ظاهرة غريبة اصبحنا نتوقف امامها موسميا خاصة في الفرق الكبرى وهي التي تتمثل في تمسح بعض اللاعبين القدامى على مكاتب رؤساء هذه الفرق طمعا في تحسين اوضاعهم الاجتماعية التي لم تعد تتحمل الكثير من الصبر بما ان «عجلة» الزمان لعبت لعبتها معهم! هنا نسأل: من المذنب؟ رؤساء هذه الفرق، ام هذه الفئة من اللاعبين التي عادت عليها مستوياتها التعليمية بالوبال بما ان اغلبهم غير قادرين على تقييم عديد الاوضاع التي مروا بها ولم يكن بإمكانهم التمييز بين الرغبة في تعاطي لعبتهم المحببة والسعي الى تحسين اوضاعهم المادية وتوفير افضل نسب النجاح لضمان مستقبل اكثر وضوحا بعيدا عن مفاجآت الزمن الغدار. الاكيد ان الاجابة عن هذا التساؤل على غاية كبيرة من السهولة، بما ان المسؤولية يتحملها حتما هؤلاء اللاعبين لأنهم كانوا «سذج» اكثر من اللزوم ولم يكن بإمكانهم قراءة ما تخفيه لهم الايام والمحن والغصرات (!). نحن هنا لسنا ضد هؤلاء المعوزين ايمانا منا بأن الواجب يفرض علينا بصفة عامة الوقوف الى جانب كل من زلّت بهم القدم سواء كانوا من الرياضيين او من عامة الناس ولكن لن يكون ذلك كحق مكتسب وانما من باب المساعدة والمساندة العفوية، لا أكثر ولا أقل. من ناحية أخرى، نحن ندرك جيدا الصعوبات المادية التي تعاني منها فرقنا الرياضية دون استثناء والتي تبقى في حاجة ماسة لإيجاد حلول جذرية لتدعيم مواردها المادية والتي بدونها، قد تحكم الاقدار على عديد الفرق بالاضمحلال مثلما هو الشأن بالنسبة لفرق مثل الاولمبي للنقل والاتحادين التونسي والمغربي وناديي الشمينو التونسي والصفاقسي وغيرها من الفرق التي عانت الفقر وقلة ذات اليد. هنا اغلق القوس، لأعود الى جوهر الموضوع والذي يخص اوضاع عديد اللاعبين فإذا كان حمدي بابا والعيادي الحمروني وحسان القابسي والبشير السحباني وغيرهم من اللاعبين الذين مارسوا لعبة كرة القدم في عهد الاحتراف، ولم يتسن لهم ضمان مستقبلهم رغم ان فيهم من احترف خارج حدود الوطن بحيث توفرت لهم فرص لتوديع الفقر نهائيا، فماذا عسانا ان نقول عن اللاعبين الذين لعبوا كرة القدم ايام كانت الحوافز المادية منعدمة تماما ورغم الظروف القاسية التي مروا بها، الا ان ذلك لم يكن ليمنعهم من ضمان الحد الادنى من النجاح الاجتماعي والذي بفضله أمكن لهم او للعديد منهم توفير العيش الكريم لعائلاتهم من خلال استغلالهم على الوجه الاكمل كل ما وفرته لهم فرقهم من عمل قار ومن مسكن ومن مساندة معنوية خاصة عندما يتعلق الامر بفرق كبيرة في حجم الترجي والافريقي والنجم. هذه الفرق كانت فتحت آفاقا في أعماق البحار للكثيرين ممن استفادوا من تجاربهم الكروية. فالكرامة قبل الخبز ليس احيانا وانما في جميع الاوقات رغم اختلاف الازمنة والاشخاص هنا نعود لنسأل كيف يمكن للاعب حصل على قرابة ال 200 الف دينارا من فريقه (بخلاف الطايش) ان يجد نفسه في سن الثالثة والثلاثين في حالة مادية يرثى لها. ما معنى ان يطالب لاعب قديم فريقه بمراجعة عقوده السابقة في حين تبدو كل المؤيدات مخالفة لطلباته؟! كيف يتجرأ لاعب على «فضح» نفسه مباشرة على قناة تلفزية ضاربا عرض الحائط بمبادئ الحفاظ على الكرامة وحفظ ماء الوجه؟! اين اصدقاءه المقربين منه؟ ألم يكن بإمكانهم اثناءه على ذلك بما ان ذلك المرور التلفزي لحمدي بابا على قناة حنبعل احرج كل اهل النجم الساحلي وجميع زملائه في رياضة كرة القدم التونسية، وحتى في حالة استجابة فريقه للبعض من طلباته فان ذلك فسيكون ذلك بمثابة فتح باب التسوّل على مصراعيه امام مئات اللاعبين السابقين وحتى الحاليين لتحسين اوضاعهم الاجتماعية (؟). ان مثل تلك المشاكل تحدث في مختلف فرق العالم، ولكننا لم نسمع يوما بأحد لاعبيهم يطالب بأشياء غير منطقية بالمرة، الايجابي في حكاية حمدي بابا والعيادي الحمروني وغيرهما، هو حتما قيمة الدرس المعنوي لانه سيكون في صالح لاعبينا الحاليين الذين قد يتخذون من حكاية اللاعبين القدامى خير حافز لقراءة ألف حساب لمستقبل قد لا تكون ملامحه في حجم ما ينتظرونه وما يعيشون على آماله. فمن أنذر فقد أعذر وهذا يعد بمثابة الارسالية الخاصة للاعبين الحاليين لكي يحسنوا التعامل مع وضعياتهم الحالية والتي يحسدهم عليها الكثيرون.