مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    رئيس الوزراء الإسباني يدعو إلى "رفع الصوت" لكي لا يُنسى الوضع المأساوي للفلسطينيين    بنزرت.. تدابير للتصدي لتهريب الأغنام    تونس تتسلم الجرار البحري الثالث من جملة 6 جرارات لتعزيز خدمات الموانئ التجارية    بالمنطقة الشرقية لولاية بنزرت ... الحشرة القرمزية تفتك بغراسات التين الشوكي    أخبار النجم الساحلي .. سلسلة من الوديات والمكشر يضبط قائمة المغادرين    دوري ابطال اوروبا.. العاشوري يسجل ويساهم في فوز فريقه    يتواصل إلى نهاية الأسبوع...ملتقى تونس للرواية العربية    حين ينهض الإرث المنسي .. إقامة فنية بصفاقس تغوص في عالم السطمبالي    محمد بوحوش يكتب ... سوسيولوجيا المسافات    الاتحاد الرياضي المنستيري: مباراتان وديتان ضد مستقبل المرسى و الترجي الجرجيسي    رواية "مدينة النساء" للأمين السعيدي في وصف الواقع المأساوي    مع الشروق : أوروبا...والسقوط الاستراتيجي    فنان مصري شهير يثير الجدل بفيديو مع سائقه    ظهور ضباب محلي الليلة وصباح الخميس    تعزيز البنية التحتية لدعم القدرة التنافسية والايكولوجية والرقمية لقطاع النسيج والملابس للمركز الفني للنسيج ببن عروس    القبض على 3 قصّر رشقوا قطارا بالحجارة..وهذه التفاصيل..    كارثة -المغرب: انهيار بنايتيْن..ارتفاع عدد القتلى إلى 22    عاجل : توقيع عقد انجاز مستشفى الملك سلمان بالقيروان    المهرجان الدولي للصحراء بدوز يعلن تفاصيل دورته السابعة والخمسين    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة الثامنة عشرة    على هامش أيام قرطاج السينمائية ... مائدة مستديرة حول السينما العربية الجديدة يوم 17 ديسمبر 2025    كأس العرب قطر 2025: مدرب السعودية يطمح لبلوغ نصف النهائي ومدرب فلسطين يسعى لمواصلة التألق    في بالك الزيت الزيتونة التونسي : فيه سرّ يحميك من هذا المرض الخطير    جلسة بين الجانبين التونسي والصيني لمتابعة مشروع ملعب المنزه    ندوة صحفية لنقابة الصحفيين ورابطة حقوق الانسان وعمادة المحامين حول وضع الحقوق والحريات في تونس    عاجل: تفاصيل إحباط أكبرعمليات تهريب المخدرات في تاريخ تونس    فيديو رشق قطار بالحجارة: الإطاحة بالمُعتدين وهذا ما تقرّر في شأنهم..#خبر_عاجل    عماد الدربالي: "تونس ستبقى سيدة على قراراتها وحرة في اختياراتها"    قفصة: حجز بضائع بقيمة 56.5 مليون دينار    إستعدادا للمونديال: منتخب إنقلترا يواجه منافس المنتخب التونسي وديا    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    حادث مرور مروع يودي بحياة 4 أشخاص بين الكاف والقصرين    عاجل: عدوى جديدة خطيرة قد تنتقل من الحيوانات الأليفة إلى البشر    القفطان المغربي يُدرج رسميًا ضمن قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي    سهرة فلكية مجانية يوم 27 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم بتونس العاصمة    انتخاب تونس عاصمة للسياحة العربية لسنة 2027    عاجل/ ال"كنام" تعلن عن هذا القرار الإستثنائي..    عاجل: معلوم الحج الجملي واجب خلاصه اليوم    هواتف ذكيّة مبكّرة تزيد مخاطر الاكتئاب والسمنة وقلّة النوم    هذا هو موعد الدربي بين الترجي والافريقي    أول دولة تمنع الأطفال من الولوج الى وسائل التواصل الاجتماعي..#خبر_عاجل    هذا ما قالته أريج السحيري الفائزة بالنجمة الذهبية    وزير إسرائيلي: "الحرب مع سوريا حتمية"..#خبر_عاجل    رحلة الجزائر-تونس عبر القطار.. كل ما تحتاج معرفته قبل السفر    سامي الطاهري: ما يتم تداوله حول استقالة الطبوبي لا أساس له من الصحة    هذه أخطر الأمراض الي تصيب ''قطوسك'' أعرفها قبل    السلطات الأمريكية تطلب من السياح كلمات سر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي    عاجل/ ما حقيقة وصول "عاصفة الشرق الأوسط" الى شمال افريقيا؟.. خبير مناخي يوضّح    رئيس الجمهوريّة : عمليّات التّنظيف لا يجب أن تكون حملة محدودة في الزّمن، بل عملا مستمرّا على مدار اليوم    رقم صادم/ هذه نسبة التونسيين فوق 15 سنة المصابين بالسكري    تحقيق أميركي في وفيات يحتمل ارتباطها بلقاحات كورونا    طقس اليوم: ضباب صباحي وامطار في هذه المناطق..    رئيس الدولة: "من أفسدوا صاروا يلعبون دور الضحيّة"..#خبر_عاجل    "أوقف 8 حروب" لكنه لا يستطيع إيقاف "النعاس".. ترامب يؤكد أنه بصحة جيدة!    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    هل سُحر موسى... أم سُحِر المشاهد؟    التسامح وبلوى التفسّخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتظار سيدُ الملل ويُفقد الأمل..
نشر في حقائق أون لاين يوم 02 - 09 - 2021

منذ عقد من الزمن لم تفارق التونسيين دوامة البحث عن حلول لمشاكلهم دون جدوى ، حتى صار البحث عنها شغلهم الشاغل ، بدل البحث عمّا يعينهم على مواكبة التطور الذي تعدُو فيه بلدان العالم عدْوًا.
والحديث عن مشاكل العقد الماضي بات عقيما ، ذاك أن أسس المشاكل وجدرانها يتجدد ويستحدث كل حين بطريقة تكاد تكون أوتوماتيكية ، وعلى ما يبدو بل قل من المؤكد ، أن هناك متخصصين باستحداثها والإتيان بالجديد منها بين الفينة والأخرى دون كلل أو ملل ، إذ ما فتئنا نعيش همومنا المتزايدة من يوم إلى يوم ، ومن عام الى عام ، ومن حكومة الى حكومة ، فكأن الحزن مختوم على التونسيين منذ عقود.

فعكس ما يشغل سكان الأمم التي تلت حضارتها حضارة بلاد حنبعل ، تشغل بالنا اهتمامات يومية عديدة ، لا تتجاوز السؤال عن غلاء المعيشة وزحمة الشوارع واضطرابات توزيع المياه ، وكذلك التحسب من غيمة تبدو في السماء خوف المطر وغرق منازلنا وشوارعنا ، فضلا عن هموم القلق المتزايد من انحدار اقتصاد البلاد ، وتقاطعه مع مصدر قوت المواطن ومعيشته.

فلو استذكرنا يوميات التونسيين في الأعوام السابقة ، تبرز صورة التشكي والتذمر والامتعاض فيها ، إذ ما اجتمع تونسيان صباحا أو مساءً ، إلاّ وذهب بهما الحديث الى الترديات والإخفاقات بمفاصل الحياة في البلد. إنه الهمّ الذي باتت علامات الاستفهام والتعجب تتسع فيه ، وأمست أصابع الاتهام لا تكفي لعدّ الأسباب وتعداد المتسببين به ، فعشرة أصابع لا تفي بحساب الأعداد الهائلة من الشخصيات التي تقف وراء هذا المصير الذي آلت اليه البلاد .

فبدءًا ، الهمّ المتوارث في كل عام والذي يتعلق بميزانية الدولة وأبواب تمويلها والمديونية التي تصاحبها كل سنة وبلغت مستويات قياسية ، أضحى سيد الهموم السنوية دون منازع ، وقد تناسلت منه هموم أخرى كثيرة لعلّ أبرزها دون منازع تفشي الفساد المالي والإداري في كل هياكل الدولة ومفاصل المؤسسات مركزيا وجهويا.

لقد أصبح لمؤسسات الدولة المسؤولة عن الخدمات ، باعٌ طويل وحضورٌ فعلي في جملة الهموم المتراكمة ، والذي يُحزن المواطن المهموم أنه في واد وساسته ومسؤولوه في واد ناءٍ عنه ، وما همومه كلها إلا نتاج صراعاتهم ومناكفاتهم ومناكراتهم ، في وقت كان حريا بهم جميعا أن يوحّدوا النية الخالصة والكلمة الصادقة والتصرف السليم ، لتلد لهم مجتمعة قرارات صائبة ، تسفر عن أداء جيد في الواجبات خالٍ من التقصير، وبالتالي تنجلي هموم أبناء شعبهم بفضل الحلول الناجعة التي تأتي في التوقيت المناسب ، لا بعد فوات الأوان . ولقد قيل سابقا : الأفكار الجيدة تأتي دائما متأخرة ، ونقول بلهجتنا التونسية الدارجة : بعد ما اتّخذ شرى مكحلة ...

فوات الأوان إذا ، هو آفة الحلول ، إذ ينعدم النفع منها إن جاءت متأخرة ، وما يؤسف أن هذا بات دأبنا الذي أدمنّاه ، فاعتدنا على التقاعس في استنهاض عقولنا في الوقت المناسب لإيجاد الحلول والمخارج لما نقع فيه من مآزق في توقيت صحيح ، وما نجنيه اليوم ، هو زرعنا فيما مضى ، فما دمنا أسأنا في الزرع نحصد سوء فعلنا ، وقد قيل من يزرع الريح لا يجني غير العاصفة .

ومع ذلك لا مناص لنا إلاّ الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل عملا بذلك المثل القائل : أن تأتي متأخرا خير من ألاّ تأتي أبدا ...

فرئيس الجمهورية قيس سعيّد عاصر في أقل من سنتين منذ انتخابه ثلاث حكومات عيّن هو نفسه منها رئيسي حكومتين سقطت إحداها بعد أقل من ستة أشهر من أجل هوى في نفس يعقوب النهضاوي ، وتمرّد عليه الأخير منهما بعد أن اختار السقوط في حضن ذات اليعقوب . وقد رافق ذلك مزيد سقوط هيبة الدولة وتفكيك أوصالها وهاجس السيطرة على مفاصل دوائر القرار فيها الأمني والاقتصادي علاوة على السياسي .

لذلك كانت قرارات الخامس والعشرين من جويلية التي اتخذها رئيس الدولة مطلبا شعبيّا قبل أن تكون مبادرة شخصية منه ، حظيت بشبه إجماع من الطيف السياسي والمجتمعي رغم نشاز بعض قوى اليسار المتكلّس الذي استوفي كل رصيده . وها نحن بعد أكثر من شهر عن ذلك التاريخ المفصلي ننتظر استتباعاته الملحّة وأولها تعيين حكومة ورئيس جديد لها يؤمّنان الفترة الاستثنائية والانكباب على أزمة المالية العمومية ومسار التفاوض مع الجهات المانحة وتحضير ميزانية الدولة وقانون المالية للسنة القادمة ، في انتظار وضوح الرؤية حول مآل المسار السياسي في البلاد وفرضيات تنقيح الدستور الحالي أو إقرار دستور جديد ونظام انتخابي آخر وقانون أحزاب وجمعيات يقطع مع ظاهرة الإسهال التي تطبعه حاليا ، إلى جانب طبعا المعركة مع الفساد ومحاربة رموزه وعُرّابيه في الأحزاب والإدارة وعالم المال والأعمال .

إنها استحقاقات مستعجلة لا تتحمّل مزيد التأجيل ، ولا قدرة للبلاد على تحمّل حالة انتظار مفتوحة ، فأصعب الأشياء هو انتظار حدوث شيء دون أن يحدث ، وعندما يطول الانتظار يشعر الإنسان بالحزن ويبدأ بفقدان الأمل تدريجيًّا ، وعند فقدان الأمل ستتحرّك النيران الخامدة تحت الرماد وتبدأ في الاشتعال إلى حين اندلاع الحريق الذي لا يُبقي ولا يذر ، لا قدّر الله ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.