ظاهرة التغيب عن العمل هي ظاهرة متفشية جدا في الكثير من البلدان وخاصة في فرنسا إذ تعتبر الرائدة في عدد الغيابات المسجلة للعمال (7 بالمائة) وبالنسبة لنا في تونس فإن هذه الظاهرة بدأت تستفحل شيئا فشيئا رغم أنها تظل منخفضة (4 بالمائة) مقارنة ببلدان أخرى وسواء أن كان الغياب لأسباب صحية أو لأسباب أخرى فإن ذلك يعطل سير العمل ويؤثر على إنتاجية المؤسسة ولئن يعتبر الغياب لأسباب صحية مبررا قانونيا وماديا فإن سياسة «الحاضر الغائب» المتفشية بدورها في مؤسساتنا تطرح أكثر من استفهام عن سبب غياب الضمير المهني لدى الكثيرين حتى لا نعمم وسبل تدعيم وعي المواطن وتحفيز قدرته على الإنتاج . والغيابات هي عبئ اجتماعي يكلف الكثير وقد بينت نتائج دراسة قام بها الكنام على امتداد ثلاثة سنوات 2006 و2007 و2008 تطورا في عدد العطل المرضية في الأمراض العادية والأمراض طويلة المدى إذ فاقت في 2008 ال94 ألف عطلة. أكثر من مليون يوم عمل ضائع . وقدرت الدراسة نسبة الأيام الضائعة ب4,6 مليون يوم ضائع في السنة بالنسبة للأمراض القصيرة المدى وب2,3 مليون يوم ضائع في الأمراض طويلة المدى وتستأثر جهات الشمال بأكبر نسبة في الأيام الضائعة وبالنسبة لحوادث الشغل يصرح سنويا ب44ألف حادث شغل أغلبها تكون في مقر العمل والبقية في الطريق المؤدية إلى العمل ويترتب عنها ضياع أكثر من مليون يوم عمل وأكثر الحوادث تحدث في مجال البناء والأشغال العامة وتعمل الكنام حاليا على إعداد تقنية إعلامية جديدة تتولى من خلالها التحكم أكثر في الغيابات عن العمل وتسجيل كل المعطيات المتعلقة بالمضمون الاجتماعي . شهادات طبية للمجاملة الشهادات الطبية التي تسند مجاملة هي من النقاط الهامة التي أثيرت خلال الملتقىالعلمي الذي نظمته جمعية متفقدي الشغل بالحمامات يومي الاربعاء والخميس حول موضوع «التصرف في الغيابات آلية لدفع القدرة التنافسية للمؤسسة» وهذه الشهادات تسند دون تردد من بعض الأطباء ويعتمدها العامل لتبرير غيابه هذه الشهادات كانت محل جدل كبير وطرحت إمكانية مساءلة الطبيب من طرف المؤجر في حال ثبوت علمه بأن حالة العامل لاتستحق الغياب عن العمل أو أن الشهادة أسندت دون فحص الأجير وستعمل الاطراف المعنية على الحد من هذه التصرفات . الأحذية والجلود كان لنا لقاء على هامش هذا الملتقى مع السيد محمد مصدق رئيس الجمعية التونسية لمتفقدي الشغل وسألنا عن ظاهرة التغيب عن العمل يقول محدثنا أن التغيب عرف ارتفاعا كبير في السنوات الاخيرة وأكثر الغيابات سجلت في القطاعات المصدرة كليا وقطاعات الأحذية والجلود وقطاع صناعة الملابس وكذلك في قطاع البناء والأشغال العامة وتقدر نسبة الغيابات ب 4 بالمائة وترتفع هذه الغيابات في فصل الصيف وأكد محدثنا على أهمية التوعية للحد من هذه الظاهرة التي تنخر كيان المؤسسات وتؤثر سلبيا على الاقتصاد الوطني وفي سؤال عن أسباب التغيب أجاب محدثنا ان الأسباب موضوعية وذاتية أما الأسباب الموضوعية فهي المتعلقة بحالات الاكتظاظ ووسائل النقل التي تجعل من العامل يميل إلى الخمول و «التكركير» أما الأسباب الذاتية فهي أسباب نفسية متعلقة بالشخص في حد ذاته وتحتل تونس الكبرى المرتبة الأولى من حيث الغيابات في العمل وهذا مبرر لكثرة الضغط فيها تليها في مرتبة موالية صفاقس ثم نابل وسوسة وأقل العمال تغيبا هم أبناء الجنوب وعموما أثبتت الدراسات أن أصحاب الألتزامات المادية والقروض هم الآخرون الأكثر حرصا على الحضور.محدثنا ختم كلامه بالتأكيد على خطورة الغياب على سير المؤسسة ودعا بإلحاح إلى مراجعة احكام مجلة الشغل حتى تكون مواكبة للواقع ودعا عمادة الأطباء إلى مزيد متابعة الأطباء للحد من ظاهرة الشهادات الطبية الصورية