عاجل/ أحداث قابس: مثول 89 شخصا من بينهم 20 قاصرا أمام النيابة العمومية..    المغرب يهزم الارجنتين ويتوج بكأس العالم للشباب    الليغا الاسبانية.. ريال مدريد يهزم خيتافي ويستعيد الصدارة    الحراك الإجتماعي بقابس.. مثول 89 شخصا أمام النيابة العمومية    عاجل: وزارة الداخلية: إيقافات وحجز كميات ضخمة من السلع والبضائع    عاجل/ مصادر طبية في غزة تكشف حصيلة الضحايا منذ إعلان وقف الحرب..    الرابطة المحترفة الثانية :نتائج مباريات الجولة الخامسة..    ايران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل..#خبر_عاجل    جريمة مروعة: يقتل صديقه بعد يوم فقط من عقد قرانه..    افتتاح الدورة الثانية لملتقى الكتاب العربي في فرنسا بمشاركة تونسية هامة    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    بداية من يوم غد.. نقل السوق الأسبوعي بالقيروان إلى محيط ملعب حمدة العواني    معهد علي بورقيبة بالمحرس .. تلاميذ الباكالوريا بلا أستاذ مادة رئيسية منذ شهر!    «الشروق» تواكب عودة اللفت السكري إلى سهول جندوبة .. توقعات بإنتاج 30 ألف طن من السكر    الطاقات المتجددة في تونس ..من خيار بيئي إلى دعامة اقتصادية    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    أولا وأخيرا .. هل نحن حقا في تونس ؟    وقفة احتجاجية في قابس والإفراج عن عدد من الموقوفين    كيفاش تحافظ على بطارية هاتفك لأطول فترة ممكنة؟    العثور على تمساح داخل مسبح منتجع فاخر شهير.. التفاصيل    عاجل: البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    المشي للوراء.. السرّ الجديد وراء صحة باهية    تحذير عالمي من مادة كيميائية في لهّايات الأطفال    ضغط الدم ليس قدرا...4 تغييرات بسيطة في حياتك تخفضه من دون دواء    بطولة الرابط الثانية (الجولة5): تعيين مباراة تقدم ساقية الدائر وامل بوشمة يوم الاربعاء القادم    وزير الشباب والرياضة يُدشّن عددا من المشاريع الجديدة ويطّلع على واقع المنشآت الشبابية والرياضة بولاية المنستير    آخر أجل للترشح لجائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري يوم 31 جانفي 2026    اختتام فعاليات الدورة السادسة للصالون الدولي للأجهزة والخدمات والتكنولوجيات الحديثة للسلامة    أكسيوس: إسرائيل أخطرت إدارة ترامب مسبقًا بغارات غزة    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: النجم الساحلي ينهزم امام نيروبي يونايتد الكيني    أقل من 17 ألف تونسي يحمل صفة متبرع في بطاقة التعريف    يتقدمهم البطل العالمي أحمد الجوادي: تونس تشارك ب51 رياضيا في دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض من 7 إلى 21 نوفمبر    دعوات في حكومة الاحتلال لاستئناف الحرب.. والمقاومة 'ملتزمة بوقف النار'    اليوم يا توانسة: الجولة العاشرة من الرابطة المحترفة الأولى ..شوف الوقت والقنوات    قابس: نقابتا أطباء القطاع الخاص وأطباء الأسنان تؤكدان أن الوضع البيئي خطير ويستدعى تدخلا عاجلا    مشروع قانون المالية 2026 يقترح اقتطاعات جديدة لدعم صناديق الضمان الاجتماعي وتوسيع مصادر تمويلها    بلاغ هام للإدارة العامة للديوانة..    عملية سطو على متحف اللوفر بباريس.. اختفاء "مجوهرات ملكية"    البرلمان يَعقدُ جلسة عامّة حول قابس بحضور وزيرَيْن..    رسميا..مدرب جديد لهذا لفريق..#خبر_عاجل    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    تحذير: أمطار رعدية غزيرة وجريان أودية في جنوب تونس وغرب ليبيا    الطقس يتبدّل نهار الأحد: شتاء ورعد جايين للشمال والوسط!    عرض موسيقي تكريما للمطربة سلاف يوم 23 اكتوبر الحالي    معهد الرصد الجوي للتوانسة : برشا مطر اليوم و غدوة..!    الغاز والبترول في تونس: الاستهلاك في ارتفاع والإنتاج في تراجع    بعد أن شاهد فيلم رُعب: طفل يقتل صديقه بطريقة صادمة!!    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أحببت جلادي" للمياء الفالح.. أو الموت على عتبات الحلم..
نشر في حقائق أون لاين يوم 18 - 10 - 2020

عن دار عليسة للنشر، أصدرت الروائية الشابة لمياء الفالح، خريجة معهد الصحافة وعلوم الإخبار عملها الأدبي الأول "أحببت جلادي". هذا العمل الروائي جاء لينير طريقا جديدا أمام لمياء الفالح التي كانت الى حدود اصدار هذا العمل تمارس الرواية في شكل هواية على حد تصريحها لنا خلال اللقاء الذي جمعنا مؤخرا في رحاب معهد الصحافة.

استلهَمَت الكاتبة فكرتها أو لنقل مسارها في هذه الرواية التي وردت في 168 صفحة، من خلال متلازمة ستوكهولم حيث كانت الرواية بمثابة بحر هائج ومائج من المتناقضات. هذه المتلازمة التي انْبَنت أساسا على التناقض من خلال تحوّل لا مقبول لمشاعر المختطُفين تجاه مختطِفيهم من النقمة الى التعاطف الى حدّ التواطؤ كانت مُلهِمة للكاتبة الشابة لمياء الفالح. كيف لا وقد تحّوّلت البطلة من ناقِمة الى مسامحة ومن كارهة الى مُحِبّة ومن نافِرة الى راغبة ومن حاقدة الى عاشقة.

هذا التأرجح بين اليأس والرجاء، بين القبول والنفور، بين الصبر والتسرّع، وهذا السفر الطويل واللامتناهي بين الأمواج العاتية من المشاعر المتناقضة وكأنها أمواج تتكسر على أطرافها كل السفن، ترجمته الكاتبة الى نص قصصي سلس ومرن من ناحية ولكنّه مؤرِقٌ ومحزِنٌ من ناحية أخرى. الأمر يتعلق هنا اساسا بهذا التحدي الخطير الذي رفعه الأنا الأعلى المشبع بالكم الهائل من الأعراف والتقاليد والمكبلة لرغبة الأنا في التمرد والهروب من القيود وبالحرب الشرسة المستعرة بين العقل الذي يضع حواجز متعددة ضد المشاعر والأحاسيس وبين العاطفة التي تتوق الى افراغ شحنة من المشاعر الملتهبة والجياشة.

لم تجد الكاتبة من خلال اختيار شخصيّتها الرئيسية، سلام، التي تختزن ألمًا بِحَجْمِ وطنِها، العراق الجريح والذي يئِنّ ويرزح تحت ويلات الاستعمار الأمريكي، من بُدٍّ في استعمال ترسانة من الألفاظ والعبارات "المأساوية" الى حدّ اجبار القارئ المتعطش الى معرفة نهاية مسار سلام على التعاطف بل والى التماهي مع بطلة الرواية التي لا يكاد ينتهي منها فصل من العذاب حتى يبدأ آخر أشد وطأة وأكثر قسوة وأعظم درجة في الألم.

لقد تفننت الكاتبة عبر ثنايا هذا النص المحبوك بشكل متماسك ومتناسق وكأن الشابة لمياء الفالح تخوض تجربة متجددة والحال أن هذا العمل هو فاتحة أعمالها الأدبية كما أشرنا سابقا، تفننت في ارباك القارئ وجرِّه عنوة نحو الاعتناء بأدقّ التفاصيل التي تحيط بأبطال ها العمل على قلّتهم. ولا نحسب تركيز الكاتبة على عدد محدود من الشخوص من قبيل "الخوف" من انفلات "العقد" وعدم القدرة على تطويع أبطالها وترويضهم، بل يندرج الأمر يقينا في إطار الحبكة القصصية التي جعلت من "سلام" و"ديفيد" فَلكيْن تدور حولهما بقية الشخصيات، تقترب حينا فتكتوي معها بنار الألم وتبتعد حينا آخر فتزيد في الاحساس باللوعة والاشتياق.

"أحببت جلادي" اختزنت كمّا هائلا من الرسائل المشفّرة حينا والمفتوحة حينا آخر. اذ لم يكن يسيرا على القارئ أن يختزل عبر بعض الكلمات حجم معاناة البطلة "سلام" التي تعيش "حربا" داخلية وتتلاطمها أمواج من المشاعر الجياشة. بين سلام المسلمة وديفد المسيحي كانت هناك مسافة بحجم الأفق البعيد سرعان ما تلاشت... بين سلام العربية المستعبَدَة وديفيد الاستعماري المتغطرس كان هناك كره وحقد بحجم الجبل سرعان ما تحطّم... بين سلام الضعيفة والمُغْتَصَبة وديفيد الغاشم المستبدّ وُلِدَ احساس بالرغبة في الانتقام تحوّل بفعل الزمن والتعوّد الى بحر جارف من العشق والهيام... لكن ظهر فجأة ما لم يكن في الحسبان...

حلّ العقدة الأولى انتهى بعقدة ثانية وبمجرّد ظهور "عائد حلمي" الضلع الثالث في هذا العمل الروائي والذي بموته المصطنع انطلقت رحلة سلام مع العذاب والألم أطلقت الكاتبة رصاصة الرحمة على بطلتها ولكن على يد حبيبها الأوّل حيث فهي تعلم أن لا سلام بعد لقاء بعد عودة "عائد حلمي" الذي مع ظهوره يكون حلم سلام قد تحوّل الى جحيم... فقلبُها لن يتسع لقلبين الأول أحبته طواعية فبكت على فراقه دما والثاني عشقته كَرْهًا وحملت في أحشائها بذرة منه فَفَدتْ روحه بدمها...

لكن القدر كان أعدلَ وأرحَمَ من أن يطيل في معاناة سلام التي تمزّقت أوصال مشاعرها بين حب "مُحَرّمٍ" وبين مجتَمِع تقليدي قاس ومتشدد لفظها ورفض احتضانها بعد أن عادت اليه منكسرة... لحظات آثمة وردهات من المتعة التي استرقتها سلام في خضمّ الكم الهائل من الهواجس والقيود الداخلية التي ما تنفك تشدد الحصار عليها، لم تدُمْ طويلا وكأن الكاتبة استكثرت على بطلتها برهة من السعادة بعد خريف من العذاب والمعاناة... كيف لا وهي قد صدرت روايتها باهداء تتوعّد فيه " كل من تسوّل له نفسه الوقوع في الحبّ زمن اللاحبّ، سوف تموت، لا تتجرأ... لا تقترب..."

لم يكن من العسير على متصفّح هذه الفصول المتعاقبة من الألم والحزن والاضطراب النفسي أن يلحظ مدى تواطؤ الكاتبة من خلال الإمعان في تعذيب بطلتها عبر تأزيم المواقف وفرض سياسة الأمر الواقع أمامه فالكاتبة كانت تعلم منذ البداية أن عقاب بطلتها "سيكون وخيما" وأنه لا يمكن للمرء أن يحب جلاده إلاّ "في حالة واحدة فقط وهي عندما يكون هذا الشخص أخرق" مثل بطلة لمياء الفالح "يتلذذ بالعيش وسط العذاب"... ربما مثل لمياء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.