17 فيفري من كل سنة يتزامن مع الذكرى التاريخية لإنشاء اتحاد المغرب العربي، تعبّر دون شك عما تحمله من معان ومن عبر ومن تطلعات تطمح اليها الشعوب المغاربية. تمر الذكرى التاسعة عشرة لانبعاثه اليوم ومنطقتنا المغاربية تزخر بالأحداث والطموحات المشروعة لشعوبها، من اجل مزيد تفعيل البناء المغاربي ليتمكن من لعب دور اكثر نجاعة في ظل المستجدات والتطورات الحاصلة والتي تحيط بالمنظومة المغاربية من كل جانب. فمنذ تاريخ انبعاثه بدأت سلسلة تحركات الاتحاد تطبع مسيرته، وبدأت تفاعلاته مع محيطه سواء في الشمال او في الجنوب تبرز وتميز عمله، فاجتمعت في اطار ذلك القمم المغاربية والمجالس الوزارية واللجان المتخصصة... واليوم ورغم النكسات التي مرّ بها الاتحاد المغاربي (قضية الصحراء الغربية، قضية لوكربي...) فان ارادة جميع قادة المنطقة ثابتة على الخيار الاستراتيجي للعمل المغاربي والمصير المشترك لشعوبه، فالوضع على الساحة الدولية ووضع الاقتصاد العالمي اليوم يتعين ان يدفع كافة الشعوب المغاربية الى ضرورة القفز عن كل العقبات لأجل خلق كيان اقليمي معبرّ عن ذاته، امام بقية الكيانات الاخرى كالصين والاتحاد الاوروبي اللذين حاولا ابتلاع الضعفاء، واستغلال الاسواق واغراقها بالسلع... لذا يتعين على دول الاتحاد في هذا الخصوص ترتيب البيت المغاربي ليكون قادرا على مجابهة القوى الاقتصادية الاخرى والاستفادة الفعلية من شراكته معها بالسبل والطرق التي يريدها، ولا يتسنى لهذا الكيان تحقيق ذلك الا بالابتعاد عن النظرة الفردية ومزيد تنسيق البرامج التنموية والمسائل الاقتصادية لجميع الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد، لذا فان التعاون بين جميع دوله اصبح حتمية لمجابهة التحديات المفروضة من الدول الاوروبية من خلال هذه الشراكات المشروطة ويفرضها ايضا النظام المعولم. ونحن نثمن في هذا السياق الاجراءات التي تم اتخاذها من المجلس الوزاري المغاربي للتجارة المنعقد بتونس في 24 25 جانفي والداعية الى ضرورة اقامة منطقة مغاربية للتبادل الحر لدعم التبادل القاري المغاربي، ومزيد دعم قوة الاتحاد التفاوضية ازاء التجمعات العالمية الكبرى، الى جانب المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية التي سيلعب دون شك دورا مهما لمزيد تفعيل التجارة المغاربية بالاضافة الى انشاء اتحاد مغاربي لرجال الاعمال... ومما لا شك فيه ان مجمل الخطوات المتخذة تعتبر خطوة مهمة في اطار الاندماج الاقتصادي المغاربي. الى جانب البعد الاقتصادي يعدُ التكامل في المستوى الاجتماعي داخل كيان الاتحاد المغاربي من أوكد الاولويات اليوم، فضرورة تفعيل مفاهيم التعاون والتكافل والسلم والتضامن والتسامح... تعد من الثوابت التي لا حياد عنها، هذا بالاضافة الى ضرورة الاستفادة من مختلف التجارب الاجتماعية الناجحة وانتهاجها كطريقة عمل وتمش من طرف الدول المغاربية من شأنها ان تلعب دورا مهما في النهوض بالمواطن المغاربي. ويعد التكامل على المستوى الثقافي بالفضاء المغاربي على درجة كبيرة من الاهمية، لانه يعد الجانب الاساسي لتوحيد الشعوب المغاربية وذلك عن طريق الالمام بأنماط التفكير والتقارب المعرفي، ومن ثم يتعين على المنظمات ودور النشر ان تلعب دورا فعالا لمزيد التعريف بكتاب ورسامي وأدباء الأقطار المغاربية بكل قطر مغاربي. الى جانب ما تقدم تكمن رسالة المثقف المغاربي اليوم، في معالجة مجمل القضايا والمشاكل التي يتخبط فيها المواطن المغاربي كقضايا الهجرة غير الشرعية، والبطالة، والتعليم، وهجرة الأدمغة... مع ضرورة تبيانه للحلول الملائمة التي ارتئاها للحد من استفحالها والحلول العملية والبديلة لمعالجتها. إن المتأمل في واقع البلدان المغاربية اليوم يلحظ العديد من المجالات والمسائل التي تشكو عديد النواقص، وضرورة المزيد من الاهتمام بها من اجل التغيير المنشود، ولا شك ان ارادة جميع قادة المنطقة ثابتة على الخيار الاستراتيجي للعمل المغاربي والمصير المشترك لشعوبه لكسب الرهانات والتحديات.