إن ما تأتيه آلة الدّمار الصهيونية من فظاعات في قطاع غزّة كان منتظرا من الجميع لأن بوادره كانت واضحة للعيان منذ مدة طويلة ويمكن لاي كان أن يستخلص ذلك وقد بدأ الامر من عملية الحصار وقطع امدادات الوقود ثم من بعدها ادخال كل القطاع في ظلام دامس وهي عملية فيها الكثير من الاستفزاز للمشاعر والكرامة الانسانية ولم يكتف الصهاينة عند هذا الحد بل تجاوزوه لما فيه تحد صارخ لكل القيم والاخلاقيات المتعارف عليها دوليا حيث عمدوا لعملية التجويع الجماعي وعمدوا الى غلق كل المنافذ بما في ذلك المنفذ العربي. لقد أدت باطفال غزّة الى أكل علف الطيور خبزا بهذا تجاوز الصهاينة السجن الجماعي بدرجة اقل بكثير مما يمارس حتى في ابشع السجون المعروفة في العالم التي تديرها يد الامريكان في غوانتنامو وابو غريب وما شهدته هذه البؤر من فضاعات لكنها حافظت على الحدّ الادنى من حقّ الانسان من مقومات الوجود البشري في المأكل والمشرب لكن الامر عندما يأتي من الصهاينة فانه لا يستغرب ولا يتطلب كثير التفكير لان هذه الممارسات هي في صميم طباعهم الصهيونية البشعة واللاخلاقية والتي لا تمت للانسانية باي صلة وهذا ليس وليد اليوم او الوضع الذي هم عليه بل هذا هو دأبهم منذ الازل لقد مارسوا ذلك على أنبياء اللّه ورسله ونقضوا عهودهم مع ربّ العزة فما بالك بالبشر خصوصا اذا ما احسوا بان لهم عليهم الغلبة. إن الصهاينة يمارسون هذه الفظاعات متحدّين كل العالم بما فيه من منظمات وهياكل قرار كردة فعل جراء ما لحقهم من مذلة على يد المقاومة التي تكسرت على صخرتها مقولة الجيش الذي لا يقهر وكان ذلك بإقرار رسمي من خبراء الصهاينة أنفسهم ولذا فإن المعتدين وبما يميزهم عن غيرهم في الجنس البشري من حقد وغيظ ليس لهم من هدف آجلا او عاجلا سوى سحق كل مقاومة وكل ما يمكن ان يتصدي لهم ويخرجهم في ثوب الجيش العادي العاجز وانهم يرون انه من اوكد الحاجيات عندهم اليوم هو فرصة لانقاذ ماء الوجه مما اعتراه من مذلة وحط من المعنويات. ان ما يحدث في غزة اليوم ومنذ ايام ليس امرا عاديا في الصدام بين العرب والصهاينة ولا يدخل حتى في ردود افعالهم على التحركات الفلسطينية انما الامر اليوم هو اخطر بكثير مما يعتقده البعض بل هو يدخل في إطار القطع النهائي لما يسمى بالمقاومة تماما مثل ما فرض الصهاينة في الماضي على الجميع الاعتراف بكيانهم السرطاني وحقه في الوجود وكل من انصاع لهذا الامر من العرب والمسلمين فهو من المعتدلين وقد هرول لذلك الكثير والكثير وما بقي فهم محور الشر متطرفون ارهابيون لابد من مآربتهم ليس من قبل الصهاينة والامريكان فحسب بل لابد ان يحاربهم بنو جلدتهم وان يمارسوا عليهم جميع اشكال الضغوط المادية والمعنوية وعليهم ان يساندوا كل اشكال الضغط الخارجي الذي يمارس على هؤلاء من قبل الصهاينة من تجويع وتشريد وفقدان كل اسباب مقومات الحياة البسيطة سواء للكبير او الصغير لا لشيء فقط لان انتصار المقاومة اللبنانية سنة 2006 افسد على الامريكان ولادة الشرق الاوسط الجديد وهم يتوجسون خيفة من ان تنتصر المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة وبذلك سوف يتغير وجه الشرق الاوسط برمته وسوف تتغير في المنطقة كل موازين القوى، حيث يمكننا كعرب توظيف ذلك لفائدة القضية الفلسطينية وفرض سياسة الامر الواقع على الجميع وان نكون طرفا فاعلا على طاولة المفاوضات لا ان نكون دائما الحلقة الاضعف التي تستجيب للاوامر ونكون تحت وطأة التهديدات وقطع المعونات الغذائية والمالية والعسكرية وهو ما نعيشه اليوم فعلا حيث يفرض علينا غلق المعابر وعدم التعاطي مع القضية الفلسطينية من منطلق حركة المقاومة انما من زاوية السلطة الفلسطينية المفاوضة والتي تفتقد لاي ورقة ضغط يمكنها ان تستعملها امام المتآمرين عليها وعلى القضية العربية والتي سوف لن تعرف مخرجا من المأزق الذي تردت فيه ما لم تكن مسنودة من الجناح الفلسطيني المقاوم وتكون هكذا الادوار موزعة بين جميع الاطراف عندها ليتأكد الجميع بانه سوف تأتي طلبات عقد القمة العربية من الاطراف الاخرى سوف تأتي حتما من اوروبا وامريكا والكيان الصهيوني ذاته وعندها سوف تعيش الاجيال المتعاقبة والمتعايشة حاليا فرحة الانتصارات العربية التي اصبحت بالواقع الحالي المعاش حلما مستحيل تحقيقه مع طرف صهيوني مراوغ واطراف راعية لعملية السلام فيها كثير من الحيف والانحياز السافر للجلاد على حساب الضحية التي ما انفك الجميع حتى ذوي القربى يحملونها وزر ما يحدث رغم التفاوت الواضح في موازين القوى، ان اصرارالصهاينة وكل من ساندهم من عرب وعجم على الاطاحة بالمقاومة وبكل نفس مقاوم في العالم العربي حتى تكتمل صورة الغياب الكلي لاي معادلة لموازين القوى ويصبح الحضور العربي في اي جولة من جولات الحوار او التفاوض مسلوب الارادة مصادر القرار وحضورا شكليا فقط للمباركة وبصفة شاهد اثبات لا غير اننا اليوم نقف امام مفترق الطرق، طريق للكرامة واثبات موقع لهذه الامة بين الامم واخرى لا قدر اللّه طريق الندامة ومن سلكها سوف لن يورث الاجيال القادمة سوى المذلة والخزي والعار والكل يعرف بان الطريق الاولى انما ثمنها يكون دائما باهضا لا يقدر عليه الا ذوي الهمم الكبيرة والنفوس الشامخة وما نال شعب قط حريته ولا كرامته وعزة عيشه الا ودفع من قبل دماء ابنائه الذين هم في جنة الخلد حتما ومن بقي بعدهم في حياة الكرامة والعزّة والتاريخ يشهد بذلك وعديد حركات المقاومة التي تصدت ورفضت ان تعيش القهر وتورث لمن بعدها الذلّ فلابد لنا ان لا ننزعج امام ضريبة الدم وحجم الدمار ما دام سيؤدي للحرية والعزة والكرامة ومثال جنوب لبنان اكبر شاهد على ذلك، لو ان المقاومة هناك انكسرت لكان اليوم الوضع غير الوضع والعرب غير العرب بكل طوائفهم وكذا الوضع اليوم في غزة لأنّ الحرب سوف تنتهي حتما مهما حاول الصهاينة ومناصريهم اطالة امدها ومهما غضّ المتصهينون الطرف عن هذه الجرائم لكن لا بد ان تكون النتائج في حجم الخسائر والتضحيات التي قدمها ويقدمها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي قدمت هي ايضا قوافل من الشباب فداء لفلسطين فلابد من نقطة العودة والدحرجة لهذا الكيان الغاصب. واليوم لا مانع من ان يرفض عقد القمة من يرفض وليتجنب الاحراج مع الغرب كل من التزم معهم خلسة لكن علينا مناصرة المقاومة بفك الحصار على الاهالي وتوفير مستلزمات الحياة من غذاء ودواء والدعم المادي والمعنوي واللوجستي للمقاومة لان عملية التجويع هي ايضا ضرب من ضروب اضعاف المقاومة وجعل المواطنين يضيقون ذرعا بحياتهم اليومية وهو ما يمثل نوعا من الضغط عليها مما يشغلها عن اداء دورها الوطني ان الصهاينة اليوم في اضعف حالاتهم المعنوية التي حطمتها المقاومة فلا مجال بان نعطيهم مجالا لالتقاط انفاسهم، والنصر للمقاومة التي سوف تغيّر وجه المنطقة حتما.