مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    الإنطلاق في تكوين لجان جهوية لمتابعة تنفيذ برنامج الشركات الأهلية    عميد المحامين يدعو وزارة العدل الى الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الالكتروني وتوفير ضمانات النفاذ الى العدالة    جمعية "ياسين" لذوي الاحتياجات الخصوصية تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية في انتعاشة لهذه السياحة ذات القيمة المضافة العالية    اختتام الصالون الدولي 14 للفلاحة البيولوجيّة والصناعات الغذائية    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة "تستقطب اكثر من 5 الاف زائر.    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية خلال مؤتمر رابطة برلمانيون من اجل القدس باسطنبول    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة انقلترا - غالاغر يمنح تشيلسي التعادل 2-2 أمام أستون فيلا    بطولة ايطاليا : تعادل ابيض بين جوفنتوس وميلان    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود التسوية والطريق المسدود
نشر في الشعب يوم 30 - 12 - 2006

ننشر في ما يلي الجزء الثالث من مقالة النفطي حولة بعنوان والتي صدر الجزء الثاني منها بالعدد 894
كانت الادارتين الامريكية والبريطانية ومن ورائهما الكيان الصهيوني قد اتخدوا قرار العدوان على العراق وما الخلاف الحاصل مع فرنسا والمانيا وروسيا الا خلافا ثانويا . بدا الاعداء يبحثون عن قواعد عسكرية اخرى الى جانب القاعدة الكبرى التي اهدتها لهم قطر في السيلية والتي بدت جاهزة للاستعمال حيث ستكون القيادة العسكرية كلها هناك تدرس وتعد كل السيناريوهات الممكنة ومنها تخرج التقارير والاعلام على العمليات العدوانية وتعقد الندوات الصحفية . قناة السويس هي الآخرى اصبحت المعبر الرئيسي للبارجات وحاملات الطائرات بعد ما كان ممرا آمنا مؤمما في عهد عبد الناصرقدم في سبيله شعبنا في مصر العربية الشهداء والتضحيات الجسام . ولاننسى التسهيلات اللوجستية الممنوحة مجانا من الكويت عبر اراضيها وصحرائها التي تدرب فيها جيش العدو على خوض غمار الحرب العدوانية بل قام فيها بعدة مناورات عسكرية حقيقية . تقدم هده التسهيلات على طبق من ذهب من طرف الدول العربية لاحتلال بلد عربي في الوقت الدي ترفض فيه تركيا عبر مؤسساتها الديمقراطية قبول استعمال اراضيها ويحتدم الخلاف في البرلمان ويشتد النقاش ويطول لمدة ايام ولا يحسم لفائدة قوات التحالف فتضطر امريكا لتبديل الخطة العسكرية .ذلك لانه في تركيا توجد مؤسسات ديمقراطية منتخبة بصفة شرعية تخضع لسيادة الشعب في المحاسبة، فلا يمكن اخد قرار خطيركاستعمال اراضي الوطن للاعتداء على شعب جار الا بعد استشارة نواب الشعب الذي قال كلمته في الشارع في شكل مظاهرات مليونية ضد العدوان على العراق فما بالك بتمويل العدوان المقتطع من قوت ابناء الشعب العربي في استنزاف ثرواتهم وانتهاك سيادة ارضهم . واذا اراد الشعب العربي ان يعبر عن رأيه في قضية خطيرة كالعدوان على العراق لايسمح له بذلك واذا نزل الى الشارع للمطالبة بالكف عن العدوان والتنديد بالاعداء فيعامل بالعنف والمواجهة الامنية وهذا ما حصل قبل العدوان وفي ايام العدوان وبعده ذلك ان الاستبداد هو السمة المشتركة التي توحد الانظمة العربية. ففي اطار الجامعة العربية الندوات الناجحة في كل قطر هي التي تجمع وزراء الداخلية العرب . وناتي الآن الى جلسات مجلس الامن التي ما فتىء يتعمق فيها الخلاف حيث لم تترك امريكا فرصة الا واستعملتها من ذلك بداية الصراع على اعمدة الصحف ضد فرنسا بل عمدت بعض الشركات الامريكية الى مقاطعة بعض البضائع الفرنسية لتنتزع منها قرار العدوان وحاولت ان تثني كل من روسيا وفرنسا على استعمال حق النقض بافتعال خلافات حادة واقناع بقية الاعضاء . وذهب اليمين المتطرف في الادارة الامريكية حتى الى التنظير لاوروبا القديمة واوروبا الجديدة التي تتزعمها ايطاليا برلسكوني واسبانيا وبلغاريا . وكانت آخر جلسة لمجلس الأمن بعد الاستماع الى تقريري كل من بليكس والبرادعي في بداية شهر مارس 2003 والتي لم يثبت فيها امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ولا وجود لبرنامج نووي بل على العكس من ذلك نوهت التقاريرالمقدمة بالتعامل الايجابي الذي لقيته اللجان ممثلة في اعضائها ورؤسائها من طرف كل مؤسسات الدولة . وبدا العد التنازلي للعدوان وفي تلك الآونة تصدر التعليمات والاوامر للجان التفتيش بمغادرة العراق وبدا الديبلوماسيون الاجانب يرحلون عن العراق عبر الحدود السورية . وفي هذا الصدد لايفوتنا ان نتعرض للموقف السلبي الذي وقفه مجلس الامن باعتباره هو الجهة القانونية الوحيدة المخولة له باصدار تلك الاومر فلم يقم باي استنكار او احتجاج ولو شكليا على تلك الدعوة بالرغم من ايماننا القطعي بانه عاجز على ذلك بل اصبح تابعا لامريكا وهو جهازها الذي تستغله لاصدار القرارات الظالمة على الشعوب والامم الضعيفة . في تلك الآونة كانت المظاهرات المليونية في اوروبا وخاصة في بريطانيا وفرنسا وايطاليا تصرخ بصوت واحد لا للحرب العدوانية على العراق مطالبة بايقافها واصفة اياها بانها حرب من اجل النفط وليست كما تدعي كل من امريكا وبريطانيا من اجل التفتيش على اسلحة الدمار الشامل . ان هذا الصلف الامريكي البريطاني يثبت اننا في عصر امبراطورية الشر الامريكي وان هدا التطرف في الضغوط على الدول من اجل العدوان على شعب آمن ودولة ذات سيادة وعضو في مجلس الامن يبين بكل بساطة ان قرار العدوان هو بيد امريكا لاغير والذي عبر عنه مجلس الامن القومي الامريكي باشراف المحافظين الجدد الذين صرحوا بذلك في العديد من المناسبات وخاصة على اثر احداث الحادي عشر من سبتمبر .بقي ان هذا القرار لابد ان يخضع للصراع بين الدول العظمى وهذا ماشهدناه واتينا على ذكره سابقا . ان قرار الذهاب الى الحرب العدوانية بتلك الطريقة يمثل خرقا واضحا للقانون الدولي هدا من ناحية الشكل من جهة و انتهاكا لسيادة الدول و امن الشعوب و ضربا للسلم الدولي من جهة اخرى . انها لسابقة خطيرة ان تقررامريكا العدوان وتختار توقيته فهذا يجعل العالم يعيش تحت فوهت بركان لايخضع للامن ولا للامان بل لقانون الغاب وقانون القوة والسطو على مقدرات الشعوب والامم . وهكذا لم تثن لا الصراعات الدولية ولا الرأي العام الدولي ولا رأي العديد من المؤسسات الاقليمية والدولية امريكا وبريطانيا عن الدخول في الحرب العدوانية . بدا العدوان على العراق في العشرين من مارس 2003 في الصباح الباكر حيث استيقظ العالم على دوي القنابل والصواريخ الفتاكة بواسطة الغارات الجوية المكثفة وانطلاقا من البوارج الحربية الموجودة في المياه الاقليمية العربية . فكان يوم عشرين مارس 2003 يوم احتجاج دولي عارم على الحرب العدوانية فنظمت المظاهرات والمسيرات المليونية المحتشدة خاصة في اوروبا وكان نصيب الشارع العربي منها قليلا اذ احتشدت قوات القمع في اغلب الدول العربية مانعة كالعادة شعبنا من التعبيرعن رأيه في التنديد بالعدوان الا ان ذلك لم يمنع الجماهير العربية من الالتحا م بالمعركة في الشارع وعبر المساهمة الميدانية في الدفاع عن عراق المجد والحضارة بالرغم من حالة الحصار التي طبقتها الرجعية العربية . اكد ذلك اليوم كما في السابق عند غزو افغانستان ان العولمة ليست انبهارا بثقافة حقوق الانسان في المواثيق والبيانات وان العولمة ليست بالنهج الديمقراطي في اتخاد القرارات واسلوب للحكم كما يدعون بل ان العولمة هي الاعتداء العسكري على استقلال الشعوب وسيادتها وامنها في زمن الهيمنة الامريكية كان يوم عشرين مارس 2003 احياء للاستعمار المباشر بحيث اصبح استقلال الدول في مهب الريح ومعرض في كل وقت للخطر خاصة اذا اصطدم بمصالح الامبراطورية الامريكية في العصر الامريكوانقلوصهيوني .
-1-
الحقيقة انه منذ احتلال أفغانستان واسقاط نظام طالبان نستطيع القول بان سيادة الدول اضحت في وضعية صعبة اذا ما تعارضت مع الغول المارد الامريكي الذي لم يبقي ولا يدر على عالم يسود فيه الامن الاقتصادي الغذائي والثقافي والسياسي لشعوب المعمورة وعلى رأسها الشعب العربي والامة العربية . ان تبرير امريكا بما يسمى بالحروب الاستباقية باسم القضاء على الارهاب والتدخل في شؤون الدول التي سمتها زورا وبهتانا راعية للارهاب يجعل من سياستها شريعة لاانسانية ترجع بنا الى القرون الوسطى والى محاكم التفتيش اين اقترفت ابشع انواع الجرائم ضد الانسانية . فاين نضع تمثال الحرية المنتصب في قلب واشنطن والذي ضحى في سبيله الشعب الامريكي لينعم بالحرية والاستقلال . فهل نشكك في نضال شعب آمن بالحرية مبدأ في سبيل ارضاء المحافظين الجدد وسياستهم العنصرية . اكيد لا والف لا ان تمثال الحرية سيظل مرفوعا بالرغم من سياسة اليمين المتطرف وان الشعب الذي آمن بالحرية سيعاقب صناع الحروب وتجار السلاح ان عاجلا ام آجلا .ولزاما علينا نقول ذلك لان حرية الشعوب كلا لاتتجزء فالشعب الامريكي هو الآن يعاني من سياسة اليمين المتطرف حيث اصبح الحل الامني ضد الشعب في المجتمع الامريكي هو السائد، فالشعب هو الذي يجني سياسة الادارة الامريكية المتطرفة . وناتي الآن الى طبيعة الحرب العدوانية لحظة بلحظة حتى سقوط بغداد . بدات بالصدمة والترويع على ان لا تدوم في اقصى الحالات اسبوعا وكانت الآلة العسكرية احدث ماتكون في عصر الثورة الصناعية الثالثة وهي عصر الثورة الالكترونية والمعلوماتية . فاستخدمت فيها امريكا آخر ما ابتكره العقل الانساني في ميدان الاسلحة الفتاكة . كانت الغارات لا تهدا برا و بحرا و جوا صباحا و مساء ا ليلا ونهارا . كانت القاذفات ب 52 تفرغ شحنتها الحاقدة بكل اريحية وكانها في نزهة فتصيب بها آلاف الضحايا بين قتيل وجريح فتلحق الاضرار المقصودة في البنى التحتية وتدمر المنشآت الاقتصادية الحيوية . فالصواريخ العابرة للقارات والموجهة باشعة الليزر والقنابل الانشطارية والقنابل العنقودية المحرمة دوليا كلها تنزل على ارض وشعب العراق فتزهق الارواح وتحطم المنازل الآهلة بالمدنيين . كل ارض العراق تحترق تحت نيران الاعداء الا ان المقاومة الصامدة لم تتوانى لحظة في صد العدوان بل واربكت العدو وخاصة في صمودها الاسطوري في ام قصر لما قررت القوات البريطانية الحرب البرية انطلاقا من الحدود الكويتية . فكانت القوات الغازية تتقدم في اتجاه بغداد تحت غطاء جوي كثيف الشيء الذي كانت تفتقده القوات العراقية بحيث كان المجال الجوي لصالح الاعداء منذ الوهلة الاولى وبلغة عسكرية فان الاعداء دخلوا الحرب العدوانية وهم يكسبون المعركة الجوية . فكانت كل قوى القيادة العراقية منصبة على المضادات الارضية لارغام العدو على التراجع ومحاولة اسقاط بعض الطائرات وهذا الذي حصل، مع العمل من جهة اخرى على استدراج العدو لحرب العصابات الطويلة الامد والحرب الشعبية وحرب المدن لما للعدو من قوة وعدة وعتاد .مر الاسبوع الاول من العدوان وكان كافيا لارباك خططه التي ينوي تنفيدها وبدا الصراع في البنتاغون بين القيادات السياسية والعسكرية على خلفية ايجاد الطريقة الاسرع لاسقاط النظام واحتلال العراق . فبدا التفكير في البحث عن العملاء الذين اتو بهم قصد التمويه وبث البلبلة والفوضى في صفوف القيادة العسكرية العراقية . كان المشهد في ساحة الوغى يثبت صمود المقاومة فعمدت القوات الامريكية وبمعلومات مخابراتية ضرب مطعم الناصرية يوم 12 افريل 2003 ظنا منها ان القائد صدام حسين يشرف فيه على اجتماع لقيادة العمليات وذلك قصد ارباك القيادة العسكرية الوسطى وقطع اي اتصال بالقيادة المركزية وكان تصدي قيادات حزب البعث والمنضوين تحت اطاره كفدائيي صدام و جيش القدس وكل الوطنيين المخلصين وعلى رأسهم الناصريين والشيوعيين التابعين للكادر والاسلاميين كلهم يشكلون وحدة نضالية وطنية ضد العدو الاجنبي الغازي . كان المتطوعون العرب الذين دخلوا في بداية التحضير للعدوان قد اسهموا في الصمود وبرهنوا على كفاآت عالية في صد العدوان . تمكنت بعض فصائل المقاومة من اسر بعض الجنود الامريكان وانتشر الخبر على كل الفضائيات فجن جنون الادارة الامريكية لان ذلك يعد تحديا لقوتها العسكرية فبدات تصب نار غضبها على بغداد فلم يسلم اي موقع في بغداد زارته فرق التفتيش سابقا والتي كان عملها في جزء منه مخابراتيا فحاولت بتلك الضربات المؤلمة والموجعة شل قدرات الجيش وخاصة الحرس الجمهوري كقوة نخبة واستراتيجية . وبما اننا بصدد التعرض للمقاومة فلا يمكننا ان ننسى ذلك الفلاح الذي اسقط مروحية باستعمال سلاح تقليدي الشيء الذي يعبر على رفض الشعب العربي في العراق للغزات وتصميمه على المقاومة .مرت ثلاثة اسابيع على العدوان ولايزال على اشده فاستعملت فيه شتى انواع الاسلحة الفتاكة واقواها رعبا وهولا وخرابا ومن تلك القنابل تلك القنبلة التي تزن 10 اطنان والتي تترك دمارا هائلا لامثيل له في البنى التحتية واما بالنسبة للبشر لاتخلف فيهم غير الهيكل العظمي هذا باعتراف العدو نفسه . وفي الليلة الفاصلة بين 8 و9 افريل 2003 لم يهدا القصف الجوي ولو لحظة واحدة وعاشت بغداد في ظلام دامس حيث دمر القصف الشبكة التي تغدي بغداد بالكهرباء ومرت على بغداد ليلة ليست ككل الليالي حزينة عمدت فيها القوات الامريكية منع وسائل الاعلام بل اطردت وحاصرت الصحفيين في فندق فلسطيين وسط العاصمة لعدم تمكينهم من الخروج ونقل مشاهد حية من الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق الجيش والشعب ومن تجرا وخرج لاداء عمله الصحفي الدي يمليه عليه الواجب مات شهيدا مثل طارق ايوب مراسل الجزيرة . ان جريمة من هذا النوع وبهذا الحجم رتب لها بايقاع بعض الخونة الذين مكنوا الاعداء من القيام بجرائمهم فاستعملوا القنبلة المسمات ارتجاجية فهي تقتل ما حولها على بعد شعاع من مآت الامتار وتحدث رجة شبيهة بالزلزال . كان تنفيد تلك الجريمة بعد معركة المطار الاولى التي تكبدت فيها القوات الغازية خسائر فادحة في العتاد والارواح . عاشت بغداد على عمق جرح لن يندمل بسهولة على وقع الجريمة من جهة وعلى وقع روائح بعض الخونة من هنا وهناك الذين لم يخلوا التاريخ منهم . بدا عصر المقاومة يلوح في الافق والذي ليس بالغريب على امة انجبت الشيخ عزالدين القسام وسنا ء المحيدلي وشيخ الشهداء عمر المختار والقائد المعلم جمال عبد الناصر. فمند التاسع من افريل 2003 تشكلت المقاومة لان القادة العارفين لطبيعة العدو اختاروا عن وعي استدراجه لمعركة التحرر في اطار حرب العصابات الطويلة المدى . لا زلنا نتدكر تلك المشاهد التي وقع عرضها على الشاشة وهي تبرز الزي العسكري المنتشر وسط الطرقات وربما الشيء المهم في هذا كله هو الاختفاء المفاجىء للجيش قبل اعلا ن قوات المحتل عن حله .
-2-
وهكذا برزت للوجود مقاومة شرسة ضد المحتل بددت صور الظلام المخيف الدي خيم على عاصمة الرشيد وانبلج النورمن نفق الظلمة الرهيبة ورجع الامل في الذات العربية المكلومة وبدا العدو يغرق في المستنقع العراقي شيئا فشيئا حتى اصبح يتآكل من داخله وتتباين وجهات نظر منظريه الذين اغرقوه في الوحل وها هو يتوجع الآن على وقع ضربات المقاومة الوطنية والقومية الصامدة التي شرفت بتضحياتها الجسام كل مواطن عربي بل وكل انسان في العالم يريد التخلص من نير الاستعمار وجبروته وجرائمه .
وناتي الآن لوعود قوات التحالف للرجعية العربية كالعادة كل ما ساعدتها على الخروج من مازقها وعلى رأسها التعويض عن خسائرها الاقتصادية ثم عرض مشروع حل تسوية لحل القضية الفلسطينية . عرضت امريكا على الانظمة العربية ما يسمى بخارطة الطريق والتي تتلخص في اعادة الروح للمفاوضات على قاعدة الخروج من قطاع غزة والضفة الغربية في الحدودالتي كان فيها الجيش الصهيوني قبل اندلاع الانتفاضة في 28 ايلول سبتمبر2000 ثم يقع تشكيل حكومة تكون رئاستها مستقلة عن رئيس السلطة ثم تجري مفاوضات للوصول الى شروط تأسيس الدولة الفلسطينية . اولا نلاحظ ان هده المقترحات ستؤدي الى نهاية دور عرفات وايجاد صراع داخل السلطة الفلسطينية بين القابلين للتسوية بلا قيد اوشرط و الذين ما زالوا متمسكين بالحد الادنى للثوابت الوطنية الفلسطينية وهي اقامة الدولة الفلسطينية على كامل الاراضي المحتلة سنة 1967 ولاتخضع للتقسيم العنصري وتكون متصلة لاوجود لكانتونات فيها وعاصمتها القدس الشيء الدي تمسك به الزعيم الشهيد ياسر عرفات . وعلى خلفية هدا الخلاف نشب صراع بين رئاسة الوزراء ورئيس السلطة الفلسطينية ادى الى خلاف داخل الاجهزة الامنية التي انحازت في غالبيتها الى رئيس السلطة . كما كان الهدف المرحلي والاستراتيجي الدي يقود الكيان الصهيوني في علاقته بالتسوية هو القضاء على المقاومة والذي يتمثل في سقوط صواريخ القسام وغيرها من الصواريخ المحلية الصنع على شمال فلسطين المحتلة واستعمال المتفجرات والعبوات الناسفة .بدات المفاوضات على هدى خارطة الطريق وتواصلت قليلا الا انها اصيبت كغيرها من الحلول بالعجز نتيجة صلف العدو الصهيوني فاعتبرها ماتت في منتصف الطريق . بل بدا الطعن في الشرعية التاريخية التي يتمتع بها الزعيم الشهيد ياسر عرفات وسمي بالارهابي من طرف امريكا والعدو الصهيوني وذلك لسببين اثنين على الاقل
- 1 تمسكه بالحد الادنى الوطني الدي بدونه يفقد شرط وجوده :
-2 عدم استجابته لشروط العدو الصهيوني في القضاء على المقاومة بالرغم من انه مارس عدة ضغوطات عليها وكانت في بعض الاحيان مؤلمة الا انه تبين بعد ذلك انها كانت تكتيكية .
وادا تاملنا في الساحة الفلسطينية وخا صة فصائل المقاومة نجد انه ولد فصيلا من رحم منظمة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية وهو شهداء الاقصى . هنا نفهم عبقرية الرجل في تعامله مع الساحة الفلسطينية وماتحمله من تناقضات وخلافات طائفية ومذهبية وكيف كان باستطاعته ان يوحد بينهم . بالرغم من اختلافنا مع نهج التسوية ورفضنا للتطبيع مع العدو وايماننا بالاءات الثلاثة التي رفعتها قمة الخرطوم سنة 1969 وآمنت بها الناصرية وهي لاصلح لاتفاوض ولا اعتراف وما افتك بالقوة لا يسترد بغير القوة الا اننا لا يمكنن الا ان نجل الرجل الشهيد الزعيم ياسر عرفات على اقدرته في ادارة الصراع داخل الساحة الفلسطينية و داخل الساحة العربية وما فيها من صراعات ادت في الكثير من الاحيان بابناء شعبنا الفلسطيني ان يظلم ابتداءا من مجزرة سبمتبر 1970 الذي قام بها النظام الاردني الى مجزرة تل الزعتر سنة التي قام بها نظام حافظ الاسد وصولا الى ما عانوه في الكويت سنة 1991 وما يعانونه الآن في العراق من اضطهاد على يد الطغمة الحاكمة ومن يواليها من مليشيات .
ان يوقع الرجل على اتفاقيات ومعاهدات ويصبح ارهابيا في وجه الاعداء بل ويصل الامرحد تدبيرالمكيدة للتخلص منه يطرح عدة نقاط استفهام . اولا لانشك في وطنيته وفي شرعيته بل نحيي الدور التوفيقي الذي قام به في العديد من المناسبات لراب الصدع بين الفرقاء وربما حتى بين الانظمة العربية ذاتها . لازلنا ندكر كلماته الدالة على تمسكه بالخيار الوطني في حده الادنى « اللي موش عاجبو فليشرب من البحر الميت « ويقول مؤكدا اصراره على التحمل والصبر في سبيل قضيته «يا جبل ما يهزك ريح «
ان الحصار الدي عاشه في رام الله والذي دام ثلاث سنوات تقريبا جعله قويا وصلبا في تعاطيه مع قضية في عمق القضية الفلسطينية . والذي يلفت الانتباه ولانستغرب منه هو انصياع الحكام العرب لقرار بوش الابن بعدم الاتصال به حتى هاتفيا باعتباره ارهابيا ويساند المنظمات الارهابية . هكذا كانت نهاية الزعيم الراحل ياسر عرفات محاصرا من طرف الاعداء كلهم من امبريالية وصهيونية ورجعية عربية ولا تزال نهايته محل نظر وبحث وتقصي لما لفها من غموض مقصود .
فهذا الزعيم الشهيد يقابل بمثل هذا الصد ويصنف في قائمة الارهابيين بالرغم من التنازلات المؤلمة التي قدمها وعلى رأسها الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني ثم المفاوضات معه والتي تم في اثنائها الغاء البند المتعلق بالكفاح المسلح في الميثاق الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية . فهذا ان دل على شيء فيدل على ان خيار التسوية مع العدو هو طريق مسدود ذلك ان الكيان الصهيوني يريد ان ياخد اكثر مما يعطي فحتى مايسمى بالتنازلات التي قدمها للطرف الفلسطيني سرعان ما يلتف عليها بل وينقلب ضدها والدليل على مانقول جيشه وآلياته العسكرية التي لم تغادر لاقطاع غزة ولا الضفة الغربية .واذا ما استعملت المقاومة الفلسطينية بعض الصواريخ التقليدية والتي لايصل مداها على اقصى تقدير 20 كيلومترا يعربد العدو وينزل بكل قواته وآليته الحربية المدمرة بما فيها طائرات الميغ والمروحيات والصواريخ المهدات من طرف الحليف الاستراتيجي الامبريالية الاميريكية . فتقوم الدنيا ولا تقعد تنديدا بالمقاومة الفلسطينية المشروعة وتعتبر ارهابا بينما ما يقوم به العدو يعتبر دفاعا عن النفس . وفي المقابل اذا ما عثرت المخابرات المصرية او الاردنية على سلاح داخل عبر الحدود سرا وبايادي فلسطينية فيحجز السلاح و تقام المحاكمات ضد الفلسطينيين وهي احدى نتائج المعاهدات و التسوية التي تقوم بها الرجعية العربية خدمة لمصالحها على حساب قضية امتنا المركزية . افلا نخجل نحن كشعب عربي من هذه المعاملات العكسية اعني انه بالرغم من ان العدو الصهيوني يكتسب ترسانة عسكرية رهيبة الا ان اوروبا كلها تدعمه بالسلاح والمال .
-3-
ويقال لنا في المقابل ان الاموال التي تدعمون بها شعبكم تاتي ضمن شبكات وجمعيات ارهابية في زمن الارهاب الرسمي الدي تمارسه الدولة الامريكية على شعوب العالم العربي والاسلامي . ان اكبر ارهاب عالمي هو ما تقوم به امريكا في العراق وافغانستان وما تقدمه من دعم للعصابات الارهابية الصهيونية . ومن هذا المنطلق فاننا نعتبر ان مساندة شعبنا في فلسطين او في العراق او في لبنان بالمال هو اضعف الايمان مساهمة منا كجزء من الامة العربية في نضال اخوتنا ضد الاستيطان الصهيوني والاحتلال الامريكي وما الدعاية المزعومة لغسيل الاموال بدعوى انها لحساب جماعات ارهابية الا قطع الطريق امام الشعب العربي وارهابه بعدم مساندة اشقائه الذين يعانون الامرين من السياسة العنصرية الارهابية التصفوية التي تمارسها الدولة الامريكية والكيان الصهيوني .فكل الطرق استعملها الاستعمار لثني هذه الامة عن تحررها و وحدتها وتقدمها ابتداءا من اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 لخلق حدود وهمية بين ابناء الشعب العربي الواحد الى زرع الخلافات الطائفية والعرقية والمذهبية ووصولا الى سن قانون الارهاب لفك ارتباط الشعب العربي عن بعضه البعض. فيزرعون بذلك الخوف من التضامن مع الشعب العربي في فلسطين والعراق ولبنان تحت تعلة قانون الارهاب . نحن امة التضامن والتآخي والتآزر في زمن الشدائد هذا ماتعلمناه من تراثنا وتقاليدنا وديننا .نحن امة حاتم الطائي والسموئل و سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم امةالكرم والضيافة والمجد فكيف يزرعون فينا التفرقة باسم قانون الارهاب لكي لا ندعم قضايانا التي لايشك احدا في عدالتها وصدقيتها . وكما يقول الشاعر العربي المناضل مظفر النواب
اننا امة لو جهنم صبت على رأسها واقفة
ما حنى الدهر قامتها ابدا
انما تنحني لتعيد المقادير ان سقطت
ان تقوم تتم مهمتها الهادفة .
النفطي حولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.