صدرت عن مصالح وزارة البيئة والتنمية المستديمة في الفترة الأخيرة دراسة وطنية حول التغيرات المناخية على المدى الطويل انطلاقا من أن اختلال العوامل المناخية المعتادة كمعدلات درجات الحرارة والتساقطات والرياح.. تعتبر من أهم التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي يتوقع أن تواجهها الإنسانية خلال القرن الحالي حيث بينت معظم الدراسات العلمية التي سبقت هذه الدراسة أن ارتفاع معدلات درجة الحرارة على كوكب الأرض أصبح اليوم حقيقة ثابتة وأن تزايد نسب الغازات يساهم بشكل هام في تقوية الاحتباس الحراري الكوني واختلال الموازنة الإشعاعية وبالتالي في تفاقم ظاهرة تغير المناخ ويتوقع خبراء المناخ أن تكون للتغيرات المناخية تداعيات هامة على التوازنات البيئية وصحة الإنسان والتنمية المستديمة بشكل عام خصوصا بالبلدان النامية التي تفتقر إلى إمكانيات المواجهة والتأقلم مع هذه الظاهرة الكونية. خطة وطنية وانطلاقا من ذلك اعتمدت تونس توجها خاصا للوقاية من التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية يقوم على : - التنسيق مع جميع الهياكل والمنظمات الدولية والمساهمة في المجهود الدولي لمجابهة التغيرات المناخية في إطار الاتفاقيات والمعاهدات الأممية في هذا المجال. - دعم الإطار المؤسساتي. - انجاز البلاغات الوطنية لاتفاقية التغيرات المناخية وتحيينها بصورة دورية. - إعداد دراسات حول قابلية تضرر المنظومات البيئية والقطاعات الاقتصادية من التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية. - إعداد برامج عمل لتحديد الطرق المناسبة لأقلمة المنظومات البيئية والقطاعات الاقتصادية مع التغيرات المناخية.
تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر على المناطق الساحلية أما فيما يتعلق بانعكاسات ارتفاع مستوى سطح البحر على الشريط الساحلي التونسي فان نتائج المرحلة الأولى للدراسة التي تم الشروع في انجازها سنة 2006 في إطار اعداد البلاغ الوطني الثاني لاتفاقية التغيرات المناخية.. تشير وفق فرضية قصوى إلى ان تواصل ارتفاع مستوى سطح البحر ب50 سنتمترا إلى غضون سنة 2100 (هذه الفرضية القصوى المحتملة وفقا لسيناريوهات الهيئة الدولية لخبراء المناخ) يمكن أن تتسبب في تفعيل الانجراف البحري بعدد من المناطق الساحلية شديدة الانخفاض على غرار بعض سباخ خليج الحمامات والوطن القبلي وأجزاء من بحيرتي إشكل وغار الملح وبجزر قرقنة وجربة والكنائس، وتفيد الاستنتاجات الأولية للدراسة بأنه من المحتمل أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في بعض التأثيرات على عدد من المنظومات والموارد الطبيعية الساحلية على غرار الموارد المائية كما ستكون له انعكاسات على التنوع البيولوجي البحري بالخصوص وعلى بعض المنشات الساحلية.. وباعتماد سيناريوهات الهيئة الدولية لخبراء المناخ المتعلقة بارتفاع معدلات درجات الحرارة ومستويات البحار والمحيطات.. بينت الدراسة بان فرضية ارتفاع مستوى سطح البحر ب50 سنتمترا إلى غضون سنة 2100 يمكن أن تتسبب في تقدم البحر على حساب اليابسة.. خاصة بالأراضي الساحلية شديدة الانخفاض على غرار بعض المناطق الرطبة (السباخ، البحيرات والأودية) ومنظومات الجزر. أكثر من 10 سباخ تتحول إلى بحيرات وفي صورة تواصل ارتفاع معدلات درجات الحرارة بالمستوى الحالي، وحسب السيناريو الأقصى المحتمل بينت الدراسة أن مساحات تناهز 2600 هكتار يمكن أن تتعرض إلى انجراف بحري ونقص في الخصوبة بدلتا وادي مجردة، كما بينت الدراسة حسب السيناريو الأقصى المحتمل انه يتوقع أن تتحول أكثر من 10 سباخ إلى بحيرات تمسح 730 هكتارا محاطة بمناطق رطبة تناهز مساحتها 730 هكتارا بمجموعة من السباخ الساحلية للوطن القبلي.. ويتوقع أيضا تعرض منطقة خليج الحمامات.. حسب السيناريو الأقصى المحتمل إلى انجراف بحري على مساحة جملية تناهز 1900 هكتار وخاصة على مستوى سبخة سيدي خليفة.. ويتوقع أن يتحول جزء من سبخة حلق المنجل إلى بحيرة تمسح1400 هكتار ويتوقع كذلك أن يتحول أرخبيل قرقنة إلى مجموعة اكبر من الجزر الصغيرة (قرابة 30 %من المساحة الإجمالية للأرخبيل معرضة للانجراف البحري). كما بينت الدراسة كذلك أن ما يناهز 3400 هكتار من المناطق الرطبة بجزيرة جربة يمكن أن تتعرض إلى انجراف بحري خصوصا بمناطق رأس الرمل وبين الوديان.