تعيش أغلب البيوت التونسية حالة طوارئ بسبب تفشي الأنفلونزا ولعلّ أصحاب الأمراض المزمنة التي يمكن أن تصاب بهذا الفيروس هي الفئة الأكثر تخوّفا من العدوى احتياطات عديدة وتحذيرات ومخاوف لاحظناها لدى هذه الفئة خاصة في ظلّ وفاة ثلاثة مصابين بهذا الفيروس سجلتها بلادنا منذ انتشار الفيروس، نزلنا الى الشارع التونسي فكان الريبورتاج التالي.. بداية جولتنا كانت مع السيدة منيرة (موظّفة) حول هذا الموضوع تقول «أعاني من مرض السكري وضغط الدم فقد بادرت بشراء المواد المعقّمة كما اشترطت على أبنائي ارتداء الكمّامات حتى لا ينقلوا لي العدوى من المدارس» وتختم محدثتنا القول «فعلا بعد سماعي بحالات الوفاة كثرت مخاوفي من هذا الفيروس».. أما السيدة سعاد والتي تبلغ من العمر 54 سنة فتقول «عند سماعي بحالات الوفاة وانتشار الفيروس لم أعد قادرة على الخروج من المنزل بسبب الخوف من العدوى كما أنني بادرت بشراء الجال المعقم» تضحك محدثتنا قليلا ثم تشير إلينا بأنها أصبحت تتجنب أحفادها هذه الفترة قدر المستطاع خاصة وأنهم يزاولون تعليمهم بالمدارس والمحاضن. خلافات يومية «سيناريو الخلافات أصبح يتكرّر بصفة يومية» هكذا استهلّ السيد عبد المجيد حديثه معنا خلال لقاءنا به ويقول في هذا الصدد ان زوجتي تعاني من ضيق التنفس ومرض السكري وبعد حالات الوفايات التي سجلتها بلادنا تغيّر سلوك زوجتي وأصبحت كثيرة الشجار معي وأحاول في كل المناسبات تغيير الموضوع ويختم محدثنا القول : أتمنى أن تنتهي موجة هذا الفيروس حتى تنتهي مشاكلي مع زوجتي. مسألة عادية لئن أبدى العديد من المواطنين وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة مخاوفهم من انتشار هذا الفيروس فقد اعتبر البعض الآخر ممن التقينا بهم أن المسألة عادية ولا داعي للخوف ويقول في هذا الصدد السيد علي منصور الذي يعاني من أمراض مزمنة كضيق التنفّس وانسداد في شرايين عروق القلب أنه مهما بلغت حالات الوفايات فإن هذا الأمر لا يدعو للخوف ويضيف محدثنا : «لا أعاني الستراس والإكتئاب» ويختم القول «انها فرصة حقيقية ومناسبة هامة لتعلّم أداب النظافة لا الخوف ويشاطره الرأي السيد محمد (عامل) والذي اعتبر أن المسألة طبيعية ولا تدعو الى كل هذا الهلع ويقول صحيح ان المرض عدوّ الإنسان لكن هذا لا يعني أن نخاف منه بهذه الطريقة ويختم القول بأن الرياضة والمشي هي أهم مقاوم لكل الأمراض بما فيها أنفلونزا الخنازير. أما بالنسبة للشاب عماد فقد حدثنا عن أهمية التعقيم والتي صارت عادة ضرورية في منزله ويقول إن والدتي تعاني من أمراض مزمنة (الغصّة ومرض على مستوى العين) واعتبر أن حالات الوفايات بالنسبة لمن يعانون من أمراض مزمنة أصبحت تمثل مسألة حساسة بالنسبة لوالدته وإنطلاقا من هذه الحالات أسئلة عديدة أصبحت مطروحة : لماذا يستهدف الفيروس أصحاب الأمراض المزمنة؟ وماهي هذه الأمراض التي تشكّل خطرا على المريض؟ توجّهنا بهذه الأسئلة الى الدكتور محمد أنور الرياحي والذي اعتبر أن مضادات هذا الفيروس عندما تستهدف الشخص الذي يعاني من أمراض مزمنة مثل مرض ضيق التنفّس والسكري والكبد يفقد جسمه قوّة المناعة وبما أن هذا الفيروس من نوع القريب فإنه عادة ما يشكّل خطورة لمن يعانون من أمراض جهاز التنفس بإعتبار أن جهاز التنفس يزوّد خلايا الجسم بالأوكسيجين ويخلصها من ثاني أوكسيد الكربون وتتداخل عوامل عديدة مؤثرة في عملية التنفس منها عوامل عصبية وأخرى كيميائية ويضيف الدكتور ان الفيروس يشكّل خطورة على الفئة التي تعاني من مرض الكبد بإعتباره عضوا غدديا في الجسم ويمثل مركز تصنيع بروستات البلازما الدموية كما أن الكبد يلعب دورا هاما في تنظيم مستوى السكر في الدم والتخلّص من السموم والكحول وتحطيم الميكروبات ونفايات الخلايا ويضيف الدكتور أنور أن أبرز أمراض الكبد تتمثل بالأساس في إلتهاب الكبد الفيروسي الذي ينتج عن توطن الفيروس في الكبد وتكاثره بصورة سريعة مما ينتج عنه انتفاخ وتمزّق لجدران الخلايا الكبدية وانتشاره بصورة مكثفة لكريات الدم البيضاء بأنواعها في الكبد. ويختم الدكتور القول ان أمراض السكري وضغط الدم لا تشكّل خطورة كبيرة ما عدا أمراض السكري (الأنسولين وأمراض القلب) بإعتبار أن القلب يشكّل العضو الرئيسي في الجهاز القلبي الوعائي ومحطة الضخ الرئيسية ومن أبرز أمراض القلب الذبحة الصدرية وأمراض الصمامات واعتلالات العضلة القلبية. حتى نهاية موجة هذا الفيروس أملنا كبير في الطاقم الطبي التونسي في احتواء هذا المرض وإيجاد أسرع الحلول للتصدي لهذا الوباء