عندها من حلي وزينة وتعطرت بشذا روح العبادة لتستقبل ضيوفها من مختلف أنحاء العالم الذين جاؤوا لحضور فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للتراتيل السجادية الذي دأبت الأمانة العامة للعتبة الحسينية على تنظيمها والتي حملت هذا العام شعار " رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام" على وقع التهليل والتكبير لله عزوجل ، وعلى وقع الأخبار السعيدة القادمة من جبهة الوغى حيث يخوض الجيش العراقي البطل معركة شرسة ضد الجماعات الإرهابية الهمج الخارجين عن القانون والدين لا دين ولا عقل لهم،،،،وفي أجواء مفعمة بالروحانيات وفي احد فضاءات ضريح امام الحسين بكربلاء العراقية انطلقت فعاليات المهرجان بتلاوة مباركة لمت تيسر من ايات بينات تلتها كلمة افتتاح لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الأمين العام للعتبة الحسينية، حيث أشار الى ان هذا المهرجان يأتي" ليساهم ولو بمقدار بسيط في لفت الأنظار وتوجيه القلوب وتحفيز العقول الى الإهتمام اللائق بجوهرة الحقوق لعالم الإنسان وذاته كفرد ومجموعة الا وهي رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام التي جمعت فأوفت واستكملت كل ما يتعلق بهذه الحقوق ،،، ولا عجب في ذلك ، فمصدرها من نهل علومه ومعارفه من الكمال المطلق وعبر رسوله الأكمل علما وخلقا في جنس بني البشر، ألا وهي زين العباد وسيد أهل السجود والخشوع." وأمام جموع الحاضرين من مسلمين من مختلف المذاهب ومسيحيين ، لم يتردد سماحة الشيخ الكربلائي في القول:" إن الإنسان الذي خلقه الله تعالى ليكون خليفته في الأرض ولتتجلى في حياته انعكاسات الصفات الإفهية ضمن عالم الإمكان اللائق به من العدل والرحمة واللطف والنظم والخلق الإلاهي في عموم صوره وليصل الى الكمال المتسق مع محدوديته المجعولة في عالم العقثل والمعقولات وارتقاءه في منظومة الخلق والمشاعر والعواطف التي جعلها ملكل لأشرف المخلوقات وأكرمعها وأودعه فطرته وهدايته التي تسوقه سوقا نحو تجليات تلك الصفات. وكان من العبث أن يترك من دون رسم المسار الصحيح لبلوغ ذلك." وواصل الأمين العام للعتبة الحسينية قوله: " وحيث ان الإنسان يرتبط بما حوله بروابط متعددة وهو في نفسه معقد في نشأته وتركيبه من أعضاء غاية في التعقيد كان لابذ من نظم تلك الروابط وسوق ذلك التركيب على نحو من الكمال والخير والسعادة التي ينشدها جنس البشر ولا ارتقاء ولا ازدهار دون ان يؤدي كل انسان التزاماته الفطرية والتشريعية المجعولة من خالقه نحو كل ما يحيط به. من هنا كان من ضرورات الحياة نظم ذلك بما يعرف بحقوق الإنسان التي لا يجد فيها هذا المخلوق ضالته الموصلة الى غايته الا من خلال ما شرعه خالق الإنسان وفاطره وسائقه نحو الكمال. " واستطرد الشيخ الكربلائي قائلا:" لقد عاشت الإنسانية على مر العصور تبحث عن مبتغاها ومناها في تكامل هذه المنظومة الحقوقية وهي وان وصلت بفعل تراكم تجربتها ونزعتها الى إعمال العقل والحكمة في تشريعاتها الا انها بقيت عاجزة قاصرة عن الوصول الى الكمال في ذلك حتى جاءت الشرائع السماوية لتهدي اممها الى تلك الحقوق. وكان الإسلام وهو الخاتم لهذه الشرائع السماوية قد استكمل واستجمع تلك المنظومة ضمن ايات كتاب الله الكريم واحاديث مبيني الكتاب الكريم ومترجميه وامناءه ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم والى اوصياءه الإثني عشر." من جهته، قال " بيار ايمانويل دوبان" المستشار بمنظمة الأممالمتحدة والمستشار لدى رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، بأنه اتيحت له الفرصة بان استنكر مرات عدة عدم دراية الشعوب الغربية وقياداتها ونخبها بفكر كبار الكتاب والمفكرين الذين يستمدون علومهم من ال البيت، مضيفا انه امر نتاج تاريخي واضح حيث تذكر كتب التاريخ ان الشعوب الغربية كانوا دوما على اتصال وعلى علاقة بالإسلام الرسمي على خلاف ضعف تواضعهم مع المذهب الشيعي. وقال " دوبانّ" : " يبدو لي انه من الضروري مضاعفة الجهد في مجال نشر فكر كبار الكتاب والمفكرين المنتمين لمدرسة اهل البيت وذلك من خلال ترجمة النصوص الكبرى وإقامة الندوات ومن خلال تشجيع التبادل الثقافي والأكاديمي." أما الدكتور خالد شوكات رجل السياسة والوزير الأسبق والناطق الرسمي السابق لحكومة الحبيب الصيد فقال في مداخلته بان الطائفية المقيتة والتعصب والجهل حجبت عن الأمة الكثير من الأعلام والأبطال والمراجع وحرمت اهل الإيمان من الإستفادة من تجاربهم مع الحقيقة وعلومهم الإنسانية الروحانية العظيمة التي بمقدورها المساعدة اليوم في تقويم المسارات المعوجة والتخفيف من اثار العصبية والهمجية المدمرة. ولاحظ شوكات بانه يجد في الإمام الساجد وابنه الإمام الباقر الذي كان يبقر العلوم بقرا وحفيده الإمام الصادق والذي تفرعت منه جميع المدارس الإسلامية في الحقيقة والطريقة والشريعة بسنتها وشيعتها، يجد أيضا فيهم جميعا الأمثلة الرائعة التي يمكن أن تضرب للمسلمين اليوم في التمسك بمنهج السلم واللاعنف وفي الإيمان بدولة الحقوق ودولة الحريات وحقوق الإنسان وفي العمل على ترسيخ تأويل انساني عرفاني للإسلام . وواصل السياسي خالد شوكات تحليله بالقول بان الإمام السجاد السائر على منهج اباءه واجداده ومن سيظهر من نسله من أيمة وعلماء كبار ، اعظم الإشارات والأمارات للأمة الإسلامية وللإنسانية جمعاء أرسل إشارات من أجل الحرية والعدالة والسلام، وقال :" ماكان هؤلاء الأيمة ملكا لشيعتهم ولا كانوا قادة طوائف أو جماعات ، بل كانوا قادة لأمتهم وهداة للبشرية...." وقال المشرف على المهرجان جمال الدين الشهرستاني ان هذا المهرجان بنسخته الثالثة هذا العام تحت عنوان "رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام أسس وقواعد لمجتمع مزدهر" وذلك بالتزامن مع ذكرى استشهاد الإمام السجاد سيستمر لمدة ثلاثة ايام، بمشاركة رفيعة من رجال دين وكتاب وادباء ومؤلفين ومهتمين بالشأن الحقوقي من العرب والاجانب خصوصا من لبنان وتونس وفرنسا وسويسرا وألمانيا وأمريكا وروسيا، فضلا عن العراق كبلد مضيف.