غياب التركيز في الفصل وشرود التلميذ بين الفينة والأخرى وتدني المستوى العلمي لبعض التلاميذ الاخرين يرجعه البعض إلى تاثر هم بالجو العائلي الذي يعيشونه وبالأحرى إلى عدم صفاء هذا الجو الذي تعكره الخلافات العائلية والمشاكل الناشبة بين الوالدين في غالب الأحيان ومهما كانت أسباب هذه الخلافات بسيطة إلا أن الطفل لا يمكن أن يكون بمعزل عنها مما يساهم في شروده وتشتت تركيزه في القسم وصعوبة تكوينه لعلاقات متينة مع زملائه نتيجة لعدم ثبات شخصيته هذا ما أكده السيد سفيان الزريبي مختص في علم النفس للإعلان الذي شرح كيفية تأثير المشاكل العائلية على نفسية الطفل التلميذ ومساهمتها في تراجع مستواه المعرفي وكيف يمكن تفادي هذه المشاكل.. يقول السيد سفيان الزريبي إن الأسرة هي الخلية التي يترعرع فيها الطفل ويكبر وهي «الجسد» الثاني بعد جسد الأم وهي كذلك الفضاء الثاني لبناء الشخصية. والجسد الأسري له انعكاس على النمو الجسدي للطفل بصفة استثنائية وعلى نموه النفسي وتوازنه وسيكون له انعكاس على الدراسة فالمشاكل التي كانت داخل الأسرة مهما كان نوعها (خلافات مستمرة بين الأب والأم عنف لفظي أو جسدي غياب الأب أو الأم حالات الطلاق) يمكن أن تؤثر على نفسية الطفل. العنف الجسدي أو اللفظي الطفل سيشعر أن العلاقة بين الأب والأم علاقة متوترة تهدد بانفصال الطرفين فيحس بدوره أنه مهدد وليس لديه صورة واضحة عن عائلته وعادة مايولد العنف عنفا فتسوء معاملة الأطفال ونجد بالتالي أطفالا خائفين مكتئبين يفكرون في المشاكل التي تحدث بين الأب والأم وهذا ما يلهيهم عن دراستهم ويجعلهم عازفين عن القيام بواجباتهم الدراسية فيصبحون جسدا بلا روح وهو ما يؤدي في كثير من الحالات إلى الإنقطاع المبكر عن الدراسة. وفي حالة غياب صورة أبوية واضحة في ذهن الطفل حيث يكون الأب حاضرا جسديا وغائبا معنويا يصبح رمز السلطة غائبا في ذهنه وينشأ تنشئة غير سليمة تدفعه إلى التصرف بطريقة هامشية لا يحترم فيها الأستاذ أو المعلم أو الإطار المدرسي ويصبح سلوكه في الشارع سلوكا متهورا عدوانيا ومهددا بالإنحراف وعادة ما يحيد عن المنهج الدراسي فيكون مآله الطرد. أما في حالة غياب الأم حيث تكون الأم حاضرة جسديا غائبة معنويا يكبر الطفل دون حنان ويكون له نوع من الوجدان الخيالي فيميل للإكتئاب أو الإنزواء أو الخوف وتكون شخصيته هشة وهو ما من شأنه أن يؤثر على المردود الدراسي للطفل. أما في صورة غياب الأب والأم معا وإيلاء مسؤولية التربية إلى الجد أوالجدة أو إلى أحد الأقارب فإن التلميذ لا يجد شخصا يحس معه بالأمان وهو ما يولد له اضطرابات في بناء الشخصية فتكون ردود فعله مختلفة بين الإكتئاب ورفض المجتمع الذي يحس أنه قاس فتكون شخصيته صعبة المراس ويكون عرضة للخروج من السلك المدرسي. الحلول حتى لا تؤثر الخلافات العائلية على المردود الدراسي للتلميذ يجب أن يولي الأولياء أهمية كبرى لنفسية الطفل فيجعلوا خلافاتهم في فضاء ضيق ويتجنوا قدر المستطاع أن تكون هذه الخلافات على مرأى ومسمع من أبنائهم وفي حالة الإنفصال النهائي يجب على الأولياء أن يعدوا أطفالهم نفسيا لهذا الوضع الجديد أو يتجنبوا طريقة كسب الطفل إلى أحدهم على حساب الاخر وأن يعطوا صورة جيدة لكلاهما ويكونا حاضرين في ذهن الطفل بطريقة إيجابية وأن يستمرا في اداء دورهما على أحسن وجه تماما وكأنهما حاضرين