مع انطلاق العمل بالمرحلة الثانية والنهائية للنظام الجديد للتأمين على المرض في غرّة جويلية 2008 كنا ننتظر ان يتعمّق النقاش بين الاطراف المتدخلة كما اقترح ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال جريدة الشعب حول الاشكاليات الاساسية التي تهمّ حاضر ومستقبل التأمين على المرض وتوازناته المالية وديمومته مع التطوير والتحسين المستمر للرعاية الصحية لفائدة المضمونين الاجتماعيين ومن في كفالتهم مع الملاحظة أنّ مثل هذا الحوار المنشود يتجاوز التأمين على المرض ليشمل خدمات الضمان الاجتماعي عموما اذا كنا ننتظر ذلك لكنّ وللاسف الشديد نجد انفسنا مجبرين على الخوض في مواضيع صغيرة ! نعم صغيرة ! و»تحشّم» كما نقول في بلادنا وهي ان أطباء الممارسة الحرّة يطالبون مرضاهم من المضمونين الاجتماعيين بدفع نسبة 6 كمعلوم عن القيمة المضافة TVA وان بعضهم (هكذا احسن) يرفض قبول التعامل بصيغة الطرف الدافع اي المنظومة الثانية وهنا لا يقتصر هذا الموقف على الاطباء فحسب بل يشمل ايضا بعض الصيدليات ومراكز التحليل والتصوير بالاشعة إلخ... الدكتور محمد رابح الشايبي الكاتب العام للنقابة التونسية لأطباء الممارسة الحرّة وفي تصريح له بجريدة «الاسبوعي» بتاريخ 4 أوت 2008 اطنب في الحديث عن النقطة الاولى اي الاداء على القيمة المضافة ب 6 معتبرا ان الخطأ والمسؤولية ملقاة على عاتق الصندوق الوطني للتأمين على المرض بعدم تنصيصه في الاتفاقية المشتركة على ان هذا المعلوم مضمّن بالتعريفة التعاقدية (هكذا!) لينتهي بمطالبة السلط العمومية بالتخلي عن هذا الاداء باعتبار ان الاستهلاك الصحي يختلف جوهريا عن الانواع الاخرى من الاستهلاك وفي هذا الجزء الثاني من موقف الدكتور قد اتفق معه مبدئيا مع ان الامريتطلب مزيد النقاش والتفكير. الا انني اود ان احاور الدكتور الشايبي الكاتب العام للنقابة التونسية لأطباء الممارسة الحرة واطلب منه وبرحابة صدر حول الجزء الاول من رأيه او موقفه بتقديم الملاحظات التالية: 1) لم يذكر الدكتور انّه طرف في الاتفاقية المشتركة الممضاة بين نقابته والصندوق الوطني للتأمين على المرض وقد امضاها شخصيا باعتباره الكاتب العام وبالتالي اذا كان هناك «سهو» او «خطأ» فهو مسؤول عنه ايضا وبنفس الدرجة فلماذا تحميل المسؤولية للصندوق بمفرده؟ 2) لا اعتقد شخصيا ان هناك «سهو أو خطأ» لا من الصندوق ولا من النقابة ذلك اننا في ميدان صحة وطبّ وعلم وفي ميدان اجتماعي خاصة، ولا يعقل وشيء «يحشّم» وغير مقبول اخلاقيا ان نذكر في الاتفاقية المشتركة بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض والنقابة التونسية لاطباء الممارسة الحرة ان التعريفة التعاقدية تتضمن كل المعاليم أي TTC. 3) أنا شخصيا لم أسمع من قبل بهذا المعلوم على القيمة المضافة في الفحوصات الطبية واكاد اجزم انّ كل المضمونين الاجتماعيين والاطباء أيضا والمسؤولين في لكنام وفي سلط الاشراف والدكتور الشايبي نفسه لا يعلمون في السابق بوجود مثل هذا المعلوم وهو ما قد يفسر»سهو» الدكتور ومن معه عن إثارة هذا الموضوع خلال المفاوضات حول الاتفاقية المشتركة. 4) اسأل الدكتور: لماذا في السابق اي قبل ظهور النظام الجديد للتأمين على المرض وفي تعاملهم مع المرض ومع التأمين الجماعي لم يطالب الاطباء مرضاهم ولا المتعاقدين معهم بدفع الأداء على القيمة المضافة لماذا الآن وهنا؟ هل يعود ذلك الى انّ اطباء الممارسة الحرّة (عفوا بعض الاطباء حتى لا نتهم بالتعميم والتحامل على مهنة برمّتها). لم يكونوا بحاجة الى ذلك باعتبارهم لا يدفعون هذا المعلوم للدولة؟ هل تعود مطالبتكم بهذا المعلوم الآن وهنا الى تخوفكم من ان الدولة سوف تتعرف من خلال الصندوق الوطني للتأمين على المرض عن عدد الفحوصات التي يقوم بها الاطباء بالتالي سوف تطالبكم بدفع هذا الاداء؟ اليس ذلك هو الارجح والتفسير الاكثر واقعية لهذه المطالبة الملحة؟ 5) أذكر الدكتور الشايبي وهو أعلم الناس بذلك فان وزارة الإشراف والصندوق الوطني للتأمين على المرض قد اتفقا مع نقابتكم على زيادة ثلاثة دنانير في التعريفة التعاقدية لتصبح 18 دينارا عوضا عن 15 دينار وذلك قبل دخول المرحلة الثانية والنهائية من التأمين على المرض حيز التطبيق وقد بدأ العمل فعليا بتعريفة ال 18 دينارا منذ غرّة جويلية 2008 طبعا كما تمّ الترفيع في التعريفة التعاقدية لاطباء الاختصاص ب 5 دنانير لتصبح 30 دينارا و35 دينارا وهذا موضوع اخر قابل للنقاش. ايضا اذكر الدكتور الشايبي بأن هذا الترفيع مخالف لمضمون الاتفاقية المشتركة التي تنصّ على ان بنودها بما في ذلك التعريفة التعاقدية تراجع في تحديد سنة 2009 وليس قبل ذلك، فهل يعتبر الدكتور ان هذه الحالة إيجابية أي كما يقال قبيل «التمييز الإيجابي» طالما هي في مصلحة الاطباء؟ هل يعلم الدكتور الشايبي ان ثلاثة دنانير تمثل زيادة ب 20 ؟ وأن الاجراء يتفاوضون في القطاعيين العام والخاص منذ اشهر حول زيادات لم تتجاوز في السابق وفي أحسن الحالات واكثر القطاعات ازدهارا مثل البنوك وشركات النفط ال 8.5 اما عن الوظيفة العمومية فحدّث ولا حرج؟ هل يعلم الدكتور انّ 80 من العناء الجبائي محمول على كاهل الاجراء الذين لا يحصلون على مداخيل ولا على زيادات كما يحصل عليها غير الاجراء ومنهم الاطباء وهذا ايضا موضوع اخر محرج ومحيّر في بلادنا. 6) أليس من الافضل ان تقوم النقابة بمجهود مضاعف لتوعية بعض الاطباء ممن يرفضون تطبيق كل بنود الاتفاقية المشتركة والايفاء بالتزاماتهم في قبول العمل بالمنظومتين الثانية والثالثة مثلهم مثل الصيادلة عفوا بعض الصيادلة وبقية مقدمي الخدمات الصحية؟ أليس من الافضل ايضا ان تعمّق النقاش مع مستقبل التأمين على المرض والرعاية الصحيّة عموما في بلادنا من حيث نوعية الخدمات والتوازنات المالية وديمومة النظام لأنّه كما أكدّ الاتحاد حول هذا الموضوع ليس من مصلحة أيّ طرف ان يدخل التأمين على المرض في أزمة مالية قد ينعكس سلبيا على خدماته وعلى صحّة المضمونين وعلى مقدمي الخدمات الصحية إذ لابدّ من وضع الامور في نصابها بالمساهمة الفعلية والفعالة في انجاح نظام التأمين على المرض لأنّ في ذلك نجاح وتطوير لنظامنا الاجتماعي.