب العمل النقابي وعلى دفع المدرسين للإستقالة من الشأن الجامعي والوطني وعلى دفع الطلبة للتطرّف أو اللامبالاة. فإلى متى سيتواصل هذا الوضع المتردّي في الجامعة؟ وإلى متى سيتواصل رفض الحوار والاستماع إلى مشاغل وتطلعات مكونات الجامعة من مدرسين وطلبة وموظفين وعملة؟