أطفالنا و"الادمان التلفزي"كثير من العسل... ولكن حذار من السم ! تونس الشروق : أفلام كرتونية وأخرى من الخيال العلمي وثالث مما يعبّر عنها ب»الهاي تيكنولوجي« (Heigh technologie) ومسلسلات مدبلجة... بمثل هذه البرامج تفرض الفضائيات على أطفالنا حصارامتينا وتؤثر على سلوكاتهم وتصرفاتهم داخل محيطهم الاجتماعي وتبقى الصور المتحركة أهم جاذب ينجذب اليها الطفل فتشده الى البقاء أمام جهاز التلفاز لفترة طويلة في سفر بين الفضائيات. فبمجرد انتهاء هذه الحلقة من الصور ينتقل الى فضائية أخرى ولا يتطلب منه ذلك الا الضغط على الزر. وبعض الأطفال لا يكتفون بالصور المتحركة بل تجدهم يحرصون على متابعة بعض المسلسلات وأفلام الحركة Action والرعب وبرامج أخرى لم تكن في الاصل موجهة اليهم. هذه الظاهرة اهتم بها الطب النفسي، وتحللها الدكتورة آمال المهيري فتقول : »ثمة برامج تروّج لصور العنف، فتقول : قد لا تتناسب مع قدرات الطفل الذهنية، فالطفل في مثل هذه المرحلة العمرية يتسم بالعفوية والبراءة ولشدة تأثره بالبطل يحاول تقليد حركاته وتصرفاته بما انه (هذا البطل) لا يموت وحتى وإن ضُرب وأسقط أرضا في البداية فإنه سينتصر. ان الطفل في هذه المرحلة العمرية يبحث عن شخصيته وقد يجدها لدى بطل الفيلم لما تكوّن له عنه من صورة ايجابية. وقد يتدعم مثل هذا الامر في سن المراهقة فيشعر أنه في عنفوان قوته« وتؤكد الدكتورة على صعوبة التحرر من سلطة التلفزيون : »التلفزيون عبارة عن مغنطيس يشدنا نحن الكبار اليه ولا نستطيع مفارقته في بعض الاحيان فما بالك بالطفل الصغير الذي ينشد تعبئة فراغ نفساني كامن فيه وهمنا يتضاعف الاشكال إن صعب عليه التخلص منه. وفي الواقع فإن بقاء الطفل لفترة طويلة أمام جهاز التلفزة مؤشر لحالة غير سليمة خاصة لدى الأطفال المؤهلين للانعزال«. مسؤولية الاولياء وقد لا يكون للطفل اي دور ولا يتحمل اية مسؤولية توجه الادانة الى الأولياء، فمنهم من يريد الهاء أبنائه المشاغبين والمشاكسين فيشغّل لهم الجهاز حتى يتخلص من ضجيجهم. تقول د. أ. م : »يجب تجاوز مثل هذه التصرفات والبحث عن وسائل ترفيه أخرى بديلة ومتنوعة مثل الرياضة والمطالعة وحتى إن أُذن للطفل بمتابعة بعض البرامج فإن مثل هذا الاذن يجب ان يخضع للتحكم وللمراقبة وان يعطي ابنه الفرصة للتحاورمعه بخصوص مضمون بعض الافلام وتوعيته بأنها لا تتعدى مستوى الخيال. وتبقى الثقة هي الأساس التي يجب ان تقوم عليه العلاقة، علاقة الاب بطفله«. إن تأثير الافراط في مشاهدة التلفاز أمر حاصل ومتأكد وعليه فإننا مدعوين الى تنظيم أوقات المشاهدة (ساعة بعد العودة المدرسية مثلا) مع ايجاد بعض متنفسات الترفيه الاخرى والا فإن الفرجة تتحول الى ادمان يعزل الطفل عن محيطه الاجتماعي بل تقتل لديه البراءة وتزرع فيه أفكار مجنونة هكذا اذن الفضائيات تحمل من العسل بنفس القدر الذي تحمله من السم وما علينا الا الاختيار.