الاستقلال قمر، جرى (ويجري) وراءه من جرى، مات (ويموت) من أجله من مات، وسعد به (ويسعد) من عاش. نموت، نموت ويحيا الوطن، نموت، نعيش ويحيا الوطن، نعيش، نعيش ويحيا الوطن. ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال، لا يمكن لي ان ادّعي، مثلما أفعل في المساحة المخصصة والمبوبة في غير هه الصفحة أنني كنت جارًا للقمر، أوّلا لانّ قمر الاستقلال عال، غال، ثمين، لا يقربه إلاّ العاملون، المجتهدون، المخلصون، المثابرون، الباذلون، إلى الخدمة منقطعون، ون الحياض مدافعون، وبالمبادئ ملتزمون، ولهذا الوطن محبّون بنّاؤون، ثانيا لأنني على مستوى شخصي لم أفعل شيئا يمكن لي ان اتبجح به من أجل الاستقلال. لكن أنا سعدت ومازلت أسعد بثمرات الاستقلال، تعلّمت وتداويت، قرأت، كتبت، نشرت، اشتغلت، وعلى عديد المنافع من دولة الاستقلال تحصّلت، وإلى المزيد تطلّعت. وهذه لوحدها نعمة، ومكرمة.
لقمر الاستقلال جيرانه الذين هم بمجاورته جديرون. واسمحوا لي أن اخص منهم واحدًا بالذكر. إنّه زين العابدين بن علي. ليس تملقا ولا تزلفا ولا ركوبا للموجة، وإنّما من باب الاعتراف بالجميل لصاحب الجميل. والجميل الذي أقصد أنّ الرجل تشجّع يوم انفضّ الجميع وتخاذل وهرب، وأقدم على انقاذنا جميعا من مصير مجهول. أنّ الرجل قطع طرق الطمع في الخلافة أمام أشخاص نحمد اللّه اليوم انّهم لم يصلوها. أنّ الرجل لم يبح البلاد للقواعد العسكرية الأجنبية.
عثرت في إحدى الصحف القديمة على تفاصيل حادثة بسيطة تقول أطوارها أنّ وجيهًا مزواجًا، رغب بعيد الاستقلال في الزواج من امرأة شابة. فوقع تنبيهه إلى ضرورة ابرام عقد. فرفض. شرحوا له أنّ: «الدنيا ما عادشْ امسيّبة، راهي البلاد استقلّت!» فرد: «هل تستقلّ البلاد وأحبس أنا؟»