من بين المؤسسات التي تمثل بؤرة توتر للمناخ الاجتماعي في ولاية المهدية هي كلية الاقتصاد والتصرف وذلك لتذمر الاساتذة المتواصل نتيجة تغافل العميد واعراضه عن النظر في مطالبهم واستبداده بالتسيير مع العشوائية. اما عن الانفراد بالقرار فعميد الكلية سحب من رؤساء الاقسام كل سلطاتهم كما تجاوز المجلس العلمي وهي هياكل احدثها القانون المنظم لمؤسسات التعليم العالي واعترف لها سلطات بيداغوجية لكن يبدو وان العميد له موقف مخالف حيث يعمد عند مفتتح كل سداسي الى توزيع المواد على الاساتذة بصفة احادية دون مراعاة لاختصاصهم، كما يختص بإحداث الوحدات وحذفها كلما شاء ذلك دون استشارة المجلس العلمي الذي اضحى مجلسا صوريا. هذا عن فردية القرار اما عن عشوائيته فان جداول الاوقات تحدد عند بداية الدروس وتتغير تباعا دون مسوّغ او احترام لظروف الاستاذ ومصلحة الطالب مما يحدث فوضى لا يستقيم معها سير الدروس الا بعد مدة من الموعد المحدد، كذلك الشأن بالنسبة للمواد التي توزع على الاساتذة في مرحلة ثم يعاد توزيعها في مراحل اخرى، لكل هذا اصبح يوم سحب جداول الاوقات يعرف عند اساتذة الكلية بيوم «القرعة». اضافة للانفراد بالقرار وعشوائية التسيير يعاني الاساتذة من سياسة الكيل بأكثر من مكيال، اذ يختص المقربون من العميد بعديد الامتيازات التي يحرم منها عموم الاساتذة فالساعات الاضافية وتدريس البرامج الخصوصية كبرنامج تكوين المتعاقدين او برنامج التعاون العلمي مع الولاياتالمتحدة وعضوية اللجان العلمية، كل هذا اصبح يسند لفئة من الاساتذة معلومة لدى الجميع والحال ان الامتياز العلمي يشع من اساتذة اخرين لا يملكون من هذه الامتيازات غير التسويف والمماطلة فعلى سبيل المثال استاذ محاضر ذو صيت واشعاع علمي عهدت له الوزارة مهمة الاشراف على وحدة بحث لم يجد من العميد غير الاقصاء من كل اللجان ومن تدريس المرحلة الثالثة، لا بل التأخير المتعمد في توفير ما تتطلبه وحدة البحث من معدات. وتقصى امثال هذه الكفاءات لتسند منح البحث على اساس من العلاقات الشخصية كذلك شأن النقل التي يرخص لها دون النظر لحاجيات الكلية بل لمصالح الافراد وظروفهم الشخصية ومدى تقربهم من السيد العميد. من جهة اخرى يعمد هذا الاخير وبصورة معارضة لتوجه الوزارة نحو تكريس برنامج الجودة، الى تكليف مساعدين متعاقدين بإلقاء محاضرات دون استشارة رؤساء الاقسام الذين لهم اقتراحات مغايرة لعلمهم باختصاص الاساتذة، هذا ولا يعرف رؤساء الاقسام زملائهم الجدد كما يغيب التنسيق بين اعضاء فريق العمل الواحد لان العميد لا يرى ضرورة لكل ذلك. فهل هذا ما تقتضيه الجودة؟ ان تردي الاوضاع الادارية والبيداغوجية حدا بثلة من الاساتذة الى مراسلة الجامعة حتى تكون على بينة من الامر ولتتدخل من اجل اصلاح ما أفسده العميد، غير ان الجامعة أجابت على تشكيات الاساتذة بسياسة الاستجوابات الموجهة لبعض الاساتذة والصمت المطبق على توتر الوضع داخل الكلية حتى اصبح العميد يتحجج بامتثاله لارادة الجامعة من اجل تبرير اخطائه. ان توتر المناخ الاجتماعي داخل الكلية بلغ مداه وعلى ذوي المسؤولية النظر بجدية لتلافي ما يمكن تلافيه.