دوّن إياد الدهماني النائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الجمهوري منذ قليل في إصدار فايسبوكي جديد على صفحته الرسمية ما يلي :"أصدقائي الاعزاء لاشك في أن لائحة اللوم المقدمة ضد وزيرين من حكومة السيد مهدي جمعة، هي الحدث الأبرز في الساحة السياسية هذه الأيام، وأعتقد أن هذا الأمر يستحق عددا من الإيضاحات. شكلا : أولا إن السعي إلى عقد جلسة مغلقة، لا ينم عن إيمان ديمقراطي حقيقي، وفيه مس من حق دستوري هو الحق في النفاذ إلى المعلومة لذا سنعمل في إطار النظام الداخلي للمجلس على أن تكون الجلسة علنية. وصراحة لا أفهم كيف يمكن أن تكون مسألة السماح بالدخول إلى التراب التونسي لحاملي جوازات السفر الاسرائيلية إلى قضية امن وطني، القضية ليست أمنية مطلقا، بل تتعلق برسم خطوط السياسة الخارجية لتونس وهذا أمر ليس فيه ما نخفي حين يتعلق الأمر بالبديهيات والقضايا المبدئية ثانيا بعيدا عن ممارسات أنصار فرق الكرة، أو محبي مشاهير الفنانين، فإن العمل السياسي يعني القبول بالمساءلة في إطار المهام المكلف بها، وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال هجوما شخصيا على المعنيين بلائحة اللوم، بل تقييم سياسي لقرارات حكومية مرت عبرهم، وفي هذا الإطار لا غيره تتنزل جلسة يوم غد أما في أصل الموضوع : أولا المسالة تتعلق بقرار الحكومة التونسية بالسماح لمواطني "دولة اسرائيل" بالدخول إلى أراضيها باستعمال جوازات سفر هذه "الدولة"، ولا علاقة لها لا باليهود كمواطنين لهم الحق في حرية المعتقد كسائر المواطنين ولا بالحج إلى الغريبة. (دعوني هنا أبين أن المشكل حقيقي : إذا دخل مواطن بريطاني بجواز سفر بريطاني إلى التراب التونسي، وحدث معه أي مشكل فان الخارجية التونسية تكون على اتصال مع الخارجية البريطانية في كل ما يتعلق به، هذا يعني أنه سيكون الاتصال بين الخارجية التونسية والخارجية الإسرائيلية إذا تعلق الأمر بحامل جواز إسرائيلي وهذا هو التطبيع بعينه). ثانيا تبعات هذا القرار، خلافا لما يقوم البعض بالترويج له، مهمة لأنها تكسر واحدا من ثوابت الديبلوماسية التونسية : عدم الاعتراف بإسرائيل طالما لم يتم التوصل إلى حل في إطار الشرعية الدولية يعيد للفلسطينيين حقوقهم. ثالثا كما يكسر هذا القرار آخر أداة من أدوات دعم القضية الفلسطينية وهي مقاطعة إسرائيل. وهي أداة فعالة، ولها بعد نفسي عند الكيان المحتل، ولها بعد في رفع المعنويات لدى ضحايا الاحتلال والتمييز العنصري في الراضي الفلسطينية المحتلة رابعا أداة المقاطعة ليست ابتكارا جديدا فقد سبق لكل أحرار العالم مقاطعة جنوب إفريقيا حين كانت ترزح تحت نظام التمييز العنصري، وكانت هذه المقاطعة الفعالة واحدة من الأسباب التي أدت إلى سقوط هذا النظام العنصري. والنظام الصهيوني هو نظام عنصري بامتياز ولا أدل على ذلك من جدار العار العازل الذي أقامه هذا النظام العنصري ولا أظن ان التونسيين بحاجة اليوم لمن يقنعهم بان الصهيونية هي ضرب من ضروب العنصرية خامسا البعض يحاول تخويف الشعب من مواصلة نهج المقاطعة لأنه سيؤدي حسب زعمهم لمشاكل اقتصادية. وهذا مردود على أصحابه وسأضرب على هذا مثلا : في الشهر الماضي قامت شركة المياه بلشبونة البرتغالية بفسخ عقد تبادل تكنولوجي بينها وبين شركة المياه الإسرائيلية ميكوروت (نظير الصوناد في إسرائيل) بعد اتهام الأخيرة بالميز العنصري، ولم نسمع بأي ضرر لحق الاقتصاد البرتغالي جراء هذا * نفس الشيء حين قام منذ أشهر ثاني أهم صندوق استثمار هولاندي بقطع استثماراته في بنوك إسرائيلية لأنها تقوم بتمويل المستوطنات الغير قانونية فوق الأرض المحتلة.
سادسا للتذكير : المقاطعة لا تتعلق باليهود، وأي تلميح لمنع اليهود من الحج إلى الغريبة لا يدخل إلا في باب المغالطة، فالمقاطعة تتعلق بمواطني كيان يحتل أرض الفلسطينيين منذ أكثر من 60 عاما، ويمارس ضدهم التمييز العنصري، ويضع مناضليهم الوطنيين أسرى في سجون الاحتلال. وطالما تستمر هذه الوضعية فعلينا أن نواصل هذه المقاطعة إلى أن يسترجع الشعب الفلسطيني حقوقه وفق قرارات الشرعية الدولية سابعا للتذكير : لمن لا يعرف مفهوم التطبيع مع إسرائيل : هو إقامة علاقات طبيعية مع كيان الاحتلال. وأول مدخل لهذا التطبيع هو الاعتراف بوثائق الهوية الصادرة عنه والسماح لمواطنيه باستعمالها لدخول تونس ثامنا البعض يحتج بأن المجلس رفض تجريم التطبيع في الدستور وبالتالي ليس له الحق في طرح المشكل، وهذا أيضا غير صحيح فالنواب الذين صوتوا مع اعتبار الصهيونية حركة عنصرية وأنا لي شرف أن أكون من بينهم، لهم الحق في طرح الموضوع أيا كان موقف الأغلبية آنذاك، وإلا فنحن نعاقبهم مرتين هذا هو جوهر الموضوع: رفض لقرار حكومي بدون أي تفويض يتعلق بوقف قرارات سابقة بمقاطعة كيان الاحتلال ومساندة الشعب الفلسطيني التي لم تجف دماءه طيلة 60 سنة. أما من لا يريد أن يرى الحقيقة، فلا أجد ما أقول غير "ربي يهديه"".