الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الإعلان
التونسية
الجريدة التونسية
الحوار نت
الخبير
الزمن التونسي
السياسية
الشاهد
الشروق
الشعب
الصباح
الصباح نيوز
الصريح
الفجر نيوز
المراسل
المصدر
الوسط التونسية
أخبار تونس
أنفو بليس
أوتار
باب نات
تونس الرقمية
تونسكوب
حقائق أون لاين
ديما أونلاين
صحفيو صفاقس
كلمة تونس
كوورة
وات
وكالة بناء للأنباء
موضوع
كاتب
منطقة
Turess
سعيد يجتمع بعدد من الوزراء ويؤكد على اهمية اصلاح التربية والتعليم
سلطات مالي تعلن تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة
من مسبح المرسى الى سماء العالمية ..أحمد الجوادي قاهر المستحيل
تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان
دراسة.. مواد غذائية بسيطة تقلل خطر السرطان بنسبة تقارب 60%
شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة
سفنه تنطلق من تونس يوم 4 سبتمبر .. 6 آلاف مشارك في أسطول الصمود إلى غزّة
عاجل/ واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرة عمل أو سياحة..
أخبار الحكومة
بلاغ رسمي للملعب التونسي
أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور
بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد
المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار
تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025
النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني
النادي الصفاقسي يعلن رسميا تعاقده مع علي معلول الى غاية 2028
الدكاترة المعطلون عن العمل: ضرورة توفير خطط انتداب ب5 آلاف خطة
ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية
القصرين: العثور على جثة كهل تحمل آثار عنف
المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025
مهرجان العروسة: جمهور غاضب وهشام سلام يوضح
وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة
التعاون بين تونس وإيطاليا : طاقة التفاوض وفوائض الطاقة
بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية
القصرين: سواق التاكسي الفردي يتوجهون نحو العاصمة سيرًا على الأقدام تعبيرا عن رفضهم للقائمة الأولية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي"
مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.
رونالدو يتحوّل إلى صانع القرار في النصر... ويُطالب بصفقة مفاجئة
488 تدخل للحماية المدنية في 24 ساعة.. والحرائق ما وقفتش!
التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟
أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!
عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة
ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!
التوانسة حايرين والتجار زادا مترددين على الصولد السنة!
عاجل: الاتحاد العام التونسي للشغل يردّ على تهديدات الحكومة ويؤكّد حقّ الإضراب
الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟
في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟
والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..
نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل
سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية
وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي
استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء
بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد
القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة
"روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية
إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة
جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي
عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..
محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية
البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة
جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!
تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!
عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي
التوقعات الجوية لهذا اليوم..
من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..
تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل
اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي
ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !
شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
لا شيءَ عَدا سوريّة : هادي دانيال عاشِقاً
حقائق أون لاين
نشر في
حقائق أون لاين
يوم 12 - 05 - 2017
1-مُسَمّىً واحِداً بالتَّثْنِيَة
لِكُلِّ اسْمٍ مُسَمّى ، وَما التّسمِيَةُ إلّا مُشْتَرَكٌ قائمٌ بينَ الاسْمِ والمُسَمَّى ، كالأيقُونَةِ والإشارةِ والمَرْجِع في بنْيَةِ العَلامَةِ ، أيّ علامة، وكالرّمْز المُحايِثِ للعلامَةِ ذاتِها عنْدَ التَّلَفُّظِ بِها لُغَةً وآنَ اسْتِقْبالها : سوريّةُ-هادي دانيال أوْ هادي دانيال-سوريّة.
الاسْمُ هُنا ، مُثَنّى ، ولا إمْكانَ في تَمَثُّلِنا الخاصّ لِلتَّفْريقِ دَلالَةً وَرَمْزاً لِدَلالَةٍ بينَ هادي دانيال وسوريّة .
هذا هُوَ مُحَصَّل انْطِباعنا عنْدَ النّطْقِ بالاسْمَيْنِ مَعاً في إسْمِيَّةٍ واحِدَةٍ . مُحَصَّلٌ ناتِجٌ عَن قِراءتِنا لِمُجْمَلِ أعمالِ هادي دانيال الشِّعْريّة (الأعمال الشعريّة الكامِلَة وتَقديمُنا لها ، تلكَ الصّادِرَة عن دار صامد 2016، وَقِراءة كُلّ ما أصدره الشاعرُ منذ هذا التاريخ إلى اليوم).
2-حِلٌّ في الكيان وَتِرْحالٌ في المكان
ازْدِواجُ سوريّة وهادي دانيال يَفْتَحُ على ازْدواجِ دَلاليّ هُوَ الحِلّ والتّرحال في تجربةِ الشّاعِر . وسوريّةُ هِيَ الدّلالة الوالدة المرجعيّة في مُجْمَلِ ما كَتَبَ هادي دانيال مِن شِعْرٍ وَمَقالٍ صِحافيّ وَفِكْر سياسيّ.
وَهِيَ الرَّحِمُ ، الأمّ – الرّمز، وهي العشْق الأوّل ، السّالِفُ والحادِثُ ، وهيَ الفَرَحُ ، وهيَ الوَجَعُ ، وَهِيَ الارْتِغابُ المُتَوَلِّدُ المُتَجَدِّدُ ، وَهِي الارْتِعابُ عليها وليسَ مِنْها . سوريّةُ هي التي علّمْتْ الابْنَ مَحَبَّةَ الآخَرين وَفَتَّحَتْ بصيرَتَهُ على ما هُوَ أبْعَدُ مَكاناً مِنْها ، فكانَ أنْ عَشِقَ
فلسطينَ
ولا يَزال ، وَأحَبَّ العِراقَ وَبِلادَ العَرَبِ كافَّة ، وانْتَصَرَ بِها للكادِحين ، لِلعُمّالِ والفَلّاحين.
حُبُّ سوريّة هَوَسٌ جَميلٌ ، وَسُوريَّةُ هِيَ الحُلمُ المُتَدَفِّقُ باسْتمْرار ، هِيَ الماضي ، ماضي الطُّفُولةِ ، ماضي "كفريَة اللاذِقيّة" وَهِيَ الحاضِرُ بأوْجاعِهِ وَعَذَاباتِهِ ، وَهِيَ المُسْتَقْبَلُ ، لأنَّ سُوريّةَ سَتَظَلُّ قَوِيَّةً أبيَّةً رغْمَ الدَّمار الحادِث لَها الآن.
حِلٌّ ،إذَنْ ، في الكيان لا يبرح سوريّةَ الماثِلةَ باستِمرار في وَعْيِ الكِتابةِ الشِّعْريّةِ وَلا وَعْيِها.
وَ ترحال في المكان بِحِلٍّ شِبْهِ مُؤَقَّت يَتَحَدَّدُ مكاناً بتونس اسْتِقراراً ولا اسْتِقرار.
3-الكتابة بأقصى الحياة
كانتْ سوريّةُ في سابقِ التّجربةِ الشِّعريّةِ وَقَيْلَ الأخْطارِ الدّاهِمةِ دَلالةَ إيحاءٍ تنكشِفُ حيناً بعلاماتِ استِذْكارٍ مِنْ ماضي طُفُولةِ الاسْمِ الفَرْدِيّ وَتَحْتَجِبُ أحياناً بِفِعْلِيَّةٍ مُضْمَرَةٍ فأضْحَتْ في حادِثِ هذهِ التجربةِ دَلالَةً مُعْلَنَةً بالانْتِقالِ مِنَ المَوْطِنِ (كَفَرْيَةَ اللاذِقيّة) إلى الوطن ، وَطَن الجميع ، وبِلا استثناء ، إلّا أنّ الأعداءَ مِن أبنائهِ الخَوَنَةِ المُتآمِرينَ عليه لِثاراتٍ غير مُبَرَّرَة أو لِمكاسب فرديّة يُريدونَ تحصيلها بدمارِهِ . وإذا حِلُّ الكِيانِ هُو ذاته لم يَتَغَيَّرْ ، ثابِتٌ في مُجْمَلِ ما كَتَبَ هادي دانيال عَكْسَ ترحال المكان الذي هُوَ مِن وَعْيِ الوُجُودِ وإليهِ : قَلَقٌ شَبيهٌ في الدّلالةِ المرجعيّةِ بالقَلَقِ الكيركغارديّ اسْتَلْزَمَ الكِتابةَ واسْتَوْجَبَ الانتِقالَ مِن مَوْقِعٍ إلى آخَرَ ، وَمِنْ حالٍ إلى حالٍ .
والواصِلُ هُنا ، بينَ حِلِّ الكِيانِ وترحالِ المكانِ ، هُوَ إدراكُ هادي دانيال حالاً لا يُدْرِكُها إلّا كِبار المُبْدِعين ، وَمُخْتَصَرُها بالتّسمِيَةِ النِّيتشَهيّة : "أقصى الحياة" أو "الاعتياد على محبّة الحياة" بدلاً عن "الاعتياد على الحياة" ، هذا الوَعْيُ الأدنى الذي يَصِلُ بين عامّةِ النّاسِ ولا تَفَرُّدُ ولا اختِلاف ، إذْ وَعْيُ أقصى الحياةِ ، كالذي تَمَثَّلَهُ زرادشت – نيتشة هُوَ إدراكُ مَعْنى الخَطَرِ والمُخاطَرَةِ ، بإكسابِ المَوْتِ مَعْنى الحياةِ والانطِلاق بالحياةِ إلى تُخُومِها القُصْوى حَدَّ المَوْت بتجربةِ الكِفاحِ وتجربةِ الكِتابةِ مَعاً ، بالالتِزامِ في الاتِّجاهَيْن كي تستثري تجربةُ الكِفاحِ مِن تجربةِ الكِتابةِ مِثلما تستثري تجربةُ الكتابةِ مِن تجربةِ الكِفاح على نَهْجِ بابلو نيرودا أو غارسيا لوركا وناظم حكمت ومحمود درويش...
4-"معراج إلى
دمشق
" : فائضُ الأمل تحدّياً للألم:
تَنَبّأ الشاعرُ بما سيحدثُ للأمِّ والحبيبة سوريّة في مجموعتهِ الشعريّة "ربيع متأخِّر"(2011) و"خريف مِن أجلِ حَطّابيّ السّماء" (2012). وَما تَحَسَّبَ الشاعِرُ حُدُوثَهُ كانَ (بدلالةِ الفِعْلِ التّامّ) لِيَنْقَلِبَ الحُلْمُ إلى كابوس ، و الارْتِغابُ إلى ارْتِعاب ، والقَلَقُ المُضْمَر إلى قَلَقٍ مُعْلَنٍ ، والاغْتِباطُ إلى تَفَجُّعٍ بحالاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَداخِلة : خَوْف وغَضب وألَم وَأَمَل وَتَحَدٍّ ، كالواردِ في " عندما البلاد في الضبابِ والذّئاب" (2013) و "في وَضَحِ الرَّدى أراقِصُ الجِّبال" (2014) و" الرُّخام يبتسمُ لأصابعي" (2015) و "مِعراج إلى
دمشق
" (2017) و "أكونُ بِها وَلَها" (2017).
"إنّما عشْقُ سُوريّةَ مَرَضٌ مِن فَرَحٍ وَتَرَحٍ"("معراج إلى
دمشق
"،دار صامد للنشر ، ص7).
هذا الإثباتُ لِما تُمَثِّلُهُ سوريّةُ مِن دلالةٍ في الطَّوْرِ الذي نحيا اليوم الذي يذهبُ بعيداً في التّصريح ، إذْ ما عادَ هُناكَ مُبَرِّرٌ للتّضمينِ والإيحاءِ كالمُتَّبَعِ في سابِقِ الكِتابةِ الشِّعريّة ، فأضحَتْ القصيدَةُ سِلاحاً في الدّفاعِ عن سوريّةَ ضدَّ أعدائها الألدّاء مِن أبناءٍ عاقِّين وإخوَةٍ غادِرين وأعْراب حاقِدِين .
مُخْتَصَرُ المؤامَرَة ضدّ سوريّةَ في صريحِ الخطاب الذي يعتمِدُ بَلاغَةَ الإفْهامِ مُحَدَّدٌ "
بأمريكا
" وَحُلَفائها مِن عَرَبٍ بائدَة وَتُجّار نَفْطٍ وَغاز وسِلاح وَدُعاةِ عَوْلَمَة تُوَحِّد بأحكامِ اقتِصاد السُّوق والرّأسماليّة الجديدة المُتَوَحِّشة وَتُقَسِّمُ بِقَصْدٍ آخِرَ البلدانِ وتستهدفُ أمْنَ الشُّعُوب واستِقرارَ الأوطان وَتُذْكي نيرانَ الفِتَن الطائفيّة والقوميّة والقِبليّة والجّهويّة وَغَيْرها .
وَإذا سوريّة هيَ مَطْمَع غُزاة العَوْلَمَةِ بَعْدَ
أفغانستان
والعِراق وتزامُناً مع ما يحدثُ اليوم لليمَن كي تَتَّسِعَ رقْعَةُ الخراب استثماراً بالحرب ل "إعادَةِ الإعمار" والذّهاب بعيداً في تفقيرِ الشُّعُوبِ حسّاً وَمَعْنى ، كالذي حَدَثَ للعمارةِ والبَشَر مِن تدمير وتهجير وتشريد ، وللأثارِ مِن خرابٍ هائل...
إيديولوجيا النّفْعِ العاجل وإيديولوجيا الدّين المُتَعَصِّب تَتَعالقانِ في أداءِ قَصْدٍ واحِد : تدمير آخر ما تَبَقّى للعَرَب مِن قِلاع والتّغطية على قضيّةِ
فلسطين
وتلهيَةِ الشُّعوبِ العربيّةِ بديموقراطيّةٍ مَغشُوشَةٍ انتِخابَوِيَّةٍ يُديرُ خُيُوطَ لُعْبَتِها أصحابُ الرَّساميل الكُبرى ، تُجّار السُّوق المُوازِيَة ، سماسِرَة الأوطان ، وُكَلاء سادَة العَوْلَمَةِ الكِبار...
"
أمريكا
" في "مِعراج إلى دِمَشْق" لهادي دانيال هي مُخْتَصَرُ ما يُخَطَّطُ لهُ مِن دَمارٍ يشمَلُ المنطقةَ العربيّةَ بأسْرِها ، وَسُوريَّةُ هي المُخْتَصَرُ الدّالُّ غلى المُقاوَمَة.
وَإذا الصِّراعُ على أشُدِّهِ برمزيّةِ الشِّعْرِ بينَ
أمريكا
وَحُلفائها وَبَيْنَ سوريّا وعاشِقيها يلهَجُ بهم وبذاتهِ هادي دانيال.
حالٌ مِنَ التَّوَتُّر الأقصى تَصِلُ إليها القصيدةُ في "معراج إلى
دمشق
" و" أكونُ بِها
وَلَها " (ديار للنشر والتوزيع 2017) ، كأنْ تَدَّاخَلُ الأزمِنَةُ بالماضي والحاضر ، بِمُخْتَلَفِ الذّكريات ، سالِفِها وَحادِثِها وَبِما هُوَ حِينِيّ.
وَبهذهِ الحالِ الاستثنائيّةِ تبدو الحياةُ رغْبَةً ، فائضَ عشْقٍ ، وألَماً بأقصى حالاتِ الانتِشاء، تَواجُداً كَتَواجُدِ المُتَصَوِّفِ ، تَمَرُّداً على كُلِّ المَعاني القديمةِ المُهترئة بما في ذلك البعض الكثير مِن الأفكار التي كانت شبْهَ ثابِتَة في تَمَثُّلِ هادي دانيال الأيديولوجي ، إذْ ما قيمة الإيديولوجيا ، أيّ أيديولوجيا بَعْدَ ضَياعِ الأمِّ – الرَّمْز، ضَياع سوريّةَ – الوَطَن؟.
5-الأمَل ، ثُمَّ الأمَل في انْتِصار سُوريّة القادِم:
كَذا التَّمَرُّدُ على أشَدُّه ، والرّفْضُ والارتيابُ نتيجةَ الخَوْفِ على سوريّةَ.
إلّا أنّ وُثُوقَاً ما قَضى أن يظلَّ الشاعِرُ مَدْفُوعاً إلى الحياةِ بالأمَل ، هُوَ نَصْرُ سُوريّةَ القادِم ، بل الوشيك :
" يا حبيبتي انْهَضِي وارْكُضي
وَجاوِزي الحَواجِزَ العشرَةَ
كَغَزالٍ مُطمئنٍّ إلى أنَّ الفِخاخَ التي نُصِبَتْ في النَّهاراتِ
خُرِّبَتْ في الليالي" (ص54).
وَمُحَفِّز الشّاعِر على هذا الأمَل هُوَ تاريخُ سُوريّةَ وَما حَدَثَ لها في مُخْتَلَفِ العُصُورِ مِن نكباتٍ لِتَظَلَّ هِيَ الأقوى والأبْقى مِنْ كُلِّ الغُزاةِ .
وَإذا الأسلُوب المُتَّبَعُ في قصائد "مِعراج إلى
دمشق
" هُوَ الإثباتُ ثُمَّ الإثبات تدليلاً على الوُثُوقِ بانتِصارِ سُوريّةَ القادِم ، بل سيكونُ لهذا الانتِصار الوشيك شأنٌ وأيُّ شأنٍ بَعْدَ أن خاضَتْ سُوريّةُ أعْتى الحُرُوبِ وَتكدَّسَ عليها الأعداءُ ، إذْ سَيَتَغَيَّرُ تاريخُها بانتِصارِ جَيْشِ "زنُّوبيا" ، وَ سَتُضيئُ أرواحُ الشُّهَداءِ طريقَ المُستقبل وسَتَغْتَسِلُ سوريّةُ بالدّم ، سَتَتَطَهَّرُ ، سَتُضْحِي رَمْزاً آخَر في مَجْمُوعِ رُمُوزِ الإنسانيّةِ الخالدةِ ، كَصَلْبِ المسيحِ وَمَقْتَلِ الحُسَيْنِ والحَلّاج ،وَسَتُلاحِقُ لَعْنَةُ سُوريّةَ ، كالوارِدِ على لسانِ الشاعِرِ، حُكّامَ العَرَبِ الخَوَنَةَ:
"ألْعَنُكُمْ
أمْسَخُكُمْ أُمَرَاءَ ، مُلُوكاً ، وَسَلاطِينَ
بِلا نَفْطٍ وَبِلا ذَهَبٍ وَبِلا حَجَرٍ أسْوَدَ
تَقْضُونَ العُمْرَ عُراةً وَحُفاةً
في الرّبْعِ الخالي
تَحْدُونَ نِياقاً جَرْباءَ
تَتُوهُ بِكُمْ خَلْفَ سَرَابِ الأمَلِ الضّائع" (ص75).
يَصْرُخُ الشاعِرُ ، يُرْعِدُ ، يُزْبِدُ في وُجُوهِ الخَوَنَةِ والقَتَلَةِ باسْمِ الدُّولار وَدُوغما الدِّين .يَتَمَثَّلُ صُوَرَ اليتامى والثّكالى والمُشَرَّدِينَ والشُّهَداء . يَتَمَثَّلُ تاريخَ "الحجّاجِ والحَلّاج " السّالِفَ والحادِثَ وَيَتألَّمُ مِن غَيْرِ أن يَيْأسَ ، وَيحلمُ ثُمَّ يَحْلمُ ثُمَّ يَحْلمُ بِغَدٍ مُشْرِقٍ قَريبٍ لِسُوريّةَ ، بِفائضِ الأمَلِ ، بِصَريحِ الّلفْظِ.
6-"أكُونُ بِها وَلَها":
قَصائدُ هذهِ المجموعةِ الشِّعريّةِ الجديدة هي استمرارٌ في نَهجِ " مِعراج إلى
دمشق
" بِعِشْقِ سوريّةَ وَمُحاكَمَةِ أعدائها بالشِّعْرِ الذي يَنْزَعُ إلى صَريحِ العِبارَةِ بِلا إضْمارٍ لِلمَعاني.
وإذا بَلاغَةُ الشِّعْرِ في هذا المقامِ النّضاليّ تَتَماهى وَبَلاغَة الخطابةِ لِحرْصِ الشاعِرِ على الإفصاحِ عَن غَضَبِهِ مُتَجاوِزاً الخَوْفَ والقَلَقَ صَارِخاً في وُجُوهِ أعداءِ سُوريّةَ ، فاضِحاً لِجَرائمِهِم ، مُسْتَعيناً بِحكمةِ التاريخِ على "أوباما" المُنْتَهِي ، فَرِحاً "بِزَبَدِ الفُولغا وَخَريرِ بَرَدى" ("أكونُ بِها وَلَها" ، ص 19).
وَتعْرضُ صُوَر مِن "حَلَبَ" الغارقةِ في دَمِ جِراحِها لِيَنْشَأَ في الأثناءِ الحُلمُ بِ "حَلَبَ" جديدةٍ في قادِمِ الأيّام...
يُعاتِبُ هادي دانيال وَجَعَهُ ، يستَعينُ رَمْزاً بِلوركا، يَتَماهى عشْقاً وَسُوريّةَ ، يَتَماهى رَمْزاً بُطُولِيّاً مَع "ناهض حتّر" :
"أنْتَ تَنْهَضُ مِن دَمِكَ الآنَ
تُودِعُهُ قَطْرَةً قَطْرَةً
أرْضَ سُوريّةَ كًلَّها
وَمِنْهُ سَتَنْهَضُ نَجْمَتُكَ الآنَ خَضْراءَ خَضْراءَ
تُومِضُ فَوْقَ الذُّرى
وَتَجُوبُ الأقاصِي !" (ص51).
وَيَفْضَحُ مُثَقَّفِين تَدَافَعُوا وَتَنافَسُوا في غَدْرِ سُوريّةَ ، كالوارِدِ بأسلُوبٍ ساخِرٍ فاضِحٍ في قصيدةِ "سلّة الأوباش"...
كذا الشاعِر في زحمةِ الجرائمِ والخيانات مُكْتَفٍ بِحُبِّ سوريّةَ ، ولِهاً بِها ، غَيْرَ عابِئٍ بِكُلِّ الدَّسائسِ ، لأنَّ سُوريّةَ هِيَ الأبْقى ، وَهِيَ الأجْمَل، وَهِيَ الأقوى: حالٌ عشْقيَّةٌ لا يُدْرِكُها إلّا المُتَصَوِّفَة ، وَإذِ المَوْجُود والوُجُود والمُوجد هُنا مُتَعَالِقة في اسمٍ واحِدٍ هُوَ سُوريّة :
"كُنْتُ وَحْدي
وَحبيبتي
-أعْني دِمَشْقَ-
دِمَشق في قلبي..."(ص94).
هذا الرَّقص بالكلمات في حضرةِ سوريّة ، هذا الترجيع في معزوفةٍ لا تُفارِقُ بينَ الفرَحِ والتَّرَح ، بين الغبطةِ والألم ، هذا الحنين المُتَدَفِّق إلى كُلِّ الأزمِنة السّالِفة والحادِثة تَخْتَصِرُها بَلاغَةُ القَوْلِ الشِّعريّ ، بَلاغة الشِّعْر والخطابةِ مَعاً ، بِحرْصِ
الشّاعِر ، هادي دانيال، على إسماعِ صَوْتِهِ ، إعلانِ شهادتِهِ على ما حَدَثَ ويحدثُ لسُوريّة ، إعْلاءِ صَوْت سوريّةَ للجميع أوْفِياءَ خُلَّصاً وأعْداءَ أَلِدّاءَ.
مُخْتَصَرُ القَوْلِ، مُخْتَصَرُ المَعْنى في هذا السِّياقِ المُعْتَم ، هُوَ سُوريّة ، وَلا شَيءَ عَدَا سُوريّةَ.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
"معراج إلى دِمَشْق" ل"هادي دانيال" : حُلْمٌ كانَ بانْتِصارِ سُوريّة ، وانْتِصارٌ وَشِيكٌ الآن!
"معراج إلى دِمَشْق" ل"هادي دانيال" : حُلْمٌ كانَ بانْتِصارِ سُوريّة ، وانْتِصارٌ وَشِيكٌ الآن!
صَرْخَةُ الوَجَعِ الأمَضّ: مَن يَفْتَدِي سوريّا؟ في "الرُّخام يبتَسِمُ لِأصابِعي" ل"هادي دانيال"
الطريق أو سارد أحواله شعراً: في "وضح الردى أراقص الجبال" لهادي دانيال
"عندما البلاد في الضباب و الذئاب" لهادي دانيال: شاعريّة الارتغاب والارتعاب
أبلغ عن إشهار غير لائق