على إثر مصادقة مجلس النواب في جلسته العامة ليوم 6 فيفري 2008 على مشروع القانون التوجيهي للتعليم العالي رغم ما أثاره من تحفظات ومعارضة لدى عديد الاطراف المعنية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى اللجان المختصة بالبرلمان مرورا بهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل فان الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تتوجه إلى الرأي العام الجامعي والنقابي والوطني بالملاحظات التالية: 1 لقد كنا اعربنا في فترة سابقة عن ارتياحنا لسحب المشروع واعادة احالته على اللجان المختصة في البرلمان بعد ان كان مقررا عرضه على الجلسة العامة يوم 29 جانفي الفارط املين ان تقع مراجعة بعض احكمه المهمة على الاقل الا اننا فوجئنا بعرضه على الجلسة العامة في صياغة تبدو منقحة ولكنها تتجاهل الملاحظات والاقتراحات التي ابدتها عديد الاطراف مكتفية بمجرد تصحيحات شكلية ولغوية لا تمس اطلاقا المسائل الخلافية الجوهرية، ولعل ظروف المصادقة (حوالي 50 نائبا فقط من حوالي 165 حضروا انطلاق الجلسة بعد ان غادرها عديد النواب) خير دليل على اهمية المآخذ والتحفظات في شأن هذا القانون. 2 لقد تمت صياغة قانون بهذه الاهمية البالغة ليحدد الملامح العامة لمنظومة التعليم العالي المستقبلية دون اي تشاور مع الاطراف المعنية ودون تكوين لجان تفكير حوله وبالتالي فهو لا يمكن إلاّ ان يعكس قناعات ورؤى واضعيه وهو بذلك لا يستجيب لاستحقاقات اصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وما تستدعيه من تشاور وتشاركية في صياغة الاهداف والبرامج واليات التطبيق، ولا يرتقي الى مستوى انتظارات المجتمع التونسي من المؤسسات الجامعية في تكوين كفاءات وخبرات طبقا للمعايير الدولية. 3 ولقد اعتمدت وزارة التعليم العالي في صياغة المناهج والبرامج الجديدة (إمد، التقييم، الجودة) انطلاقا من تجارب الجامعات الاوروبية والانقلوسكسونية لكن دون الاحتذاء بهذه التجارب فيما يتعلق بتكريس استقلالية المؤسسات الجامعية والجامعات على المستوى البيداغوجي وكذلك على مستوى التسيير الاداري والمالي، فبقيت دار لقمان على حالها بل سيزيد بؤسها وذلك: لإبقاء القانون الجديد على قاعدة التعيين عوض الانتخاب بالنسبة لمسييّري المؤسسات الجامعية من جامعات ومدارس ومعاهد عليا وعديد الكليات وكذلك بالنسبة لاعضاء اللجان الوطنية. لاهماله كليا مبدأ الحريات الاكاديمية الشيء الذي يفقد استقلالية الجامعة والجامعيين ركيزتها الاساسية كما يُفقد مسألتي الجودة والتقييم اهم شروطهما. لعدم اقراره بعث مجلس أعلى للتعليم العالي الذي تمت المطالبة به من طرف الجامعيين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ليكون الاطار الانسب للتقييم وصياغة الاصلاحات ومتابعة تنفيذها ومساءلة المسؤولين وفي مقابل ذلك سجل القانون الجديد تراجعا بالنسبة لقانون 1989 اذ قام بتحويل الصلاحيات التي كانت موكولة لمجالس الجامعات وهي هياكل ممثلة الى مجلس الجامعات وهو هيكل مركزي لا يضم إلا المعينين من رؤساء الجامعات والمديرين العامين للادارة المركزية بالوزارة. لقد تحملت الجامعة كامل مسؤولياتها رغم اقصائها من التشاور في صياغة مشروع بديل لمشروع الوزارة حظي باستحسان عديد الاطراف سواء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي او في مجلس النواب فضلا عن الوسط الجامعي والنقابي وفي ابلاغ الجدل حول هذا المشروع الى الرأي العام الوطني عبر اتصالات مكثفة وحملة صحفية مسؤولة وهي اليوم اذ تتقدم بخالص الشكر الى كل العزائم الصادقة التي ساندتها في ابلاغ مقترحاتها والدفاع عنها من نواب من مختلف الاحزاب وصحفيين ونقابيين فانها ترجو من كافة الاطراف المعنية في مؤسسات المجتمع المدني ان تعي التحديات التي يطرحها هذا القانون وان تولي المسألة ما تستحق من اهتمام ومتابعة وتأمل كذلك ان يتحمل السادة اعضاء مجلس المستشارين، حيث سيعرض هذا المشروع عليهم قريبا، مسؤولياتهم بما فيه مصلحة الجامعة التونسية وكل المتدخلين فيها من اساتذة وطلبة وإدارة. وتؤكد الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي للرأي العام النقابي والوطني ان الجامعيين التونسيين لن يقفوا مكتوفي الايدي إزاء هذا التجاهل لمطالبهم وسيظلون يناضلون بكل السبل المتاحة من اجل افراد الجامعة التونسية بمنظومة قانونية عصرية تضمن الارتقاء بكافة مكوناتها وبأدائها بحثا وتدريسا الى مكانة جامعات الدول المتقدمة خدمة للمصلحة العليا لبلادنا ولاهدافها التنموية الاستراتيجية. الكاتب العام