فيديو: كارثة بيئية تهدد خليج المنستير والمياه تتحول الي اللون الوردي بسبب التلوث    15 سنة سجنا ضد الصحبي عتيق: الناطق باسم محكمة أريانة يكشف ويوضح..#خبر_عاجل    عاجل : منها الترفيع في المنحة ...وزارة الصحة تزف أخبارا سارة للأطباء الشبان    زغوان: رصد اعتماد بقيمة 9ر1 مليون دينار لإعادة بناء مركب رعاية الطفولة ونادي التنشيط التربوي والاجتماعي بالزريبة قرية    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    عاجل : هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في السعودية تحذر و تنشر هذا البيان الرسمي    منوبة: اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق مربي نحل بطبربة تسبب في حريق غابي    عاجل : تعرف على أول فريق يغادر كأس العالم للأندية 2025    بلاغ توضيحي للجنة الإنتخابات بالنادي الإفريقي للمنخرطين    نقل نجم ريال مدريد مبابي إلى المستشفى...تفاصيل    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    تونس: الدولة توفّر تذاكر سفر لعودة المهاجرين غير النظاميين    عين دراهم: حملة واسعة للتصدي للانتصاب الفوضوي    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    قرابة 33 ألفا و500 تلميذ يشرعون في اجتياز امتحان شهادة ختم التعليم الأساسي العام والتقني دورة 2025    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة الزقّوم!
نشر في حقائق أون لاين يوم 18 - 09 - 2013


بقلم مختار الخلفاوي
بمنظور السقف العالي للحقوق والحرّيات الذي دشّنه الرابع عشر من جانفي 2011، فإنّ تونس تعيش أيّاما حالكة السواد في ما يخصّ حرّية الضمير والصحافة والتعبير. الحكم على الشابّيْن جابر الماجري وغازي الباجي بالسجن سبع سنوات بتهمة الإساءة إلى المقدّسات على شبكة التواصل الاجتماعيّ، والحكم على شابّ بتهمة "عبادة الشيطان" – كلا الحكميْن يعتبر ضربا في الصميم لحرّية الضمير المكفولة (ولو في مشروع الدستور) ما لم تؤدّ إلى الحثّ على التعصّب والكراهية والعنف.
سلسلة التضييقات تطول من إيقاف سليم بقّة صاحب جريدة "الجرأة" (L audace) في ظروف غامضة، إلى سجن السينمائي نصر الدين السهيلي لقذفه وزير الثقافة ببيضة، إلى إيقاف مصوّر قناة "أسطرلاب" على الإنترنيت مراد المحرزي بتهمة التآمر لتصوير العمليّة، إلى محاكمة الطاهر بن حسين صاحب قناة "الحوار التونسي" بتهمة الدعوة إلى العصيان وقلب نظام الحكم، إلى التضييق على الصحفي سفيان بن فرحات، إلى الزجّ بزياد الهاني في السجن لثلاثة أيّام دون وجه حقّ، إلى المولدي الزوابي الصحفي في قناة "الحوار التونسي" وفي راديو "كلمة" الذي يقف اليوم الثلاثاء أمام القضاء بسبب كشفه قضيّة فساد تعود إلى سنة 2010 ( !!).
كلّ هذه المؤشّرات هي بمثابة الفضائح السياسيّة في وجوه حكّام ما بعد "الثورة". ولكنّ "أمّ الفضائح" التي لو حدثت في بلد يقوم على "الحوكمة الرشيدة" لاستقال المسؤولون عنها وبلا إبطاء هي الفضيحة المتعلّقة بوثيقة الاستخبارات الأمريكيّة ( CIA).
نحن بحاجة أحيانا إلى التذكير والتفصيل، فهجوم الحوادث يوميّا علينا يعوق ملكة التفكير والتدبير.
– بتاريخ 14 جويلية 2013 وردت على مصالح إدارة الأمن الخارجيّ مراسلة من جهاز المخابرات الأمريكي فيها إفادة بإمكانيّة اغتيال الشهيد محمد البراهمي من قبل عناصر سلفيّة.
– رغم أهمّية المصدر، وخطورة المعلومة لم تبادر إدارة الأمن العمومي بإعلام وزير الداخلية بحسب روايته ورواية مدير الأمن العموميّ.
- لم تتفاعل وزارة الداخليّة مع الإفادة ولو بمقدار الحدّ الأدنى. والحدّ الأدنى يعني توفير حماية للشخص المستهدف، وإن كانت حماية عن بعد.
- الأمن يداهم قبل ثلاثة أيّام فقط من اغتيال الشهيد البراهمي يوم 25 / 7 / 2013 المنزل الذي يوجد فيه أبو بكر الحكيم المتّهم المباشر في عملية الاغتيال. وهو منزل بجهة حيّ الغزالة لا يبعد أكثر من 300 متر عن منزل الشهيد.
- في منزل المتّهم المذكور عثرت قوّات الأمن على أسلحة وذخيرة. ومع ذلك، لم تقم بالربط الممكن بين موضوع المداهمة وموضوع الإفادة الاستخباريّة.
- يوما واحدا بعد اغتيال الشهيد البراهمي عقدت وزارة الداخلية ندوة صحفيّة قدّمت فيها المعطيات المتوفّرة لديها عن عملية الاغتيال. وبعد أسابيع وفي ندوة صحفيّة ثانية أعلنت وزارة الداخلية عن الجهة المنفّذة للاغتيال رسميّا. وقدّمت ما لديها من وثائق وفيديوهات ورسوم. ولم تكن الإفادة الاستخباريّة من بينها ولو على سبيل الإيحاء.
- بعد كشف هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عن الوثيقة الاستخباريّة، اعترفت وزارة الداخليّة بوجودها منذ 14 جويلية أي قبل أحد عشر يوما من عمليّة الاغتيال.
- يعترف وزير الداخلية بوجود الوثيقة الاستخباريّة، ولكنّه ينفي علمه بها في تاريخ ورودها على مصالح وزارته. أمّا مدير الأمن العمومي فيعلّل عدم إحاطة الوزير بأنّ مصالحه الأمنيّة تكفّلت بالبحث في الإفادة. وحين لم تجد ما يدعم "جدّيتها" آثرت أن لا تخبر المسؤول الأوّل عن الوزارة.
أمام هذه الحلقات الغامضة والمريبة، خرج مِن أوساط الحكم مَن يطالب بفتح تحقيق في… من سرّب الوثيقة لا التحقيق في المسؤول عن عدم الأخذ بما في الوثيقة. لم يقع التعاطي بوضوح وبشفافيّة مع الموضوع، ومع المعلومات الأمنيّة الخطيرة الواردة في الندوات الصحفيّة التي عقدتها نقابات الأمن وموظفي وأعوان السجون. وفي هذه الندوات سلّة من المعلومات الخطيرة التي تستلزم التحقيق والدحض بالأدلّة لو اقتضى الأمر، ومصارحة المواطنين حولها لا تهديد النقابات الأمنيّة والسجنيّة والسعي إلى تكميم الأفواه وصولا إلى الزجّ بأحد هؤلاء النقابيين وهو وليد زرّوق في السجن.
نعم. التضييق على حرّيات الضمير والصحافة والتعبير هو حديث الساعة. ولكنّ هذه التضييقات، في المحصّلة، ليست إلاّ ظلالا لشجرة الزقّوم التي تخفي غابة من الشّكوك والظنون والرّيَب.
عبر كبت الضمير، أو كسر آلة التصوير، أو إغلاق قناة، أو إلجام قلم، أو قطع لسان، يُراد للجريمة أنْ تمرّ دون شهادة ولا شهود. عبر ذلك، يُراد للتونسيّين أن يكونوا مواطنين صالحين وظيفتهم الوحيدة التسبيح بحمد الحكومة، وتصديق رواياتها كما يصدّقون روايات الأنبياء والآلهة. والمواطن العاقّ الذي يشكّ ويتساءل وينكر يقع جرّه إلى القضاء.
الحكومة تقول إنّها لا تكذب، ولكنّها تتجمّل. فلماذا، إذن، تريد منّا أن نقول للقصير انحنِ لنبوسك، وللأعمش فَتَنتْنا العيونُ اللّواحظ !؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.