رحل العفيف الأخضر المفكر التونسي المقيم بباريس في صبيحة 25 جويلية الى العالم الاخر في اليوم ذاته الذي اغتيل فيه محمد البراهمي. يوم وفاته اتصلت بنا قريبة للعفيف لتمدنا بالنص الاخير له و الذي اختار ان يرسله الى حقائق اون لاين. النص بعنوان "(...) ها قد جاء زمان القتلة! " نقدمه لقراء حقائق اون لاين. النص الاخير للعفيف الاخضر: صرخة رامبو فرنسا 1870 تصبح صرخة الجميع في عالم عربي يتداعى من جميع جوانبه. لأنه ترك تناقضاته تنضج حتى التعفن و لم يفكر في علاجها. لا شك أنكم شاهدتم في الأسابيع القليلة الماضية مجاهدا في الجيش السوري الحر ينتزع قلب جندي من الجيش السوري ليفترسه و بأي اعتزاز تحت نظر الكاميرات. إليكم هذه الواقعة كما روتها بعض الصحف الفرنسية و لا شك أنكم اطلعتم عليها في أوانها، نقلا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان: طفل حلبي عمره 15عاما أُعدم في حلب. ممّن؟ من مجاهدين إسلاميين "تسلّموا راية الجهاد من رسول الله" كما قال راشد الغنوشي عن ابن تيمية. لماذا أعدموه؟ ربما امتثالا للآية القرآنية: "فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر" فاختار الطفل الكفر على الإيمان ظنا منه أن القرآن كلام الله لا يأتيه الباطل… الطفل، محمد قطعة، أعدم بعد اعتقاله من ميليشيات جبهة النصرة الجهادية. يبدو أنه تشاجر مع أحد مجاهديها قائلا له :" حتى لو أنّ النبي محمد ينزل من الجنة، لن أعود إلى الإيمان". محمد ليس فيلسوفا و لا تلميذ مدرسة مواظبا على قراءة الفلسفة، بل مهنته هي بيع القهوة في الشوارع. تجمّع الناس حوله فوعظهم عضو الكتيبة الجهادية:" يا مواطني حلب الكرام، عدم الإيمان بالله إشراك به و لعن النبي الإشراك بالله. و كل من يكفر و لو مرة واحدة فسينال عقابا بهذه الطريقة" ثم أطلق رصاصة في فم الطفل محمد و أخرى في رقبته. يقول شاهد عيان أن أمه تضرّعت للمجاهد لكي لا يقتل ابنها. و أن لهجتها لا تدل على أنها سورية. لكن لا ضمير لمن تنادي. ليأخذ كلّ منّا الدرس من هذا الهذيان الدموي المقدس، خاصة التونسيون الذين مازال ينتظرهم " السيناريو الإيراني" كما حذّرتهم منه في مقال بعنوان " لماذا التحريض على ثورة إسلامية ثانية " في 2012/08/30 ، و إليكم ما جاء فيه: تنبيه الجميع، في الداخل والخارج، بأن يتوقعوا الأسوأ: «حمام دم» يحقق سيناريو« الطاولة الممسوحة» من كل معارضة تعرّض استمراره في الحكم للخطر. تماما على غرار حمام دم الثورة الإسلامية الإيرانية التي «رتّبت محاكمات وإعدامات وتصفيات للعهد البائد بأكمله(...)»، هذه الفكرة الثابتة سيلتقي بها القارئ، بتنويعات شتّى، في الاستشهادات التي سأسوقها في هذا العرض الوثائقي. «انعدام الخيار في تونس ومصر» تحت هذا العنوان كتب مالك التريكي: (...) إلا أن جديد الثورات العربية قد جعلها تقع خارج نطاق الديناميكية التاريخية المعهودة لاستكمال مسار الثورات، حيث لم يحدث في التاريخ الحديث أو المعاصر أن اندلعت ثورة بدون قيادة موجهة تكون هي من يتولى الحكم فور سقوط النظام القديم. ولو انسلكت الثورات العربية في نمط المعهود التاريخي، لكان الوضع في تونس ومصر اليوم شبيها بما حدث على سبيل المثال، في إيران إبان سقوط الشاه. أي أن القيادة الثورية تكون قد استولت على الحكم من لحظة سقوط الطاغية، وتكون قد رتبت محاكمات وإعدامات وتصفيات للعهد البائد بأكمله، ممثلا في معظم أفراد الفئة التي كانت حاكمة أو متنفذة أو مستفيدة. وبهذا لا يكون هناك من مجال لمضيعة الجهد والوقت في الحديث عن «الفلول» أو عن قوى« الثورة المضادة». لكن يبدو الآن، بوضوح مأساوي، أن المستفيد الأكبر من عفوية الثورات التي ينجزها الشباب بصدق البذل وجسيم التضحية إنما هي نخب الاحتراف السياسي أو ماكينات الحصاد الانتخابي التي لم يكن لها أي دور في الثورة. يتبين الآن أن عفوية الثورة، أي انعدام القيادة الموجهة والمؤطرة، هي السبب الأول لتخبط الأوضاع الحالية. أي أن ما كان يتصور فضيلة كبرى في بدء الثورة سرعان ما استحال تبعة و وزرا لأنه أنشأ فراغا لا يمكن أن تملأه إلا القوى السياسية الموجودة. إذ ينبغي التذكر بأن نتيجة المسار الانتخابي ليست، في آخر المطاف، محصلة طلب شعبي بقدر ما هي محصلة عرض حزبي(...) يتبين الآن بوضوح مأساوي أن انعدام القيادة أثناء الثورة هو السبب الأول لأزمة القيادة في ما بعد الثورة.(...) والعاقبة أن البلدين يقاسيان اليوم انتشار الخوف، ويواجهان انسداد الآفق بسبب انعدام الخيار.» (مالك التريكي. القدس العربي. 2/ 2012/3) الخاتمة المجاهدون الذين سينفذون الإعدامات هم أبناء الغنوشي الذين ذكروه أيام شبابه. و لا شك أنهم ذكّروه أيضا بأيام شيخوخته. ليكن هدفكم تحييد الغنوشي سياسيا باعادته إلى لندن لكف أذاه عن تونس التي لا يريد لها إلاّ شرّا. ملاحظة الذين يصدقون الغنوشي ذا اللغة المزدوجة التي تقول الشيء و نقيضه هم أغبياء فالغنوشي "يعطيك من طرف اللسان حلاوة و يروغ عنك كما يروغ الثعلبُ".