لا يزال المجتمع الدولي يبحث عن تعريف متماسك للإرهاب وطرق قمعه، ويؤكد العديد من المفكرين والباحثين في العلاقات الدولية على أن النقاشات الجارية محليا ودوليا حول هذه الظاهرة ستستمر لفترة ليست هي بالقصيرة. وحسب الكثير من السياسيين والمفكرين كانت محاكمات كبار مجرمي الحرب العالمية الثانية النازيين من قبل « محكمة نورمبرغ العسكرية الدولية» خلال العامين 1945 1946 مقدمة لإقامة نظام قانوني جنائي دولي متكامل، إلا أن هذا المشروع اصطدم بالتوتر الناجم عن الحرب الباردة وظل طي النسيان حتى تسعينات القرن المنصرم حين تكاثرت المحاكم الدولية لجرائم الحرب. وتتمسك المجموعة الدولية في الوقت الراهن بمقاربات قانونية لظاهرة الإرهاب. الإرهاب صفة للذين يستخدمون القوة البشعة ضد المدنيين يمكن اعتبار نظام حقوق الإنسان جزءا من مكافحة الإرهاب، فالحقوق التي عددها»العصر الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية» والمعقودة في عام 1966 تهدف إلى حماية البشر من انتهاك حقوقهم الأساسية في الحياة والكرامة والحرية. ويعرف جيرى سمبسون الباحث في معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي الإرهاب بأنه صفة تلصق عادة بطرف معاد غير حكومي، أي الجماعات التي تسعى لزعزعة الوضع القائم والمستعدة لاستخدام القوة المسلحة ضد المدنيين من أجل تحقيق أهداف معينة. فمجازر صبرا وشاتلا عام 1982، وقتل أطفال الحجارة في فلسطينالمحتلة، وتفجير متجرة مدينة أوكلاهوما عام 1995، ومقهى بغداد عام 1998، وتدمير مركز التجارة العالمي بنيويورك عام 2001، وتفجير مقهى بالى عام 2002، وعملية احتجاز مئات الرهائن في إحدى قاعات السينما بموسكو عام 2002 والتي انتهت بقتل 117 شخصا، وترهيب سجناء أبو غريب من طرف قوات الاحتلال الأمريكي عام 2004، تعتبر جرائم إرهابية. ووفقا للقانون الدولي يشمل الإرهاب الهجمات على الدبلوماسيين والاختطاف وأخذ الرهائن،...، وأشكال من تبييض الأموال. وتوجد سلة من المعاهدات الدولية لمكافحة أنواع محددة من الجرائم بدلا من تحديد فئات عامة من السلوك الإرهابي مثل « معاهدة الجرائم وبعض الأعمال الأخرى التي ترتكب على متن الطائرات» الموقعة في طوكيو في 14 سبتمبر 1963، و» معاهدة قمع الاستيلاء غير الشرعية على الطائرات» الموقعة في لاهاي في 16 سبتمبر 1970، و» المعاهدة الدولية لمكافحة احتجاز الرهائن» التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في17 جانفى 1979، و» معاهدة مكافحة الأعمال غير القانونية ضد سلامة الملاحة البحرية» الموقعة في روما في 10 ماس 1988، و» المعاهدة الدولية لمكافحة التفجيرات الإرهابية» التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1997. الإرهاب هو استخدام القوة في غير الدفاع عن النفس، والإرهابيون محاربون محرومون من الإمتيازات يمنع ميثاق الأممالمتحدة الصادر عام 1945 استخدام القوة المسلحة في حالات لا تندرج ضمن الدفاع عن النفس وفقا للمادة 51 منه، أو بسبب ضرورات الأمن الجماعي المسموح بها وفقا للفصل السابع. وفى حصرها لوسائل الحرب الشرعية تبحث الأممالمتحدة عن الوقاية من الإرهاب وسبل التخلص منه. وبهذا المعيار تكون الغارات الجوية الأمريكية على ليبيا عام 1986، وعلى السودان عام 1999، وكذلك الحرب التي تشنها قوات الاحتلال المتعددة الجنسيات بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية على العراق منذ مارس 2003، كلها غير شرعية وفقا للقوانين التي تنظم استخدام القوة المسلحة، لأنها لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة قصد اعتبارها دفاعا عن النفس. وتتضمن معاهدات جنيف المبرمة في عام1949 والمتعلقة» بجرائم الحرب « وبروتوكولا عام 1977 الملحقان بها، موادا عديدة لمكافحة كل ممارسات تهدف إلى إرهاب السكان المدنيين في زمن الحرب، كالتي قامت بها القوات الأمريكية في الفلوجة العراقية وفى طورا بورا الأفغانية، أو ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية. فالبروتوكول الإضافي الأول لهذه المعاهدة والمتعلق « بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة» يمنع كل تهديد باستخدام القوة المسلحة التي يكون هدفها الأول زرع الرعب في صفوف السكان المدنيين، كما يهدف البروتوكول الإضافي الثاني والمتعلق « بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية» إلى ردع الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف. فالإرهابيون يستخدمون نفس الوسائل التي تعتبرها القوانين جرائم حرب عندما تستخدمها الدول للأهداف نفسها. ووفقا للمعنى التقليدي يصنف الإرهابيون كمحاربين محرومين من الإمتيازات، لأنهم لا يستوفون الشروط الضرورية وفقا للمادة الرابعة من معاهدة جنيف الثالثة المعقودة في عام 1949 والخاصة « بمعاملة أسرى الحرب» للحصول على وضع أسير حرب. ويذهب البعض الآخر إلى حصر الإرهاب في منظومة الجرائم الكبرى الموكولة إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي وهى: جرائم الإبادة العرقية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان، والجرائم ضد الإنسانية مثل القتل والتعذيب والاغتصاب والحمل بالإكراه والاضطهاد على أساس إديولوجى أو قومي أو ديني أو ثقافي أو جنسي أو عرقي. وإلى هذا وذاك أضاف جورج بوش الابن عقب هجمات 11 سبتمبر الأسود على المركز الدولي للتجارة بنيويورك والبنتاغون، إمكانية شن حرب على دولة ذي سيادة يعتقد أنها تمثل تهديدا للنظام العالمي بسبب الأسلحة النووية والبيولوجية والكيمياوية والإشعاعية التي يزعم أنها تمتلكها. ويتخوف الكثير من أن تستغل قوى عظمى هذه المقاربة لتضليل الرأي العام الدولي قصد تجريم المقاومة من أجل تبرير احتلالها، أو تدخلها في النزاعات الداخلية عند المتخلفين حتى يتسنى لها إزاحة الأنظمة والجماعات التي لا تتناغم مع توجهاتها، أو تتعارض مع مصالحها على غرار ما يجرى الآن في العراق وفى فلسطين وأماكن أخرى من العالم.