«هبّلني» حاسوبي هذه الأيام، فبما أنّي اصبحت شديد التعلق به، صرت أعيش على ضوء ما يقترحه عليّ دون سواه. فمن ضمن اقتراحاته، انّه يشير في باب التوقيت إلى ساعة محددة خلتها في الأيام الاولى من هذا الشهر الساعة المعمول بها كما كان يفعل حتى أواخر مارس. وكم من مرّة وجدتني أهمّ بمغادرة المكتب لأنّها السادسة او السادسة والنصف أو حتى السابعة مساء حسب الحاسوب. وكم من مرة طلبت احضار العشاء لأنّها الثامنة والثامنة والنصف وحتى التاسعة حسب الحاسوب. وكم من مرة قطعت على البنات فرجتهنّ على مسلسل ذهب بألبابهنّ لأنّ موعد الأخبار حان حسب ساعة الحاسوب. وبالطبع كم مرّة ذكرني من حولي بان الساعة التي أتحدث عنها سابقة عن الساعة القانونية المعمول بها عندنا. كنت خارج البلاد لما وقع الاعلان عن الاستمرار في العمل بالتوقيت الشتوي وبالتالي الاستغناء عن العمل بالتوقيت الصيفي والمتمثل أو المعروف عامة بتقديم الساعة، لمدة سبعة أشهر، لما يوفره ذلك من مواكبة لما يجري حولنا وخاصة في أوروبا حيث يعملون بهذه الطريقة منذ عشرات السنين، علما وان 80 بالمائة على أقل تقدير من أعمالنا توريدا وتصديرا، سفرا للعمل أو للسياحة، تجري مع أوروبا وفي عدد غير قليل من البلدان، العربية القريبة منا. ومن مزايا التوقيت الصيفي، ربح ساعة زمن للعمل لمن يريد العمل، للفسحة لمن يريد الفسحة، للنوم لمن يريد النوم، وأذكر أنني وجمعا من الزملاء المتحمسين للعمل بالتوقيت الصيفي عنوننا المقال الخاص به لما اقرّ أواسط السبعينات ب وهو عنوان «انتحلناه» من عنوان كتاب مثير للكاتب الروماني «فيرجيل جورج»، التهمناه قراءة واعادة في إطار المطالعات التي كنّا نتنافس عليها ونتباهى بها. من مزايا التوقيت الصيفي، انّه وفر الاقتصاد في الطاقة، وعندي أرقام دقيقة عمّا تم كسبه خلال التجربة الأخيرة، وهي على كل حال منشورة في الصحف وموثقة ويمكن لأي كان ان يعود إليها. لذلك صدمت شخصيا، لما علمت بقرار التراجع عن العمل بالتوقيت الصيفي، وزادت صدمتي وقعا لما قرأت وسمعت ان شهر رمضان المعظم الذي يأتي وسط المدة المعنية هو الذي تسبب في القرار. عذر لم يقنعني صراحة ولا يمكن ان يقنعني، وسأظل أطالب باعتماد التوقيت الصيفي حتى لو بقيت وحدي. أمّا عذررمضان المعظم فهو مردود على أصحابه لسببين على الأقل: الاول ان الشهر الكريم يمتد على 29 أو 30 يوما فقط، على اقصى تقدير فيما المدة المعنية بالساعة تمتد على 7 أشهر أي حوالي 210 يوما. وواضح ان 30 يوما لا تزن وزن 210. الثاني اننا لسنا في حاجة للعودة الى التوقيت الشتوي عندما يحلّ الشهر الكريم والرجوع مرة أخرى الى الصيفي بعد انقضاء الشهر المعظم مثلما حصل في السبعينات وصارت بعض من «اللخبطة». والحلّ ان نكيّف توقيت العمل والدراسة حسب الحاجة. جرت العادة ان نعمل من الثامنة الى الثانية وان ندرس من الثامنة الى الرابعة فما ضرّ لو عملنا مع التوقيت الصيفي من التاسعة الى الثالثة أو حتى من العاشرة الى الرابعة فنمكن الموظفين والعمال من السهر كما يشاؤون على ان يذهبوا للعمل وقد نالوا ما يحتاجونه من النوم عوض ان يأتوا في الثامنة ويناموا في المكاتب. وإذا كان الذين يتمسكون بتوقيت الثامنة يفكرون في المطبخ وفي النساء، فإنني من أنصار ان يقتصر عمل الموظفات والعاملات في شهر رمضان على نصف الوقت حتى يتمكنّ من أداء الواجب المنزلي في أفضل الظروف وعلى أحسن وجه نفس الامر بالنسبة للدراسة.ت اننا بمثل هذه الطريقة نضرب عدة عصافير بحجر واحد، نعتمد التوقيت الصيفي فنكون على نفس الموجة مع العالم أجمع، نقتصد الطاقة، نقوم في رمضان بواجبنا الديني على أكمل وجه والمنزلي دون ضغط (للنساء طبعا) وننام بما فيه الكفاية ونؤدّي الاعمال المطلوبة منا وننتج في أفضل الظروف، ونزيد فنربح هذه الساعة الخامسة والعشرين، لأنّ أصعب سباقاتنا هو الذي نجريه مع الزمن.
عمل معنا منذ فترة فنّي كفء لكن عيبه أنّه يحضر متأخرا كل يوم ممّا يتسبب لا فقط في تعطيل العمل ولكن أيضا في اقتطاع جزء من أجرته عقابا له على التأخير. اتفقت مع رئيس الموظفين على ان نعالج الامر بطريقة اخرى وهي ان يأتي الرجل في الساعة 11 بدل الثامنة ويغادر في السادسة بدل الرابعة، فيتمكن من تسبيق العمل لزملائه لما يأتون من الغد من جهة ونتفادى الاقتطاع من أجرته عقابا له على التأخير من جهة أخرى. بعد يومين فقط، صار الرجل يباشر عمله بعد الحادية عشر بكثير.... فسميناه المتأخّر.