وزيرة الاقتصاد تقود مهمة ترويجية الى عدد من الدول الأوروبية لمنتدى تونس للإستثمار    عاجل/ طعن محامي في محكمة بالقصرين: القبض على المعتدي    كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي: الانطلاق في انجاز محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بالسبيخة سيوفر اكثر من 40 الف موطن شغل جديد    التنوير العمومي للبلديات يستحوذ على 80 بالمائة من استهلاك الطاقة في ظل وجود اكثر من 730 الف عمود انارة    السباح التونسي احمد ايوب الحفناوي يغيب عن اولمبياد باريس    قضى 17 سنة بالسجن: القبض على مروّج 'كوكايين' بالملاهي الليلية    معهد باستور تونس ينظم اجتماع "التحالف الإفريقي لأمراض الليشمانيا"    بن عروس: 90 بالمائة من الالتهابات الفيروسية للجهاز العلوي لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    نادي محيط قرقنة الترجي الرياضي: التشكيلة الأساسية للفريقين في مواجهة اليوم    منزل تميم: تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي    أبطال أوروبا: تشكيلة ريال مدريد في مواجهة بايرن ميونيخ    رسميا: الأهلي المصري يواجه الترجي الرياضي بطاقة إستيعاب كاملة في ملعب القاهرة الدولي    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    ما السر وراء اختفاء عصام الشوالي خلال مواجهة باريس ودورتموند ؟    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    حجز كمية مخدّرات كانت ستُروّج بالمدارس والمعاهد بحي التضامن..    العاصمة: القبض على مقترف سرقات من عدد من المكاتب    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    دورة جديدة لمهرجان الطفولة بجرجيس تحتفي بالتراث    حملة أمنية في نابل تسفر عن ايقاف 141 شخصا    بورصة تونس: أول شركة تونسية تتحصل على شهادة الأيزو 22301    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 8640 فلسطينيا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر الماضي..    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    بطولة مصر : الأهلي يفوز على الاتحاد السكندري 41    سياحة : نحو 30 بالمائة من النزل التونسية مازالت مُغلقة    هل سيشارك أيوب الحفناوي في الألعاب الاولمبية باريس 2024 ؟    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    الجامعة التونسية للمطاعم السياحية استعداد لتنظيم مهرجان الأيام الدولية لتراث الطبخ    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    رئيس جمعية مالوف تونس بباريس أحمد رضا عباس ل«الشروق» أقصونا من المهرجانات التونسية ومحرومون من دار تونس بباريس    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من بعد الرئيس السوداني؟
دروب: بقلم:التهامي الهاني
نشر في الشعب يوم 11 - 04 - 2009

لم يعد العرب يمتلكون خطوطا حمراء.. لم يعد المعجم السياسي العربي حاويّا لكلمات: الكرامة والإستقلال والحريّة.. ولم تعد مظاهر سلوكاتهم تضمن: التضامن والوفاء والنجدة.. وَهنَتْ عزائمهم، وخارت قوى الفعل لديهم حتى تخلّوا عن فرائض الواجب إزاء المشترك في القضايا العربية.. وبلغ الضّعف والترهّل والهزال حدّا لم يعرف التّاريخ مثيلا له.. تقلّصت المبادئ الأساسيّة التي تقدّسها القيم البشرية في كلّ أصقاع الدّنيا حتّى بلغ الأمر الى حدّ المسّ بالقيادات القطريّة التي هي «رمز السيادة» وعنوان «كرامة الوطن»...
وما أقدمت عليه، ما تُعرفُ ب: «محكمة الجنايات الدّولية» من اصدار بطاقة إيقاف للرئيس السوداني عمر حسن البشير هي الإستخفاف بكلّ العرب، واستهجان كلّ الدول من الخليج إلى المحيط.. وللتذكير إن هذه المحكمة التي كنّا كتبنا عن تاريخها وأهدافها، وعن الدّول التي صادقت على دستورها، واليوم نقول أنّ الدّول العربية التي صادقت على هذا الدستور هي: الأردن وجيبوتي وجزر القمر.. والتّهمة التي وجّهتها هذه المحكمة للرئيس عمر حسن البشير هي: ارتكاب جرائم الحرب في دارفور، نسيت هذه المحكمة جرائم سجن «أبو غريب» في بغداد وسجن «غوانتنامو» والسجون السرية التي أقامتها الولايات المتحدة الأمريكية، ألا تكون هذه، هي جرائم حرب؟
هل نسي أهل محكمة الجنايات الدّولية الأمريكان الذين قذفوا مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليبانيتين بالقنابل النّووية؟ هل نسي هؤلاء سجن أبو غريب في بغداد، وسجن غوانتنامو في كوبا الذي أقامهما الأمريكيون بدعوى محاربة الإرهاب؟ وماذا فعلت محكمة الجنايات الدولية مع اسرائيل التي ارتكبت مجازر في «قانا» اللبنانية وجنين وغزة؟
ومازالت ترتكب المجازر كلّ يوم؟ ألا يؤكد هذا أنّ محكمة الجنايات الدولية ذات مكاييل في التعامل مع الأحداث؟
إنّ مذكّرة اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير هي حلقة من سلسلة استعمارية تهدف للهيمنة على السودان الشقيق.. لو رجعنا الى التّاريخ لوجدنا بصمات الاستعمار البريطاني تمثّل مشاكل جسيمة يواجهها هذا البلد الشقيق مثل: قضيّة الجنوب...
والقضيّة اليوم هي «دارفور» وتعني الكلمة: دار أهل فور و»فور» هي احدى القبائل القاطنة في الإقليم الذي يمثّل خمس مساحة السودان.. وتقطنه قبائل مختلفة مثل: «الفور» و»المساليت» و»المحاميد» و»بني حسين» و»الرزيقات» و»المعالية» و»السلامات» و»بني هلبة».
عرف هذا الإقليم نزاعا شبّ بين «الفور» والعرب سنة 1989 وكانت المصالحة في «الفور» عاصمة جنوب الإقليم.
ونشب نزاع ثان بين العرب والمساليت غرب دارفور سنتي 1998 و2001 علما أنّ المساليت توجد أيضا في شرق تشاد لذلك كان التوتّر بين الدولتين السودانية والتشادية يظهر من حين لآخر.. وفي إقليم دارفور هناك ثلاث حركات تمرّد أساسية بالإضافة الى «جانجويد» وهي
حركة تحرير السودان والتي يتزعّمها عبد الواحد نور.. وظهرت في فيفري 2003 وتتشكّل من قبائل فور والمساليت وقبائل ذات جذور افريقية..
ويتبجّح قائد هذه الحركة برغبته في ربط علاقات مع اسرائيل.. وطبعا هذه هي الوسيلة التي يلجأ إليها (بائعو أوطانهم) لكسب تأييد الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما.
حركة العدالة والمساواة، وتتشكل أساسا من قبيلة زغاوة ويقودها: خليل ابراهيم.. ولها قائد للجناح العسكري وهو التيجاني سالم درو، وهذه الحركة لا تختلف عن الأولى في رغبتها الملحّة لإستقدام الجيوش الأجنبية لإحتلال الوطن / السودان.. وظهرت هذه الحركة سنة 2003.
حزب التحالف الفيدرالي: يتزّعمه أحمد ابراهيم دريج وهو من قبيلة الفور ونائبه من قبيلة زغاوة.
وإذا تأمّلنا الأمر مليّا نجد أنفسنا أمام الحقائق التالية:
إقليم دارفور يتمتّع بمساحة شاسعة تبلغ خمس المساحة الكاملة للسودان وهو يجاور تشاد وليبيا وافريقيا الوسطى، كما يتاخم أقاليم مهمة في السودان مثل: كردوفان وبحر الغزال، وهذا الموقع يمنح الإقليم أهميّة استراتيجية تثير شهيّة الدّول الاستعمارية.
لإقليم دارفور مخزون بترولي يقدّر ب 7 مليارات برميل.. هذا مهم وأهمّ منه، أنّ السودان بقيادة الرئيس عمر حسن البشير فتح الباب أمام الصين للتنقيب واستغلال هذا المخزون النفطي.. وطبعا هذا يعتبر من باب (الكفر) في مجال السياسة الأمريكية التي تريد تقاسم القارة الافريقية مع بريطانيا وفرنسا دون سواهما.. ولولا الصين وروسيا لكانت الجيوش البريطانية في الإقليم منذ أكثر من سنتين.
يتساءل المرء عن ظهور أهمّ حركات التمرّد في إقليم دارفور سنة 2003 أي سنة احتلال بغداد، وأعتقد أنّ الموقف السوداني المشرّف والداعم للعراق المحاصر أيّام الرئيس الشهيد صدام حسين كان أحد الأسباب التي تحرّك قوى الإستعمار لإثارة هذه الضجّة وإصدار بطاقة الإيقاف للرئيس عمر حسن البشير.
ونقول أنّ محكمة الجنايات الدولية هي أداة جديدة للإستعمار ليضيف به ما عجز عنه سياسيّا وعسكريّا.. ونقول للذين يؤيدون المحكمة الجنائية في موقفها من الرئيس السوداني من الذين باعوا ضمائرهم ووطنهم من السّودانيين: الخزي لمن يتعاطف ويؤيّد الاستعمار لإحتلال وطنه، وسوف تمرّ الزوبعة ويبقى السودان شامخا حرّا مهما كانت المصاعب والتضحيات.
وبالنسبة للدّول العربية، كان الأجدر بها أن ترفض التّهمة والإيقاف وتهدّد بتنفيذ إجراءات من شأنها حمل الدّول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على مراجعة مواقفها، وتتحوّل من (حريص) على تنفيذ الإيقاف إلى (حريص) على إلغاء الإيقاف والعمل على إرضاء الدّول العربية الغاضبة...
ونقول لقادة العرب، إنّ الغرب بات مدركا أنّ زمن الإحتلال العسكري المباشر للدول قد ولّى.. والمستقبل سوف يكون بإزاحة القيادة الوطنية ذات السلوك والمواقف التي لا تروق ولا تحفظ مصالح الغرب وإبدالها بتنصيب قيادات «تُحمل على الدبابة» لتتولّى مهمة الحفاظ على المصالح الاستعمارية مقابل «الجلوس على الكرسي» ولَوْ قُدّ من جماجم الشعب.. لذلك نقول: راح الشهيد صدام حسين وراح الزعيم ياسر عرفات واليوم يريدون الرئيس عمر حسن البشير، فمَنْ سيكون بعده؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.