أخبار تونس – تنفرد نابل بطريقة خاصة لإستقبال السنة الهجرية الجديدة من خلال إعداد حلويات “عرائس السكر” المميزة التي يتزايد عليها الطلب وتزدهر سوقها مع مطلع كل عام، وتحول هذا الاحتفال منذ سنة 1997 إلى مهرجان سنوي ببادرة من “جمعية صيانة المدينةبنابل” للتعريف بإحدى أهم العادات والتقاليد بالوطن القبلي وتدعمت التظاهر سنة 2006 بإحداث مسابقة لصنع عرائس السكر، كما عرفت سنة 2004 تقديم العرض الأول للشريط الوثائقي “عرائس السكر بنابل” للمخرج السينمائي أنيس الأسود.. فأخذت التظاهرة بعدا سياحيا وترويجيا أدخل على الجهة كثيرا من النشاط والحركية. ولإلقاء بعض الضوء على صناعة “عرائس السكر” بنابل وبعض العادات الأخرى المصاحبة لها مثل “مثرد رأس العام” و”كسكسي رأس العام”، تحولت “أخبار تونس” إلى فضاء سيدي علي عزوز بالمدينة العتيقة بنابل وإلى محلات بيع “عرائس السكر” بأسواق “عاصمة البرتقال والقوارص قصد إستجلاء طريقة إعداد هذه الحلوى الشهية وتلوين مختلف أصنافها وأحجامها من الحرفيين والمستهلكين لها على السواء فكانت هذه المتابعة: البداية كانت مع الحرفي هيكل حمزة صاحب 3 جوائز في دورات سابقة بمهرجان “عرائس السكر” الذي كان يعالج مكعبات الحلوى البيضاء مستخرجا إياها من القوالب الخشبية حيث قال ان عملية الإعداد تتطلب توفير بعض المقادير مثل مسحوق السكر والماء وملعقة من مادة “الكريمو” أو ما يعرف ب”روح الليمون” ثم طبخ الخليط لمدة ربع ساعة تقريبا حتى ينضج السكر ويكتسب اللون الناصع فيوضع في قوالب خاصة ليتخذ العجين أشكالا متعددة ويتم تلوينه فيما بعد بأصباغ صحية ذات ألوان زاهية وجذابة تستخرج من النباتات لتصبح جاهزة للعرض في المحلات والأسواق الشعبية بالمدينة. وتعلم هيكل حمزة صناعة “عرائس السكر” عن والده محمد حمزة الذي خبر بدوره فن إعداد الحلوى عن أشهر قدماء الحرفيين بمدينة نابل في النصف الأول من القرن الماضي حيث كان عددهم قليلا جدا إلا أن صناعة “عرائس السكر” إنتشرت لدى الكثير من الحرفيين الشباب الذين عملوا كمساعدين بمحلات أمهر طهاة الحلوى. وبالإضافة الى “عرائس السكر” يعد أهالي نابل “مثرد رأس العام” وهو طبق تقليدي من الكسكسي بالقديد يوضع في إناء فخاري خاص ذي لونين أصفر وأخضر ثم يزيّن بالفواكه الجافة والبيض المسلوق وغيرها من المكسرات والحلويات. كما التقت “أخبار تونس” في هذه المناسبة بشيخي الحرفيين محمد حمزة ومحمد البهلول ليشكل لقائهما فرصة هامة لسرد جوانب شتى من تاريخ صناعة “عرائس السكر” بنابل وليستعيدا بذلك ذكريات لا تنسى وقال محمد البهلول (88 سنة) انه كان يجمع العلب الكرتونية الفارغة المتخذة لتعليب التمور ليوظفها كقوالب لصناعة “عرائس السكر” قبل أن يهتدي بمعية غيره من الحرفيين لاتخاذ قوالب من “الجبس” لاتزال تستعمل إلى حدّ الآن في مدينة نابل وبعض المدن الأخرى مثل المعمورة ودار شعبان على خلاف القوالب الخشبية التي جلبها حرفيون مصريون وايطاليون جاؤوا خصيصا للمشاركة في فعاليات مهرجان “عرائس السكر”. وتتعدد الروايات وتختلف حول أصول صناعة “عرائس السكر” فهناك من يرجع ذلك إلى بعض المدن الايطالية كباليرمو وصقلية وهناك من يرجعها إلى أصول يهودية وهنالك من يذهب به الزعم إلى أن أصول “عرائس السكر” فينيقية بونية أما البعض فيحاول إرجاعها إلى أصول عربية (فاطمية أو حفصية أو أندلسية). ويشكل مهرجان “عرائس السكر” الذي بلغ دورته الخامسة بحلول السنة الهجرية 1431 فسحة كبرى لتنظيم ورشة للحرفيين وورشة للطلبة في صنع العرائس وزخرفتها تتوج بمنح جوائز مالية قيّمة لتشجيع مختلف الشرائح على التطوير والابتكار والإبداع والتميز في مجال اختيار أشكال العرائس وأحجامها وتناسق ألوانها. وتتكون أشكال “عرائس السكر” في الغالب من مجسمات تتخذ هيئة أسد أو ديك أو جمل وتمنح للأطفال الذكور. وتتخذ شكل عروس وتمنح للفتيات بمناسبة توديع السنة الهجرية المنقضية واستقبال السنة الهجرية الجديدة. ويحرص المشرفون على مهرجان “عرائس السكر” على تواصل هذه العادة عبر الأجيال بمنح كل الزائرين من الأطفال لمعرض العرائس بفضاء سيدي علي عزوز نماذج جميلة ومحببة من “عرائس السكر” على أن يتم التقاط صورة تذكارية لهؤلاء الأطفال وهم يمسكون بقطع الحلوى المفضلة لديهم لإدخال البهجة والمسرة إلى قلوبهم.