بعد ترتيب الوضع السياسي الداخلي وانهاء الصراع المحموم بين السلطة والمعارضة في تونس، بعد مرحلة جولات الحوار واللغط السياسوي، سيستفيق سكان هذه البلاد على انهم نصبوا خيام ديمقرطيتهم الوليدة على حافة بركان يغلي، يهدد أمنهم واستقرارهم. كل الدلائل تشير الى اننا سنجبر على التعايش مع المارد بمنطق ديبلوماسية حسن الجوار. كل المؤشرات تقول ان أمننا أصبح في الميزان وأن الاستقرار النسبي الذي تعيشه بلادنا مهدد بالانهيار. ليس في الامر مبالغة ولا مزايدات أمنية. ما يحدث على حدودنا الجنوبية في الشقيقة ليبيا أمر مفزع ومخيف ويتطلب وقفة ومخططا طويل الامد لحماية بلادنا. في ليبيا مليشيات وعروش ومنظمات ارهابية وحكومة ضعيفة لا حول ولا قوة لها. حكومة لم تستطع حماية رئيس وزرائها من الاختطاف.. رئيس وزراء اختطف من غرفة نومه من أحد نزل العاصمة طرابلس! السلاح في ليبيا يباع في الاسواق الاسبوعية . والطريق للوصول اليه سهل ولا يتطلب الكثير من الاموال. الاممالمتحدة صنفت في تقريرها هذه السنة حول الاسلحة ليبيا في مقدمة كل الدول المهربة للاسلحة. المنظمات الارهابية في ليبيا تهرب السلاح في كل الاتجاهات: الى سوريا والى مالي والى الجزائر.. والى تونس أيضا. ربما لم يكن الوضع الحالي على حدودنا الجنوبية ، منذ انهيار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، جديدا غير ان المستجد هو تمركز ارهابييين تونسيين في ليبيا وتوفرهم على الرعاية والحماية من المليشيات هناك. كل التقارير الامنية اصبحت تحذر من معسكرات التدريب التي تنتشر في مناطق عدة من ليبيا والتي يتمرن فيها ويشرف عليها تونسيون. نعم المليشيات الارهابية تستعد الى التسرب الى بلادنا! كل المنظمات الارهابية في العالم تعمل على ايجاد موطئ قدم لها لانطلاق عملياتها العسكرية ضد الانظمة. من الواضح أن تنظيم انصار الشريعة (فرعه التونسي) وجد أخيرا مبتغاه في فرعه الليبي . وجد الارهابيون موطئ قدم. كل المعطيات تقول ان ارهابيين مبحوثا عنهم في تونس أصبحوا في حماية المليشيات الارهابية المسلحة في ليبيا وما اكثرها. اذا استمر وضع رعاية البؤر الارهابية في ليبيا فاننا قد نكون في مواجهة خريف وشتاء ساخنين في تونس وقد تنتظرنا سنوات قادمة عجاف. المفارقة في ما يحدث على حدودنا الجنوبية ان سلطاتنا ، وباستثناء اجراء الشريط الصحراوي العازل الذي اتخذه الرئيس المؤقت ، لا تفعل شيئا من اجل التوقي من الكارثة القادمة من الجنوب. ما العمل أمام الكارثة التي تتهددنا؟! الحكومة، اي حكومة تأتي، مطالبة باتخاذ كل الاجراءات التي من شأنها ان تقلل من الخطر الارهابي القادم من الجنوب الى درجة الصفر. من الواضح ان اتخاذ اجراءات على التراب الوطني التونسي لمقاومة الارهاب لم تعد تكفي. نحن بالتأكيد في حاجة الى تحالف اقليمي واسع يضم كل البلدان المحيطة بليبيا من اجل القيام بكل ما يجب فعله لفك الالغام التي تهدد بالانفجار في كل حين والقادمة من هذا البلد.