مسك ختام عروض الجاز كان مع اسمين لامعين في سماء عالم الجاز هما الفرنسي اندريه سيكارلي عازف ايقاعات «الدرامز» والامريكي عازف القيتار الشهير مايك ستارن.. ضمن سهرة تواصلت في جزئين الى ما بعد منتصف الليل وسط حضور جماهيري متفاعل مع قمة اداء الفنانين الهرمين ولا سيما الفنان مايك ستارن الذي عانق الروعة بإهدائه جماهير البازيليك باقة منتقاة من اعماله وعزفه ضمن موسيقى «الجاز فيوجن» صحبة فرقته القديرة. تواصلت عروض موسيقى الجاز من 10 الى 19 جويلية 2009 وعاش خلالها جمهور «البازيليك» لحظات لا تنسى مع فنان الساكسوفون كورتناي باين في سهرة الجمعة 17 جويلية وكذلك نجم موسيقى الريقي الايفواري ألفا بلوندي الذي حل بمدينة المرجان مساء السبت 11 جويلية للمرة الثانية بعد حفله التاريخي سنة 2001. وهناك وجد عشاقه بالالاف بانتظار اغانيه التي تدعو الى السلام ونبذ التفرقة العرقية بالقارة الافريقية والتعايش بين الاديان السماوية الثلاثة.. كما يناهض ألفا بلوندي في اغانيه سياسة إفقار الشعوب الافريقية ونزعات التسلح و «العسكريتاريا» والاستبداد السياسي وتخلف الحكومات في بعض الدول الافريقية الفقيرة ضمن اعمال يحفظها جمهوره في كل بقاع الارض عن ظهر قلب. فضاء البازيليك عاش مع ألفا بلوندي ليلة صاخبة وحالمة في الآن ذاته، وكانت الجموع محتشدة بالفضاءات المجاورة تستمتع بالعرض من خلال ما يصلها من صدى قريب وما توفره فضاءات المقاهي والمطاعم وصالونات الشاي من أوقات صيفية رائقة تواصلت الى مطلع الفجر. كثافة الحضور هذه الدورة تميزت ايضا بكثافة الحضور التونسي، وهو اختيار حرص عليه مدير المهرجان السيد محمد رضا الزواري في إيلاء مكانة مهمة للفنانين التونسيين المعروفين في دنيا الجاز وموسيقى العالم. حيث سجلت الدورة حضور الفنان القدير فوزي الشكيلي وفنان الجاز والروك عاطف لخوة والفنان وعازف القيتارة عادل الجويني الذي قدم عرضا متميزا وتكريميا لوالده فقيد الاغنية التونسية الهادي الجويني، الى جانب باقة من اعماله الخاصة والمتميزة اضافة الى فنانين اخرين مثل نبيل خمير. كما تميز الفنان خالد نملاغي في هذه الدورة بصفة عضو في لجنة التنظيم وساهم بقسط وافر في انجاح الاعداد الركحي واستضافة الفنانين وتعديل البرمجة لمزيد تجويد عروضها. وشهدت السهرة الختامية مواكبة محمودة للفنان منير الطرودي الذي يعترف بفضل طبرقة ومهرجانها العريق في فتح ابواب الشهرة له منذ حوالي 9 سنوات عندما التقى هناك الفنان البلجيكي ايريك تروفاز وانطلق معه في مسيرة اوروبية قبل ان يحلّق بفنه التونسي ونمطه المتميز الى العالمية. الطرودي يؤكد في هذا المجال أن طبرقة تبقى له بمثابة «مكة» للجاز ومزارا للموسيقى الراقية بعيدا عن ضوضاء نجوم الشرق وفقاقيع الفضائيات العربية. القصة المشوقة ككل سنة يظل مهرجان الجاز بطبرقة فرصة للعديد من عشاق الانغام الراقية والمغرمين بالجمع بين فتنة الاصطياف على رمال طبرقة وشاطئها الذهبي وبحرها الفيروزي وجبالها الخضراء وطيبة مشاعر اهاليها والاستمتاع بسهرات رائقة من الموسيقى الجميلة التي تكسب هذه المدينة الشمالية بعدها الروحي والجمالي والفكري. في مدينة طبرقة تتلاقى سنويا كل موسيقى العالم بمهرجان الجاز، فهو احد العلامات المميزة للموسم بأكمله ويجمع اسماء وفرق كبرى في هذا النمط الموسيقي، مما يجمع جمهورا وافر العدد يأتي من اقطاب عديدة ضاربا موعدا مع هذه التظاهرة ليكمل الجميع السهرة فيما بعد في أرجاء هذه المدينة وفنادقها. هذا المهرجان الذي بدأت قصته المشوقة في سنوات السبعينيات يوم استقبل اسماء كبرى من الاغنية العالمية، مما رسخ تقاليد كان من السهل احياؤها على حجارة «البازيليك» الرومانية منذ سنة 1996 ووضع المهرجان تحت عنوان موسيقى الجاز لتكون مواسم مدينة طبرقة حفلا كبيرا لكل الانماط الموسيقية. نفس قوي ومتوهج في هذه الدورة الجديدة للمهرجان الدولي بطبرقة والتي تتواصل فعالياتها الى غاية 12 اوت 2009 لمحنا الجهد الملموس والجدي من قبل جميع الاطراف الفاعلة في المدينة من سلط الاشراف كوزارة السياحة ممثلة في المندوبية الجهوية للسياحة بطبرقة وعين دراهم بولاية جندوبة والمندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث وهيئة تنظيم المهرجان التي تضم كل الفاعلين من وحدات فندقية ومسؤولين محليين ومعتمدية المكان. هذا الاشراف المزدوج على التظاهرة اظهر جليا أن سنة التداول امر محمود وتمشّ ذكي لتواصل التظاهرة بنفس قوي ومتوهج وحماس متوقد لتجسيم جملة الاهداف والخيارات التي ورد ذكرها من أجل تنشيط الحركة السياحية بالمدينة والجهة عموما لأن الاستفراد بالتنظيم امر غير احترافي بالمرة كما اثبتت الدورة بأن الغاء المهرجان في صائفة 2009 كان تصرفا يفتقد لروح المسؤولية واثر سلبا على الدورة الاقتصادية والحركية السياحية بالجهة وعلى اشعاع المهرجان ومصداقيته دوليا وقد وجدت الهيئة صعوبة في اصلاح ما افسده البعض في هذا الباب. كما ظهر واضحا أن المهرجان مكسب محلي للمدينة ومكسب جهوي لكامل مناطق خمير ومكسب وطني بالنسبة الى جميع التونسيين في اختيارهم مدينة طبرقة وجهة مفضلة لديهم للاصطياف والتمتع بموسيقى راقية ونوعية، وكذلك بالنسبة الى سلط الاشراف لا سيما وزارة السياحة التي تراهن على هذه الوجهة السياحية الواعدة لتنويع المنتوج السياحي والفندقي عالميا.