ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء خلال شهر رمضان ولم يجد المواطن التونسي بدّا لمواجهة هذا الإرتفاع ولا تفسيرا أو تبريرا لإرتفاع سعر هذه المنتوجات.. «الإعلان» وكعادتها اختارت أن ترصد هذه الظاهرة في سياق الريبورتاج التالي أمر أساسي يخشاه المستهلك التونسي خلال شهر رمضان ألا وهو الإرتفاع في الأسعار ولإيجاد تبرير لذلك انطلقت بداية جولتنا في السوق المركزية بتونس العاصمة حيث طرحنا هذا السؤال على العديد من الجزّارين. النقص في التزويد يبرّر السيد محمد ارتفاع أسعار لحم العلوش بنقص الأعداد المعروضة من المواشي الحية في أسواق الدواب بالإضافة الى إرتفاع أسعارها بكامل أتحاء البلاد وهو ما دفع بالعديد من القصابين للتزوّد بكميات صغيرة ممّا أدى الى حصول نقص وبالتالي ارتفاع في الأسعار.. لاحظنا أن أسعار لحم العلوش لم تستقرّ على حالها ففي ما اختار البعض بيع الكيلوغرام الواحد من لحم العلوش ب12000 اختار البعض الآخر بيعه ب14.000 دينار فيما بلغت أسعار الهبرة 11.800.. ويفسّر السيد مختار أنه كلما ارتفع سعر الكيلوغرام من لحم العلوش إلا وتوفرت فيه كل مواصفات الجودة والشروط الصحية ويضيف ان ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء خصوصا لحم العلوش سببه النقص في الإنتاج المحلي وغلاء أسعار المواشي الحيّة بسبب غلاء أسعار العلف.. هذا الأمر دفع بالعديد من الجزارة الى الترفيع في الأسعار لتحقيق توازنهم المالي. وفيما اختار العديد من الجزارة محلا لعرض سلعهم ومنتوجاتهم اختار البعض الآخر عرض منتوجاتهم على قارعة الطريق وبسؤالنا عن سبب اعتماد هذه الطريقة فسّر أحدهم ذلك بخوفهم من عيون المراقبة الإقتصادية حتى لا تطالهم والغريب في الأمر أن المواطن يقبل على شراء هذه المنتوجات بحكم بخس أسعارها.. تقاطع الفصول والراحة البيولوجية سبب ارتفاع أسعار السمك والغلال ومن الجزارة إنتقلنا الى بائعي السمك وفي هذا السياق يبرر نور الدين (35 سنة) ارتفاع أسعار السمك بالنقص في الإنتاج وأجمع العديد من الباعة على مسألة «الراحة البيولوجية» ويتذمر في هذا السياق العديد من الباعة حول مشكلة النقص في التزويد التي انعكست سلبا على مستوى الأسعار حيث وفي جولة صغيرة في السوق المركزية شدّت انتباهنا لافتات الأسعار التي يبلغ أقلها (6 دنانير) في حين تصل أسعار السمك الى 20 و25 دينار وفي كل الحالات يجد المستهلك نفسه مضطرا لدفع الفاتورة النهائية. أسعار البطاطا من نار وحول أسعار الخضر والغلال أبدت المواطنة ضحى المجولي (25 سنة) تذمّرها حيث تقول في هذا السياق «حمّى الأسعار أثقلت كاهلنا» وحول سبب ارتفاع أسعار الخضر وخصوصا البطاطا والتمور يقول السيد جمال (بائع خضر) أن ارتفاع أسعار البطاطا التي وصلت ما بين 950 و1000 مليم تزامن هذه الصائفة مع فترة انتهاء الإنتاج الفصلي وهو ما يعرف بفترة «تقاطع الفصول» وبتقلص الإنتاج في هذه الفترة فإنه سيتقلص العرض آليا من الأسواق كما يمثل عامل «التخزين» حافزا للترفيع في الأسعار ويفسّر محدثنا هذه العملية بأن التخزين يخضع الى كلفة معينة حيث يبلغ معلوم التخزين 30 مليم وأحيانا 40 مليما عن الكلغ الواحد شهريا وهو ما من شأنه أن يضاعف من سعر البيع عند التفصيل الذي سيدفعه المواطن ويضيف محدثنا أن التخزين يستغرق فترة زمنية طويلة بين 7 و8 أشهر وهو ما يؤدي بصفة آلية الى عرض هذه المنتوجات بأسعار مشطّة. اذن كلفة التخزين تمثل عاملا أساسيا في إرتفاع أسعار الخضر أما «آفة حافرة الطماطم» حسب قول أحد الباعة أن السبب الرئيسي في إرتفاع أسعار الطماطم التي يصل الكلغ الواحد منها الى 700 مليم وباجتياح آفة حافرة الطماطم للحقول انعكس سلبا على إنتاج هذه المادة. السواح في قفص الإتهام اختلفت التبريرات حول إرتفاع الأسعار التي تراوحت بين النقص في التزويد وتكاليف التخزين المرتفعة والراحة البيولوجية وتقاطع الفصول ومن التبريرات الأخرى التي قدمها أصحاب المداجن حول ارتفاع الأسعار هو ما يتميز به السائح الأجنبي من عادات وسلوكيات غذائية حيث توافد على بلادنا عدد كبير من السياح خاصة من ليبيا والجزائر وتتميز هذه الفئة بإستهلاكها الكبير للحوم البيضاء (الدجاج) عكس السياح الأوروبيين الذين يستهلكون اللحوم الحمراء والأسماك، هذه المسألة انعكست سلبا وأثرت على مستوى توازن السوق من حيث التزويد ومن حيث الأسعار كذلك.. ومهما اختلفت التفسيرات ومهما كانت التبريرات فإن المستهلك لن يجد بدا أمام شطط هذه الأسعار سوى تسديد المبلغ المطلوب منه دون أدنى تفكير