على امتداد 4 سنوات منذ اندلاع ثورة الحرية والكرامة، مرت تونس بعديد المحطات الايجابية أحيانا والسلبية أحيانا اخرى، على جميع المستويات السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، إلى ان توصلت أواخر سنة 2014 إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لفت مرورها في ظروف ناجحة انتباه العالم برمته. وفي هذا الإطار، توجهت حقائق أون لاين بالسؤال للعديد من الوجوه السياسية حول تقييمهم لفترة الاربع سنوات التي تلت اندلاع الثورة، من بينهم القيادية بحزب التيار الديمقراطي والنائبة عنه بمجلس نواب الشعب سامية عبو، التي ترى ان الاهداف التي قامت من اجلها الثورة لم تتحقق أو لم توضع لها على الاقل الاسس الكفيلة بتحقيقها سواء على مستوى إصلاح الادارة او المؤسسات أو القضاء او الامن، والمجالات التي كانت "خاربة" في عهد المخلوع وهي التي كانت بدورها السبب في إحساس الناس بالظلم والتهميش والفقر وغياب العدالة والتنمية وكل ما تستطيع ان تفرزه سياسة فاسدة كالتي كان يتحلى بها النظام السابق. وعبرت عبو عن اسفها لعدم القيام بالاصلاحات اللازمة التي كانت ستمهد لمرحلة بناء ديمقراطي افضل في تقديرها، رغم ان الشعب التونسي خرج بمكسب مهم في النهاية وهو حرية التعبير وحرية الصحافة، مشيرة إلى أنه لا يمكن بناء اي شيء دون هذه الحرية التي لم يتمتع بها سوى من كان عنده استعداد لذلك في حين ظل آخرون سجناء للتبعية و"سياسة التبندير". وعمن يتحمل مسؤولية الفشل في تحقيق أهداف الثورة في نظرها، قالت محدثتنا انها لا تستطيع ان تلوم الحكومات التي تلت الثورة مباشرة أي حكومتي محمد الغنوشي والباجي قائد السبسي باعتبارها حكومات اتى بها النظام السابق نفسه للمرور من مرحلة معينة، وإنما تلوم حكومات الترويكا التي نصبت بالصندوق ومن خلال الشعب الذي قام بالثورة، غير ناكرة ان مسألة القيام بكل الاصلاحات التي تحدثت عنها ليست سهلة لكن كان من الممكن على الاقل وضع الأسس، حسب تقديرها. وحملت المسؤولية الكبرى لحركة النهضة لانعدام الإرادة السياسية لديها في خلق المناخات الملائمة لهذه الاصلاحات، "حيث لم تحترم الهدف الأصلي الذي وصلت من اجله إلى السلطة والذي هو خدمة الشعب بقدر ما ارادت أن تفتك مفاصل السلطة من فرط حب السيطرة لديها"، مضيفة ان غلطة النهضة تكمن في انها ارادت ان تحكم بنفس أساليب حزب التجمع المنحل القائم على الاستحواذ على مفاصل الدولة. وتابعت: "في المقابل تتحمل المعارضة القائمة في ذلك الوقت حجما كبيرا من المسؤولية، إذ كان الصراع بينها وبين النهضة صراع وجود، لا هو صراع اصلاحات ولا هو نقد بناء.. فالمعارضة لم يكن لديها النية حينها في توجيه السلطة إلى الاتجاه الصحيح بقدر ما كانت لديها الرغبة في إسقاط وهزيمة النهضة ليس إلاّ... كما كان من الممكن لحزبي التكتل والمؤتمر الشريكين في السلطة أن يلعبا دور المعارضة داخل الحكم فيمارسان الضغط اللازم لجعل النهضة أمام نظرية البحر أمامكم والعدو وراءكم". أما عن تصورها للمرحلة القادمة، فاكدت محدثتنا أن لديها تخوفا كبيرا من عودة الاستبداد بعد وصول نداء تونس إلى الحكم، مستغربة ما أسمته ادعاء قياداته السعي من اجل تحقيق اهداف الثورة في حين ان هدفا أساسيا من اهداف الثورة، وفق تقديرها، أن لا يكونوا موجودين في السلطة أصلا، خاصة وأنه لم تتم محاسبتهم، كما ترى أن "نداء تونس هو نفسه التجمع عائد في ثوب جديد مزين ببعض الحقوقيين والوجوه المستقلة...". وفي ما يخص كيفية التعامل مع الحكام الجدد في المستقبل من موقع حزبها كمعارضة، أكدت المحامية سامية عبو أن المحافظة على مكسب حرية التعبير والصحافة ومواصلة تطبيق العدالة الانتقالية هي أهم التحديات المطروحة، مشيرة إلى ان المعركة مع نداء تونس لن تكون معركة حكم "لان الامر محسوم وهي موجودة في الحكم وتحكم وحدها أيضا، بل ستكون معركة التصرفات والإنجازات والسياسات التي ستعتمدها في الحكم". وتعهدت في النهاية ان يكون حزبها في موقع المعارضة الجدية، مؤكدة ان اي محاولة لإرجاع الاستبداد من طرف السلطة الحاكمة سيتم التصدي لها وبصرامة حسب ما جاء على لسانها.