استعدادا لعيد الإضحى.. وزارة الفلاحة توصي بتلقيح الحيوانات وتأمين أضاحي سليمة    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    مصنف خطير محل 18 منشور تفتيش في قبضة الأمن.. #خبر_عاجل    أعلن المعهد الوطني للتراث عن اكتشاف أثري جديد بمدينة سبيبة من ولاية القصرين    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    التوقعات الجوية لليوم السبت    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معجزة تتحقق في إتصالات تونس
نشر في الشعب يوم 19 - 07 - 2008

قوبل مقالنا السابق المنشور تحت عنوان «يحصل في اتصالات تونس» والصادر في العدد 976 من جريدة الشعب المؤرخ في 28 جوان 2008 بالترحيب واستكمالا لما سبق اثارته، نعود لنبين.
أن التضخم في النصوص القانونية والترتيبية تؤدي كما في الإقتصاد إلى التخفيض في القيمة، وما قيمة النصوص القانونية والترتيبية إلا في مصداقيتها وإستمراريتها، وأنه متى أصبح العمل التشريعي والتنظيمي موصوفا بالتضخم فإنه سيؤدي حتما إلى إرباك عمل المؤسسة، وليس أدل على ذلك ما حصل لشركة إتصالات تونس من تضخم النصوص التي «تنظمها» والتي تفوق 13 نصا قانونيا وترتيبيا منها:
- القانون عدد 36 لسنة 1995 المؤرخ في17 أفريل 1995 المتعلق بإحداث الديوان الوطني للإتصالات.
- القانون عدد 30 لسنة 2004 المتعلق بتحويل الشكل القانوني للديوان الوطني للإتصالات،
- القانون عدد 36 لسنة 2006 المتعلق بإتمام القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية،
- القانون عدد 78 لسنة 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تمتلك الدولة أو الجماعات العمومية المحلية رأس مالها بصفة مباشرة وكليا،
- القانون عدد 93 لسنة 2000 المؤرخ في03 نوفبر 2000 المتعلق بإصدار مجلة الشركات.
- القانون عدد 1 لسنة 2001 المؤرخ في15 جانفي 2001 المتعلق بإصدار مجلة الإتصالات.
- الأمر عدد 2844 لسنة 1999 المتعلق بالمصادقة على النظام الأساسي الخاص لأعوان الديوان الوطني للإتصالات،
- الأمر عدد 1555 لسنة 2006 المتعلق بتطبيق أحكام الأمر عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية على الشركة الوطنية للإتصالات،
- الأمر عدد 323 لسنة 2000 المتعلق بالهيكل التنظيمي للديوان الوطني للإتصالات،
- الأمر عدد 1248 لسنة 2001 المتعلق بضبط شروط التسمية في الخطط الوظيفية وشروط الإعفاء منها بالديوان الوطني للإتصالات،
- «الهيكل التنظيمي» للشركة الوطنية للإتصالات المصادق عليه من طرف مجلس الإدارة بتاريخ 01 مارس 2007
- «الهيكل التنظيمي» للشركة الوطنية للإتصالات المحين بتاريخ 25 جوان 2007
- «النظام الداخلي» المتعلق بالخطط الوظيفية بإتصالات تونس المصادق عليه من طرف مجلس الإدارة بتاريخ 12 ديسمبر2006.
بالإضافة للعديد من المذكرات والمراسلات وأهمها على سبيل الذكر لا الحصر تلك المتعلقة:
- بتحديد المنح المخولة لبعض الخطط الوظيفية.
- بتفسير الفصل عدد 2 من «النظام الداخلي»
فالمتأمل في أحكام الفصل 5 من القانون عدد 30 لسنة 2004 المتعلق بتحويل الشكل القانوني للديوان الوطني للإتصالات التي تنص صراحة على أنه «يتواصل تطبيق أحكام القانون عدد 78 لسنة 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تمتلك الدولة أو الجماعات العمومية المحلية رأس مالها بصفة مباشرة وكليا، كما تم تنقيحه بالقانون عدد 21 لسنة 2003 على أعوان الشركة الوطنية للإتصالات، وأنه بالرجوع للقانون عدد 78 المذكور وخاصة الفقرة الثالثة من الفصل الأول (جديد) تنص على أن تضبط القواعد الخاصة بكل مؤسسة بنظام أساسي خاص مصادق عليه بأمر، وبناء على ذلك تم إصدار النظام الأساسي الخاص بأعوان إتصالات تونس المصادق عليه بمقتضى الأمر عدد 2844 لسنة 1999، الذي ينص في فصله 149 على أن يقع إسناد الخطط الوظيفية للأعوان طبقا للشروط الخاصة بإتصالات تونس المنصوص عليها بأمر ويتمتع هؤلاء الأعوان بالإمتيازات المنصوص عليها بالملحق عدد 8 من هذا النظام الأساسي الخاص، وهنا يتنزل الأمر عدد 323 لسنة 2000 المتعلق بضبط الهيكل التنظيمي للديوان الوطني للإتصالات والأمر عدد 1248 لسنة 2001 المتعلق بضبط شروط التسمية في الخطط الوظيفية وشروط الإعفاء منها بالديوان الوطني للإتصالات.
طعم قانوني جيّد
والملاحظ في هذه النصوص أنها متناسقة ومتناغمة ومرتبة تريبا قانونيا سليما بمعنى وأنت تحتسي فنجان قهوة فإنك تتذوق طعما قانونيا جيدا فلا تجد تناقضا بين هذا النص وذاك، إلا أن ذلك سيتبدل مذاقه بصدور القانون عدد 36 لسنة 2006 المتعلق بإضافة الفصل 22 ثالثا للقانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية الذي نص على إمكانية إستثناء منشآت عمومية تعمل في محيط تنافسي أو تم بشأنها وضع برنامج إعادة هيكلة عملا بأحكام الفصل 23 من هذا القانون من تطبيق أحكام الفصول 10و10 مكرر و11 و11مكرر و15 و18 و19 و20 و20 مكرر و21 و22 و22 مكرر من نفس القانون على أن تضبط هذه المنشآت بأمر.
ورغم ما يمكن أن ينجر عن مثل هذه النصوص المتعلقة بالإستثناءات من أثار سلبية على المؤسسات والإقتصاد عامة وعلى شركة إتصالات تونس بصفة خاصة وواقع الحال يكشف لنا ذلك، إلا أنه ما يتعين ملاحظته في هذا الإطار هو أن هذا القانون لم يتعرض إلى مقتضيات القانون عدد 30 لسنة 2004 وخاصة الفصل 5 منه المار ذكره، وهو ما يعني أن بعض هذه الفصول المستثناة لا يكمن بأي حال من الأحوال تطبيقها على إتصالات تونس رغم صدور ما يسميه البعض «أمر إتصالات تونس» وكان الأولى والحالة تلك أن يحمل عدد 3-17 الرمز العددي لإتصالات تونس حتى يكون أكثر خصوصية للشركة وإلتصاقا بها وأقصد بذلك الأمر عدد 1555 لسنة 2006 المؤرخ في 12 جوان 2006 المتعلق بتطبيق الفصل 22 ثالثا من القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية على الشركة الوطنية للإتصالات.
وقد أشار الفصل الرابع منه إلى أنه لا تنطبق أحكام الأمر عدد 3158 لسنة 2002 المتعلق بالصفقات العمومية على الشركة الوطنية للإتصالات على أن تتولى هذه الشركة ضبط نظام داخلي يحدد شروط إعداد وإبرام صفقاتها بإعتماد المبادئ الخاصة بالصفقات العمومية، إلا أنه كان على شركة إتصالات تونس التي تتعامل مع الغير أن تقوم بنشر هذا النظام الداخلي الخاص ولو كان ذلك يتصف بالخصوصية الداخلية للشركة ليطلع عليه العموم خاصة أن الشركة ما تزال منشأة عمومية بمعنى أنه بقدر ما تهتم الدولة بأمرها فكذلك الشأن بالنسبة للعامة وخاصة للمتعاملين معها مما سيؤدي إلى آثار قانونية وإقتصادية قد تكون سلبية على المؤسسة.
أما بخصوص الفصل 5 من نفس الأمر فقد نصت أحكامه على أن «يتواصل العمل بأحكام الأمر عدد 323 لسنة 2000 المتعلق بضبط الهيكل التنظيمي للديوان الوطني للإتصالات والأمر عدد 1248 لسنة 2001 المتعلق بضبط شروط التسمية في الخطط الوظيفية وشروط الإعفاء منها بالديوان الوطني للإتصالات وذلك إلى حين وضع الإطار المنظم لها من قبل الشركة المعنية»، وهنا علينا أن نقف متأملين لمحتويات هذا النص المتقلب الأوجه لإثارته أكثر من ملاحظة:
من الناحية اللغوية:
ما أحلى الرجوع لمقاعد الدراسة حتى الإبتدائية منها والثانوية أين تعلمنا فيها أصول اللغة العربية وتعلمنا أن الألف واللام متى إلتصقت بإسم فإنها تأتي لتعريفه وتحديده وهو ما إفتقدناه في «الإطار المنظم» إذ لم يقع التعريف به أو تحديده ولا العلم به، لا سابقا ولا لاحقا وهو ما يجعله غير محدد ولا معروف ولا معلوم، مما يعني وجوب الإستغناء عن أداة التعريف الألف واللام المشار إليها.
من الناحية القانونية:
أولا: لقد وردت عبارات «الإطار المنظم لها» بالنص المذكور بصفة عامة وغير واضحة وغير محددة بمعنى أنها لم تحدد موضوع هذا الإطار المنظم كما لم تحدد مقصوده ومدلوله في ذات النص، فالإطار المنظم يمكن أن يتعلق بالجوانب القانونية والترتيبية والتنظيمية كما يمكن أن يتعلق بالجوانب الإدارية المحضة كطرق التسيير الإداري وغيرها، خاصة أن لفظة «لها» الواردة بالنص يشار بها للشركة فقط ولا لشيء آخر والحال أنه وفق الفصل 532 من مجلة الإلتزامات والعقود فإن النص لا يحتمل إلا المعنى الذي تقتضيه عبارته.
ثانيا: لقد نصت أحكام الفصل 5 من الأمر عدد 1555 المذكور على أن يتواصل العمل بالأمر عدد 323 لسنة 2000 والأمر عدد 1248 لسنة 2001 وبالتالي لم يلغهما كما لم يستثن إتصالات تونس من تطبيقهما كما وقع ذلك بالفصل 4 السالف الذكر والكل يعلم، العارف منا ومن كان له النزر القليل من المعرفة القانونية، أنه طبقا لأحكام الفصل 542 من مجلة الإلتزامات والعقود وطبقا لتوازي الصيغ والشكليات فإنه لا يمكن إلغاء نص إلا بنص مماثل وهو ما لم يقع في نصنا الحالي.
ثالثا : يلاحظ في الفصل 5 من نفس الأمر أنه لم يتعرض إطلاقا لا من قريب ولا من بعيد إلى إلغاء كلي أو جزئي للفصل 149 من النظام الأساسي الخاص المصادق عليه بأمر حيث تنص أحكامه على أن إسناد الخطط الوظيفية لأعوان إتصالات تونس يكون وفق شروط خاصة منصوص عليها بأمر.
كما تضيف أحكام هذا الفصل أن هؤلاء الأعوان يتمتعون بالإمتيازات المنصوص عليها بالملحق عدد 8 من هذا النظام الأساسي الخاص.
بقاء ما كان على ما كان
وبناء على ما تقدم ذكره، ونظرا إلى أن الأصل بقاء ما كان على ما كان عليه طبقا للفصل 562 من نفس المجلة فإن أحكام بالأمر عدد 323 لسنة 2000 والأمر عدد 1248 لسنة 2001 المتعلق بالخطط الوظيفية تبقى سارية المفعول مما يعني الإلتزام بأحكامها وعدم إختراقها كما وقع ذلك عند تحديد المنح المخولة للخطط الوظيفية الجديدة والمتعلقة بمدير تنفيذي ورئيس دائرة درجة إستثنائية وخطة رئيس مكتب وكل هذه الخطط غير موجودة بالملحق عدد 8 المذكور وهو ما يعني خرق الإدارة للقوانين والأنظمة، مع الإشارة أن الرئيس المدير العام السابق لإتصالات تونس أكد صلب الإتفاق المبرم بتاريخ 12 نوفمبر2007 بين الإدارة العامة والجامعة العامة للبريد والإتصالات بحضور عضو المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل على إحترام العمل بمقتضيات النظام الأساسي الخاص.
نأتي الآن إلى النظام الداخلي المتعلق بالتسميات في الخطط الوظيفية وكنّا نودّ ألا نعلّق عليه بل حتى اننا لا نشير إليه إطلاقا نظرا لعدم صلوحيته للعمل به لفقدانه مقومات النصوص التنظيمية:
أولا : لقد ولد النظام الداخلي ميتا نظرا لوجود نصا ترتيبا نافذا لم يقع إلغاؤه بعد كما رأينا مما يجعله والعدم سواء.
ثانيا: إن النصوص القانونية والترتيبية والتنظيمية التي ترتب آثار قانونية يجب نشرها قانونا ليحصل العلم بها الشيء الذي لم يقع إجراؤه في النظام الداخلي المذكور مما يعني وجود خلل قانوني جوهري يفقده مقومات النصوص القانونية والترتيبية وبالتالي يعتبر باطلا ولا عمل عليه.
ثالثا: تعارض بعض «أحكام النظام الداخلي» مع أحكام النظام الأساسي الخاص بأعوان إتصالات تونس المصادق عليه بالأمر عدد 2844 لسنة 1999 كما بينا سابقا.
ولكن سنفرض جدلا أنه نصا يمكن إعتماده للتسميات في الخطط الوظيفية وسنتناول بالدرس الفقرة الثانية من الفصل 2 منه وتحديدا المتعلقة بشروط التسمية في خطة رئيس دائرة فرعية التي تنص صراحة على ضرورة توفر في المترشح لهذه الخطة شرطي:
شهادة الأستاذية أو شهادة معادلة لها مع تجربة لا تقل عن مدة خمس سنوات في الإختصاص
Ou être titulaire dun diplôme de maitrise ou dun diplôme équivalent avec une expérience dau moins 5 ans dans la spécialité
وهنا وإن كانت هذه الفقرة على درجة كبيرة من الوضوح ولا مجال لمزيد توضيحها، وهي أن يتوفر شرط الشهادة العلمية مع شرط تجربة لا تقل عن مدة خمس سنوات في الإختصاص، بمعنى أن هذين الشرطين مرتبين ترتيبا تباعيا تلازميا فتوفر الشرط الثاني ملازما لتوفر الشرط الأول وذلك للبناء عليه فلا وجود للشرط الثاني إلا بوجود الشرط الأول، وهي ما تنص عليه لفظة «Avec» وتعني بالعربية لفظة «مع» ويطلق عليها أداة المعية أي معيَة الشيء للشيء، وبالتالي لا يمكن للإدارة النظر في تجربة العون المترشح وتعداد الخمس سنوات المتعلقة بالتجربة في الإختصاص إلا بعد حصوله على الشهادة العلمية المطلوبة وهو ما تأكده كلمة في الإختصاص dans la spécialité وإلا لما كان لهذه الأخيرة من معنى لوجودها في مقتضيات الفقرة 2، وفي إطار هذا التوجه تتنزل أحكام الأمر عدد 1248 لسنة 2001 المتعلق بضبط شروط التسمية في الخطط الوظيفية وشروط الإعفاء منها بالديوان الوطني للإتصالات الذي يتوجب على الإدارة الرجوع إليه في حالات غموض النص رغم وضوحه كوضوح الشمس في رابعة النهار.
ما أحلى الرجوع إلى المنطق القانوني السليم لا يمكنك إلا أن تقول ذلك، وأنت تتعرض إلى بعض التأويلات الخاوية من أي سند قانوني أو علمي إلا سند تلك الغايات الذاتية والمصالح الضيقة، كالتي تقول أنه يمكن تطبيق الفصل 2 من النظام الداخلي بإعتماد المعايير التالية:
- الشهادة العلمية بمعزل عن تاريخ الحصول عليها،
- الأقدمية في الإختصاص ancienneté dans la spécialité وإن تعذر التثبت في ذلك يتم إعتبار مدة الأقدمية في المؤسسة (كلام كالظلام) من إستطاع أن يفهم هذه الفقرة فليفهمها لجميع أعوان إتصالات تونس الذين هم في لهف لمعرفة معناها نظرا لعدم معياشتهم عصر السفسطائيين.
- إحتساب فترة التعاقد مع إتصالات تونس ضمن الأقدمية في المؤسسة بالنسبة للخطط الوظيفية دون إحتسابها ضمن الأقدمية العامة للعون، وذلك إعتمادا على أن لا شي يمنع من ذلك بالنظام الداخلي للتسمية في الخطط الوظيفية بشكل منفصل عن النظام الأساسي الخاص للأعوان.
بمعنى أنه يتعين على الإدارة وفق هذا المعيار إحتساب فترة التعاقد التي قضاها العون في العمل مع شركة إتصالات تونس إذا تعلق الأمر بالتسمية في الخطط الوظيفية لأنه في هذه الحالة وبحسب هذا المعيار لا يخضع العون للنظام الأساسي الخاص، إلا أنه لا يمكن إحتساب فترة تعاقد العون المذكورة إذا تعلق الأمر ضمن الأقدمية العامة للعون في مساره المهني مثلا أو ترقيته بالإختيار عندها يجب أن يخضع هذا العون للنظام الأساسي الخاص، بذلك فإن أعوان إتصالات تونس يخضعون ولا يخضعون للنظام الأساسي الخاص بهم.
تصوروا يرعاكم الله أنه في زمن محاصرة العالم للفجوة الرقمية توصلت إدارة إتصالات تونس بفضل بعض مسؤوليها الأفذاذ أن تأتي بالشيء ونقيضه في الآن نفسه، أليس من الواجب علينا جميعا أن نبارك هذه المعجزات وهذه الخوارق التي نراها رأي العين في إتصالات تونس!، أليس من حقنا أن نقول بأعلى صوتنا أن زمن المعجزات والخوارق لم ينته بعد! أليس من حقنا أن نطالب جهابذة القانون إعتماد المدرسة القانونية الإتصالاتية الحديثة التي أنجبت من عقم الرحم نظرية الشيء ونقيضة !.
ناهيك عن الإدارات التي أبدعت في تطبيق «النظام الداخلي» المتعلق بالتسميات في الخطط الوظيفية فتارة ترى بعضها تشترط في المترشح لخطة رئيس دائرة فرعية شهادة الأستاذية في الإختصاص مع سنة أو سنتين أقدمية فقط، وبعضها الآخر تشترط أربع سنوات أقدمية أولا تشترط وبعضها ينص على لفظ أقدمية في إتصالات تونس والأخرى تنص على لفظ التجربة في الإختصاص بمعنى أنكم بأيّكم إقتديتم إهتديتم.
وهنا ليس لنا بدّ من أن نقول ما قاله شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري «ليت شعري أدري ما الصحيح»، وليس لنا أيضا إلا أن نؤكد ما جاء في المقال المرجع «فعلا إذا ما وقع الحياد عن هذه المعايير الذاتية المنتهجة من قبل بعض المسؤولين الحاليين أو الغابرين أو إقصاؤها نكون قد نزلنا من مرحلة الأسطورة إلى مرحلة العقل والحال يجب أن نعيش كما يفرضه المنطق الإداري في شركة إتصالات تونس في مرحلة الأسطورة لأن العقل والمنطق والنقد من النظام الإداري السليم الذي لا تجد له مكانا داخل بعض إدارات شركة إتصالات تونس»
مضمون ومحتوى
أعود لأقول ما أحلى الرجوع لأن يتعلم الواحد منا أن الهدف من العمل التشريعي والترتيبي هو تنظيم العلاقات الإجتماعية والإقتصادية وأن القواعد القانونية والترتيبية ليست مجرد صورة شكلية، كما أنها ليست مجرد وعاء فارغ بل هي مضمون ومحتوى، وجودها كان لزاما لحسن تنظيم هذه العلاقات وكان لزاما لزوال التعارض والتضارب والفوضى، وبذلك تبوأت هذه القواعد علوية المقام وقدسية الإحترام نظرا لإرتباطها بصفتي العمومية والإستقرار.
وكان على الماسكين بزمام بعض الإدارات المعنية بهذه المسائل ومنها إدارة الشؤون القانونية أن يعملوا على إحترام هذه القواعد والحفاظ على مصداقيتها وإستقرارها لا أن يحاولوا التعسف عليها والإنزلاق بها إلى تأويلات خطيرة، مبطنة وضامرة لغايات أصحابها ومصالحهم الضيقة قصد تمرير بعض الأشخاص ممن لا تتوفر فيهم الشروط وفق مقصد النص الصحيح وروحه وذلك عبر شروحات أقل ما يقال فيها أنها مجانبة للصواب القانوني والحال أنه من يقوم بمثل ذلك كمن يقوم بدس السم في الدسم.
وبناء على ما تقدم بيانه فإنه بات من المؤكد والأسلم التقيد بالعمل بالنصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بشركة إتصالات تونس وإيقاف هذه التأويلات التي لا تزيد المؤسسة إلا المزيد من الإنزلاقات في نفق خطير يصعب علينا الخروج منه وكما يقول المثل التونسي «من فم البير ولا من قاعه».
عن الجامعة العامة للبريد والاتصالات
كاتبها العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.