إنّ استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة من قبل الاطفال لها دور فعّال للاطلاع على الأشياء والمعارف وتكوين العلاقات ولها دور كذلك في تقوية الذاكرة والإدراك والإدارة والتصوّر والخيال غير أن ذلك لا يحول دون تأثير وسائل التكنولوجيا وخاصة منها التلفاز في تربيه الأطفال وبخصوص هذا الموضوع أجرت «الاعلان» مقابلة مع الدكتور والباحث في علم الإجتماع السيد بلعيد أولاد عبد الله في البداية، كيف تصنّف مراحل الطفولة؟ - مراحل الطفولة هي، أولا مرحلة المهد أي أن يكون عمر الطفل من 0 الى سنتين ثم الطفولة المبكّرة من سنتين الى 6 سنوات ويأتي دور الطفولة الوسطي التي تمتد من سنّ السادسة الى سنّ التاسعة أمّا الطفولة المتأخرة فهي من التاسعة الى سنّ الثانية عشرة ثم المراهقة المبكّرة ويكون عمر الطفل فيها من 12 الى 15 عاما وأخيرا المراهقة المتوسطة من الخامسة عشرة الى الثامنة عشرة سنة. * ما نوعية البرامج التلفزية المؤثّرة في سلوك الطفل؟ - إنّ للتلفاز عدّة تأثيرات على سلوك الطفل إيجابية كانت أم سلبية طبعا، باعتبار الخصائص الإجتماعية والنفسية للطفل وقد أثبتت عديد الدراسات أن الصور والمضامين التي يبثها التلفاز أو حتى وسائل الإتصال الاخرى قادرة على ترسيخ أفكار وتوجهات وتصرّفات الطفل إذ لكل مرحلة عمرية من مراحل الطفولة خصائص وملامح معينة حيث أن البرامج الوثائقية المتعلقة بالطبيعة والحيوانات وبرامج الصور المتحركة هي أكثر المنوعات التي تستهوي الأطفال، وبما أن البرامج التلفزية لها تأثير قوي على تربيتهم وتنشئتهم وتحديد ميولاتهم فإنّ الاقتداء بالمثل العليا والاشخاص المناسبين أصبح غير أكيد، حيث أن الراقصين ولاعبي كرة القدم والفنانين أصبحوا هم القدوة في أيامنا كما أصبح للبرامج التلفزية ذات الصبغة العنيفة من أفلام (Action) من خلال رياضة ال(Catch) أو المصارعة أو حتى من خلال المعجم اللغوي المستعمل في الصور المتحركة ك«الضربة القاضية والضربة المدمّرة والضربة الصاعقة) ومن منوعات تنتفي فيها كل مظاهر الحياء والإحتشام كبرنامج Star Academy أو برنامج «قسمة ونصيب»، علما وأن مراحل الطفولة يصاحبها حبّ التجربة والمخاطرة وحبّ الظهور والتأنّق. * ما هي تأثيرات البرامج التلفزية على الطفل؟ - لا بدّ من التأكيد على أن لكل برنامج تلفزي من أهداف معينة ودرجة التأثير تتفاوت وتختلف وفق التنشئة الإجتماعية التي يتلقاها الطفل حيث أن للبرامج التلفزية دور في ترسيخ ثقافة جديدة وفي تعديد الإتجاهات ففي سنّ معيّنة مثلا يهتم الطفل بالبرامج ذات الابعاد الدينية وهو ما من شأنه التأثير في سلوكه وهناك العديد من البرامج التلفزية التي تمرّر أشكال الميوعة والإبتذال بشكل مباشر من خلال الإغراء والإباحيات أو بشكل غير مباشر من خلال الإيحاء والإبهار (الكليبات)، فيتطلّع الطفل الى أن يكون شبيها بذاك الفنان أو بتلك الفنانة دون وعي الى ما يتطلبه ذلك من تضحيات جسيمة على حساب الجسد والصحة والسمعة. كما أن هناك بعض المسلسلات التي تحثّ على الإدمان على المخدرات ويصل بها التأثير على المتفرّج الى حدّ التعاطف مع مدمن المخدرات (شوكو) مثلا في مسلسل «مكتوب» أو في مسلسل «سجن بريكة». * ما هي إيجابيات تأثير البرامج التلفزية على الطفل؟ - تتمثّل إيجابيات التأثير في أن الطفل يصبح «ناضجا» قبل الاوان وواعيا وذكيا «أكثر من اللازم» أي أنه «راشد قبل سنّ الرشد» كما أن من شأن البرامج التلفزية فتح الآفاق والمساهمة في إكساب الطفل معارف ومهارات جديدة في شكل تعاضد مع مجهودات الاسرة والمؤسسة التربوية. كذلك بعض الفضائيات لا تمرّر العلاقات الجنسية بين الحيوانات كاملة في برامجها الوثائقية (Nat Géo Abu DhaBi) وذلك ينّم عن دراية ودراسة للمضامين الاعلامية لكي لا تؤثر سلبا على الأطفال باعتبار أنهم مولعون بحبّ التجربة. * ما هي سلبيات تأثير البرامج التلفزية على الطفل؟ - إن البرامج التلفزية والإشهار وراء ظهور بعض الظواهر الإجتماعية لدى الاطفال كالتدخين والإنحراف والسلوكات الاخرى، حيث أن بعض الافلام تعلّم فنون السرقة والتحيّل والعدوانية، وللصور المتحركة كذلك دور في التأثير سلبا على سلوكات الاطفال كاحتوائها على مشاهد عنف وسوء تكيّف إجتماعي، أمّا عن البرامج التلفزية الاخرى فهي تساهم في إكساب الطفل للهجات خاصة ممّا يزيد في تأزّم العلاقات الأسرية والإجتماعية وفي تصعيدها. كما أن بعض المضامين الاعلامية الاخرى تدفع الاطفال للإباحة الجنسية رغم ثقافتنا العربية والاسلامية. * ما هو دور المراقبة من قبل الوالدين؟ -ينجر عن انعدام المراقبة عدّة تبعات منها إقدام الاطفال على محاولات الهجرة السرية لأن الافلام الغربية تصور القارة الاوروبية والامريكية على أنها عالم مثالي، كما ينتج عن الإخلال في المراقبة عدّة مشاكل فتساهم برامج التلفزة في إكساب الطفل لأساليب الكذب والمراوغة والربح السريع وكل ما له علاقة ب«تدبير الراس». فعوض تقديم نماذج من البرامج الراقية يقع تعليم الخفة والشطارة ممّا يؤدي الى تراجع القيم الاخلاقية وإعطاء قيمة للاعبين والفنانين أكثر من إعطاء أهمية للباحثين والمبدعين الكبار ينتج عنه أن يتبادر لذهن الطفل التساؤل الآتي : «لماذا أرتاد المدرسة»؟. كما أن للمسلسلات العاطفية دور كبير في سوء فهم وتقدير العلاقة بين الجنسين، كذلك الثقة المفرطة في البرامج الموجهة للأطفال يجب تلافيها ففي الكثير من الاحيان «تكون ملغومة». * هل يعتبر تلقّي الطفل لبعض المضامين الاعلامية المسيئة لأخلاقيات وعادات مجتمعنا انتهاكا لحقوقه؟ - يجب أن تكون البرامج التلفزية تحت إشراف مختصين في علم النفس وعلوم التربية، إذ ليس كل ما يُقدّم في التلفاز صالحا للمشاهدة من قبل الاطفال فهناك من البرامج ما يعلّم التحيّل والغش والشذوذ الجنسي فمن أجل كل هذا يجب إبراز أن هذه السلوكات الانحرافية تؤدّي الى الإعتياد والى الحمل والى... لذلك يجب التوعية على الوقاية والرعاية والإدماج وإعادة الإدماج