1 – ما أن فُجِعَتْ القيادة التركيّة الحاليّة بحقيقةِ أنّ العصابات الإرهابيّة مُتَعَدِّدَة الجنسيّات ، بدأتْ تتراجَع مَذْعُورةً أمامَ تَقَدُّمِ الجيشِ العربيّ السوريّ وضرباتِهِ المُتواصِلَة والحاسِمَة في كُلِّ البقاعِ السوريّة التي تسلَّلَتْ إليها القطعانُ الإرهابيّةُ الضّارية قادِمَةً مِن دُولِ الجِّوارِ الجائرة عامّةً ، ومِن تركيا بإشرافِ ودَعمِ نظام "حزب العدالة والتنمية" وأجهزته السياسية والعسكريّة والسياسيّة خاصّة ، حتى بدأتْ أنقرة بتنفيذ جريمتها التالية ، الجريمة الكيميائيّة ذات الفصول المتعددة ، و التي خططتْ لها بالتنسيق مع أجهزة المخابرات الأمريكيّة والفرنسيّة والبريطانيّة والإسرائيليّة والقطريّة والسعوديّة. 2 – لقد بدأ التمهيد لهذه الجريمة ضدّ الإنسانيّة مُبكّراً بإثارة التساؤلات حَوْلَ مَدى سيطَرَةِ الجيش العربيّ السوريّ على الأسلحة الكيميائيّة التي يُفْتَرَضُ أنّه يمتلكُها ، وللتشكيك بسيطرة المؤسسة العسكريّة السوريّة على تلك الأسلحة تمّ حينَها ترويجُ مقاطعِ فيديو على خلفيّة سيطرة المسلّحين على مواد كيميائية تُستَخدَم لإبادة الحشرات الزراعيّة ، للإيحاء بأنّ العصابات المسلّحة وضعتْ يدَها السوداء على مخزونِ موادّ كيميائيّة يُمكِنُ استخدامُها في صناعة أسلحة قاتلة. وفي مقاطع فيديو أخرى ظهر مُسلّحون يُجَرِّبون سلاحاً بدائيّاً مِن خليط غازات سامة ينوون استخدامَهُ في اعتداءاتِهم الوحشيّة على المدنيين السوريين أو على قوّاتنا المُسَلَّحة التي تتصدّى لهؤلاء القَتَلة التكفيريين.وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قد أشارت في تقرير لمراسلها "ديفيد أوسبرن" إلى أنّ العميل الصهيو أمريكي "بندر بن سلطان" ، وبعْد تعيينه رئيساً لجهازِ الإستخبارات السعودي العام الماضي بهدف قيادة وإدارة الحرب الإرهابيّة على سوريا، كان أوّل من اهتمَّ بأمْر "غاز الأعصاب" في سوريا ، حيث نبَّه أسيادَه الغربييّنََ إلى موضوع الاستخدام المزعوم ل"غاز السارين" من قبل الحكومة السورية.. وذلك عشيّة مجزرة خان العسَل!. 3 – في شهر أيار / ماي الماضي نشرت الصحف التركيّة نبأ اعتقال شخصين ينتميان إلى مايُسمّى "المعارضة السوريّة" وبحوزتهما قرابة اللترين من غاز السارين القاتل وعديم الرائحة . وعلى الرّغمِ مِن تجاهُلِ سلطاتِ أنقرة طلباً روسيّاً مُلِحّاً بالكشفِ عن مصدر لتريّ السارين والغرَض مِن امتِلاك "المعارضين السوريين" هذه المادة ، فقد لاذَتْ السلطاتُ التركيّة المَعْنِيّة بالصّمتِ المُريب ، ولكن مؤخّرا ، وبهدَفِ التشويش على تورُّطِها في مجزرة خان العسل ، وبعْد مجزرةِ الغوطة وتداعياتِها التي لابدّ أن تكشفَ أقنعةً جديدة عن تورّط حكومة السفّاح أردوغان في سَيْلِ القَتْل التكفيري الذي يستهدف الشعبَ السوريّ بأسْرِه ، وحسب موقع سنديكا اورك التركي فإنّ "النيابة العامة التركية أخلتْ سبيلَ 7 متَّهمين بعد التحقيق معهم بينما أرسلتْ 5 معتقلين إلى السجن، لافتاً إلى إطلاق سراح 4 منهم قبل استكمال عريضة الإتهام بحقهم.وإنّ مديريّة الأمن، التي عمّقت التحقيقَ بعْد ضبْط غاز السارين في حوزة الإرهابيين، توصّلت إلى معلومات هامة تفيد بنقل غاز السارين من ليبيا.والذريعة المثيرة للسخرية هنا أنّه تمَّ إلقاء القبض على شخص ليبي في مطار "صبيحة كوكجان" في اسطنبول قادم من ليبيا بحوزته قنبلة خلال توجهه إلى أضنة،وبالتالي فإنّ السلطات التركية ركزت على احتمال نقل غاز السارين بالطريقة نفسها. 4 – وكما بات معلوماً ، فقُبَيْل إقدام عصابات القَتَلَة مُتعَدِّدَة الجنسيّات والأعراق على اقتِرافِ جريمةِ الغوطة الشرقيّة ، وتَزامُناً مع قُدُومِ فرقةِ التحقيق الدوليّة – سليلة فرَقِ التفتيش عن أسلحةِ الدّمار الشامل في العراق سيّئة السّمعة – لِغَرَض التثَبُّت مِن خَبَرِ استخدامِ الأسلحة الكيميائيّة في خان العسَل ، بعدَ أن كانت الولاياتالمتحدة قد عارَضَتْ بقوّة القيام بتحقيق دولي مستقل في تلك الجريمة التي ذهب ضحيّتها عشرات السوريين. وبعد أن اجتاحتْ قطعانُ التكفيريين الإنكشارييّن عدّة قُرى آمِنَة في ريفِ اللاذقيّة وقتلتْ النساء والأطفالَ والشيوخ واختَطَفتْ عدداً كبيراً مِن أطفال هذه القرى ورجالِها ونقلَتْهُم إلى ريف دمشق (في ظلِّ لامُبالاةٍ مُحَيِّرة مِن الإعلامِ بعامّة والرسمي الزّعْبَوِيّ بخاصّة! ) فَنَفَّذَ أوْباشُ "الجيشِ الحُرِّ مِن منظومَتَيّ القِيَمِ الوطنيّة والإنسانيّة" جريمتَهُم التي شملتْ هؤلاء الأطفال المُخْتَطَفِين وقامُوا بتصويرهم ونَشْر صُوَرِهِم في مُحاوَلَةٍ لإلصاقِ هذه الجريمة بالجيشِ العربي السوري، كي تلتقِطَ الإدارَةُ الأمريكيَّةُ هذه الجريمة التي تنتظر حدُوثَها المُعْلَمَة به مُسْبَقاً ، فتتخِذُها – كما حصَلَ – ذريعةً لِشَنِّ عدوانٍ مُبَيَّتٍ على الدولة السوريّة. 5 – إذا كان ثمّة مَن يُشَكِّكُ في تصريح الدكتورة "بثينة شعبان" المستشارة السياسية والإعلامية لرئاسة الجمهورية العربية السورية لقناة "سكاي نيوز" الإنجليزية بأن "الحكومةَ السورية ليستْ مسؤولةً عن اعتداءاتِ 21 آب/أوت التي راح ضحيتها 1400 شخص، بحسب التقديرات الأميركية، بل المسؤول عن ذلك المعارضة التي قامت بخطفِ الأطفال والرجال من قرى اللاذقية وأحضرتهم إلى الغوطة، وقامتْ بوضعهم في مكان واحد واستخدمتْ ضدَّهم الأسلحة الكيماوية"، مُشيرةً بشكل واضح إلى أن ضحايا المجزرة هُم من الطائفة العلويّة ومن قُرى ريف اللاذقية العلوية ، فإنّ شبكة "فلوبير" العالمية في موقعها باللغة العربية قالت حرفيّا :" على أثر نشْرِ صُوَرٍ وزّعها الجيشُ السوري الحر عن مجزرة الغوطة، واعتمادها من قبل أجهزة الاستخباراتِ الأمريكية، تقدَّمتْ عائلاتٌ علويةٌ من اللاذقية بشكوى بتهمةِ القتل. بعضُ أشرطةِ الفيديو هذه, قد تمَّ تصويرُها ورفْعُها على اليوتوب قبل وقوع الحادثِ الذي تصفه الأشرطةُ ، التي يظهر فيها أطفالٌ ماتوا خنقا بتسمم كيميائي لايمكن له أن يكون ناجما عن غاز السارين (لأن هذا الغاز يُفرزُ رغوة صفراء وليس بيضاء حَوْل الفم). ثُمّ إن الأطفال لايعبّرون عن شريحة من الشعب : جميعهم تقريبا من عمْرٍ واحد، وشَعرهم مائل للأشقر، ولايوجد أحد من ذويهم معهم حداداً عليهم. إنّهم في الواقع أطفال تم اختطافهم من قِبل جهاديين قبل أسبوعين من قرى علوية في أطراف اللاذقية تبعد أكثر من 200 كم عن الغوطة.وخلافا لتأكيداتِ الجيش السوري الحر، وأجهزة الاستخبارات الغربية، فإن الضحايا الوحيدين في مجزرة الغوطة الذين تمَّ التعرُّف إلى هوياتهم حتى الآن ينحدرون من أسَرٍ مؤيِّدة للحكومة السورية. والأشخاص الذين يقفون في الأشرطة مُعربين عن سخطهم من " جرائم بشار الأسد" هم أنفسهم من نفذوا جريمة اغتيال الأطفال". 6 – ولئن باتَ مَعْروفاً أنَّ فرقةَ التفتيش الدّوليّة قد عَزَفَتْ عن أداء المهمّة التي مِن أجْلِها – كما هو مُعْلَن – حَضَرتْ إلى سوريا ( التحقيق في إنْ كان السلاح الكيميائي قد استُخْدِمَ في خان العسَل)، لتكتفي بتحقيقٍ عاجل وأخْذ عيّنات مِن المكان الذي شهدَ جريمةَ الغُوطَةِ والعَودَة إلى نيويورك على وَجْه السُّرعَةِ القُصوى ، على وَقْعِ مارْشات باراك أوباما العسكريّة وقرْعه طبول الحرب الوشيكة – آنذاك – على سوريا التي اتّهمَ حكومتَها باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة ، قبْل حتى أن تُوصِلَ فرقةُ التفتيش الدوليّة عيّناتها إلى المُختبرات ، والتثبّت مِن كون السلاح الكيميائي قد استُخْدِمَ أم لا في الغوطة الشرقية؟ ناهيكَ عَن التأكُّد مِن هويّة الطّرَف الذي استخدم هذا السلاح في صورة استِخدامِهِ فعلاً . لئن كان ذلكَ كذلك فإنّ المُهمَّ هُنا هو التأكيد على تَوَرُّط "بان كيمون" في تدبير الضربة المُحتمَلة ، كما يؤشِّرُ إسراعُ ضفدَعِ الأمَم المُتّحدة بالنَّقيقِ مُرَدِّداً من نيويورك أراجيفَ سيّدِهِ أوباما في واشنطن ، التي تتَّهِم الجيشَ العربيّ السوريّ بارتكاب جريمة الغوطَة ، لِيَلْحَس "كيمون" تصريحَهُ السابق قائلاً إنّ مهمّة فرقة التحقيق الدولية لا تعدو التأكُّد من إن كانَ سلاحٌ كيميائيٌّ قد استُخْدِمَ بغضّ النَّظر عن الجهة التي استخدَمَتْه . وهذا بعدَ المبادَرَة الروسيّة بوضْعِ الأسلحة الكيميائية تحت الرقابة الدّوليّة مُقابل الكفّ نهائيا عن توجيه أو التهديد بتوجيه ضربة إلى سوريا مِن الولاياتالمتحدة أو غيرها. 7 – وإذا كانَتْ "الضّربَة الأمريكيّة المُحتَمَلَة" حسْب أهداف واشنطن المُعْلَنَة تَرْمي إلى جَعْل التوازُن في أرضِ المعركة مائلاً لصالِحِ العصاباتِ الإرهابيّة التي اعتَرَف "جون كيري" بأنّها الذراع العسكري البريّ للولايات المتحدة وحلفائها المحليّين والإقليميين لذلك سيسعفونَها بضربات جويّة بالصواريخ والطائرات تُضْعِفُ الجيش العربيّ السوريّ ، قبْل بدْء أيّ مؤتمرٍ دوليّ يُعنى بحلِّ الأزمة السوريّة (جنيف 2 مثلاً) ، فإنَّ ما كانت ترجُوهُ تركيا الأكثر حماسةً – مِن هذه الضربة "المؤجَّلة؟" هي الحؤول دُونَ أن يُحَقِّقَ الجيشُ العربيُّ السوريُّ انتِصاراً – بدا وشيكاً – على العصاباتِ الإرهابيّة يشلُّ ذِراعَ المؤامَرَة ، ذلكَ أنّ القيادة التركيّة على يقينٍ مِن أنَّ ارتداد انتِصارٍ سوريٍّ كهذا على تركيا سيكون عاصفاً بحكومة أردوغان على أقلِّ تقدير. ولذلك كان دَوْر تركيا في جريمة تزويد الإرهابيين التكفيريين في "جبهة النصرة" و"الجيش الحرّ" ودفعهم إلى استخدامه واتّهام الجيش العربي السوري بهكذا جريمة ، كان دَوْراً مركزياً ، ذلك أنّ مصادر لا يطالها الشكُّ في هذا المجال تتقاطع معها تقارير أجنبيّة أخرى تؤكّد أنّ السلاح الكيميائي الذي استُخْدِمَ مثَلاً في خان العسل (قذيفة مشحونة بغاز الكلور) صُنِعَ في تركيا التي سلّمَتْه حكومتُها إلى العصابات الإرهابيّة : جبهة النصرة والجيش الحر ، لأنّ الموادّ التي يتكوَّن منها السلاحُ المُستَخْدَم – حسب المصادر المتطابقة – لا يوجد إلا في تركيا. وبذلك تؤكِّد حكومة الشرّير أردوغان حرْصَها على إحياء إرْثِها السياسي السلجوقي العثماني الضالِع في دَعْمِ الإرهاب وممارَسَتِه، فَبَعْدَ المجازر الإبادِيّة ضدَّ الأرمَن والأكراد تضيف القيادة التركيّة إلى سجلِّها الأسوَد هذا الدَّوْر الذي يَنْدى لَه جبينُ الإنسانيّة في الجرائمِ الإبادِيّة ضدّ شعبنا السوريّ ، لِيَتأكَّدَ تاريخِيّاً أنَّ الكيانَ التركيَّ العنصُريّ التَّوَسُّعِيّ ، مثله مثل حليفه التقليدي الكيان الصهيوني ، باتَ خَطَراً على أمْن واستِقرار المنطقة والعالم. * فجْر9-2013/9/15