تبدأ اليوم السبت جولات الحوار الوطني على قاعدة مبادرة الرباعي التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل. وتقر المبادرة في أول بنودها استقالة الحكومة من أجل تكوين حكومة كفاءات وطنية يناط بعهدتها إكمال الفترة الانتقالية وقيادة البلاد الى الانتخابات القادمة. يبدأ الحوار الوطني في أجواء أقل ما يقال عنها انها متوترة لا تنبئ بأن الاطراف المتحاورة يمكن أن تصل الى نتيجة بشرط وحيد وهو ان يتنازل الجميع. من المهم تتبع كل الاتهامات والاتهامات المضادة التي جرت خلال الايام الاخيرة لنعلم ان طاولة الحوار ستكون تتمة لما سبق. صحيح أن الحوار أو المفاوضات يجب ان تتم بين الخصوم السياسيين. لا يمكن ان تصور حوارا او مفاوضات بين الحلفاء، غير أنه من المهم أيضا القول بأن الاقرار بدخول المفاوضات فيه مخاتلة غريبة وهي ان الأطراف ذاتها التي قبلت بمبادرة الاتحاد -ونعني اساسا حركة النهضة- لا توافق على جزئها الرئيسي وهو الاقالة الفورية للحكومة. المفارقة ان هذا الشرط هو البند الأول في مبادرة الرباعي ولا يمكن ان يبدأ الحوار اصلا الا بتحقيقه. ما العمل؟ للنهضة شرطها في تحقيق البند الاول من الحوار وهو ان تضبط روزنامة كاملة تتضمن تاريخ إجراء الانتخابات وإكمال تكوين الهيئة المستقلة للانتخابات وإتمام المصادقة على الدستور. هذه الشروط تعتبرها النهضة ضمانة لها حتى لا يعاد السيناريو المصري في تونس على الطريقة التونسية ، حسب رأيها. كيف يمكن ان توفر المعارضة ، ومن ورائها الرباعي الراعي للحوار ، ضمانات للنهضة والحال أن تحديد تاريخ الانتخابات وتدقيق الموعد الاقصى لصياغة الدستور لا يمكن ان يتم الا ببدء الحوار؟! من الواضح أن الفرقاء يدخلون الحوار بمنطلقات متضادة تماما .و لا يمكن أن تفضي الى انطلاق الحوار اصلا اذا استمر تحصن كل طرف وراء شروطه. الفرقاء يدخلون الحوار بمنطق السؤال الازلي: هل خلق الله البيضة أولا أم الدجاجة؟! هل نبدأ الحوار بالتوقيع على حل الحكومة ام ننهي الحوار بالموافقة على إقالة الحكومة؟! اذا كان هناك إقرار بأن الحوار الوطني سينتهي الى الاعلان عن حكومة جديدة تخلف حكومة علي العريض، فما معنى تشبث كل طرف بمنطلقاته كضرورة لبدء الحوار؟! الا ينبئ ذلك بعدم ثقة مضمرة يستبطنها كل طرف؟! ولكن ومهما كانت خفايا ما يجري: ما الحل؟ لا بديل من أجل حلحلة الوضع، في رأيي، من اعتماد مبادرة الرباعي كخريطة طريق للحوار برمته من منطلق انها مبادرة وافق عليها الجميع، آخرهم حركة النهضة. اتباع خريطة طريق حوار الرباعي يعني في ما يعني إعطاء الرباعي الراعي الصلاحية الكاملة في تحديد آليات الحوار ومبتدئه ومنتهاه.