التعادل يحسم قمة الكاميرون وكوت ديفوار بأمم أفريقيا    مشروع قانون يميني متطرف لحظر الأذان داخل الأراضي المحتلة عام 1948    جنوب إسبانيا: أمطار غزيرة تتسبّب بفيضانات في محيط مالقة    المنطقة السياحية طبرقة عين دراهم: إقبال متزايد والسياحة الداخلية تتصدر عدد الوافدين    دراسة: حفنة مكسرات قد تغير حياتك... كيف ذلك؟    «أصداء» تفتح ملفات التنمية والحوكمة في عدد استثنائي    توقّعات مناخية للثلاثية الأولى    وراءها عصابات دولية .. مخابئ سرية في أجساد الأفارقة لتهريب المخدّرات!    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    نابل .. حجز أكثر من 11 طنا من المواد الغذائية الفاسدة    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    بعد فضيحة الفيديوهات.. هيفاء وهبي تعود إلى مصر    والي قفصة يقيل المكلف بتسيير بلدية المتلوي    عاجل/ جريمة مروعة: شاب يقتل صديقته داخل منزل بالمنزه 7..    المنزه السابع: إيقاف مشتبه به في جريمة قتل فتاة خنقًا    بني مطير: وفاة طفلة ال11 سنة في حادثة انزلاق حافلة واصطدامها بعدد من السيارات    تونس تعلن رفضها القاطع لاعتراف "الكيان الص.هيوني بإقليم "أرض الصومال"    طقس مغيم جزئيا وظهور ضباب محلي خلال الليل    "كان" المغرب 2025.. السودان تنتصر على غينيا الاستوائية    مصر.. تحرك أمني عاجل بعد فيديو الهروب الجماعي المروع    السجل الوطني للمؤسسات يطالب بإيداع أصول العقود والمحاضر فوراً    اعتقالات جماعية قرب برج إيفل علاش؟    عاجل/ "حنظلة" تخترق هاتف "كاتم أسرار" نتنياهو وتعد بنشر محتواه قريبا..    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    مدنين: انطلاق المخيم البيئي الثالث للكشافة التونسية بجزيرة جربة    وزارة النقل تدرس فرضيات توسعة محطة الحاويات بميناء رادس    مدرب منتخب مصر: "سنلعب للفوز على أنغولا رغم التأهل لدور الستة عشر    البطولة الوطنية لكرة السلة - برنامج مباريات الجولة الاولى لمجموعة التتويج    التوقيع على 5 وثائق بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم خلال اللجنة المشتركة التونسية السعودية    ''مقرونة باللحمة'' تُدخل 17 عاملاً مصرياً المستشفى    سوسة: ايقاف صاحب مطعم بعد حجز كميات من الأسماك الفاسدة    النيابة تأذن بإيقاف صاحب مطعم بسوسة يخزّن أسماكا غير صالحة للاستهلاك    الركراكي: "لديا ثقة في مشروعي الفني وأنا الأنسب لقيادة المغرب نحو اللقب القاري"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    عاجل-فرجاني ساسي: ''نسكروا صفحة نيجيريا والتركيز على مواجهة تنزانيا''    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    المهدية :انطلاق عملية التصويت على سحب الوكالة من أحد أعضاء المجلس المحلي بشربان عن عمادة الشرف    احذر.. إشعاع غير مرئي في غرفة النوم!    تونس تودّع سنة 2025 بمؤشّرات تعافٍ ملموسة وتستشرف 2026 برهان النمو الهيكلي    اختتام البطولة الوطنية للرياضات الإلكترونية لمؤسسات التكوين المهني    هام/كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    غزة: خيام غارقة في الأمطار وعائلات كاملة في العراء    ماسك: «الاستبدال العظيم» حدث في بروكسل    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة استعدادا لمحادثات مع ترامب    علي الزيتوني: بالعناصر الحالية .. المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في الكان    تونس تُشارك في الصالون الدولي للفلاحة بباريس    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ بشرى سارة لمستعملي وسائل النقل..    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي :وزراءنا ناجحون ولكننا لا نرى انهم مثاليون والترويكا ليست في "صحة جيدة"
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 12 - 2012

الشعب السوري يدفع ثمن عدم اتفاق الكبار ولم يبق لطاغية الشام غير الرحيل
لا عودة عن حرية الاعلام واستقلاليته لكن الذي نطلبه منه هو قدر اكبر من المهنية
هل دور الاعلام التحريض على الفوضى وابراز تونس وكأنها تحترق
النهضة من الداخل موحدة حول امرين المرجعية الإسلامية والديمقراطية
نحن مع الإسراع بتنظيم الإنتخابات للمرور الى المرحلة التالية
تونس:يحتل الشيخ راشد الغنوشي مكانة بارزة في المشهد السياسي التونسي ليس بعد الثورة واعتلاء النهضة سدة الحكم في تحالف مع حزبي المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات فحسب، انما منذ تشكيل الحركة اي منذ اكثر من اربعين عاما قضى زعيم النهضة ومؤسسها اغلبها مهجرا متنقلا بين بلدان الإقامة الغربية مدافعا شرسا عن حق الشعب التونسي في الحرية والديمقراطية فاضحا الديكتاتورية ومنددا بسياسة تجفيف المنابع ومستنكرا سجن رفاقه وآلاف انصار الاتجاه الإسلامي في تونس.
ويعتبر الشيخ الغنوشي "الأب الروحي" لحركة النهضة التي كثر الحديث بشأنها منذ نحو عام ابان الانتخابات الأولى التي حازت فيها الحركة المرتبة الأولى، ثم تضاعف الاهتمام بشؤون النهضة بعد تمسكها بوزارات السيادة صلب حكومة الترويكا التي تشهد فتورا بين حلفائها حيث تتردد اخبار مفادها تصدع الإئتلاف وتونس على مشارف استحقاقات انتخابية وشيكة.
اكد الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ان علاقة تونس بقطر لم تبدأ مع الثورة مضيفا ان جذور العلاقة تنطلق من زمن الإعداد للثورة وذلك من خلال القناة الفضائية القطرية "الجزيرة" التي كانت سباقة في فضح نظام بن علي عبر اعطاء الفرصة للمعارضة التونسية لأن تعرف بنفسها وان تكشف المظالم المرتكبة في حق الشعب التونسي.
وحول العلاقة المميزة التي تجمع دولة قطر برموز حركة النهضة
قال الغنوشي " لقد نجحت قناة "الجزيرة" في التعريف بقادة النهضة وبقادة المعارضة التونسية ايضا، فلقد كان الدكتور المنصف المرزوقي دوما ضيفا على برنامج "الاتجاه المعاكس" والسادة نجيب الشابي وحمة الهمامي والسيدة مية الجريبي وبقية رموز المعارضة التونسية. وبالتالي فنحن كنا نقول ولا نزال ان دولة قطر هي شريكة في ثورات الربيع العربي من خلال دورها ودور "الجزيرة" الإعلامي باعتبار ان الإعلام سلطة كبرى في العالم الحديث. ولذلك دفعت قطر ثمنا غير بسيط حيث هدد بوش بضرب "الجزيرة " بالصواريخ... وبن علي قطع العلاقات مع قطر اكثر من مرة بسبب دعمها للمعارضة التونسية.
فهذه العلاقة بدأت منذ ما قبل الثورة ولم تبدأ مع النهضة فحسب بل مع المعارضة ككل ونحن نتشرف بعلاقتنا مع قطر باعتبارها شريكا وداعما لدولة الثورة للحكومة التي انبثقت عن الثورة اي داعم لمرحلة التحول الديمقراطي في تونس...الدعم الإعلامي والدعم الاقتصادي. فقطر من اكبر المستثمرين في تونس.
ولكن الاستثمارات القطرية لم تصل بعد؟
بل هناك استثمارات وصلت واخرى في طور التفاوض حول سبل تنفيذها. لدينا المشروع القطري بالصخيرة بالإضافة الى 12 مشروعا قطريا بتونس وهي مشاريع كلفتها عشرات المليارات منها ما يتعلق بالسكن والتنمية والطاقة والبنى التحتية على غرار الديار القطرية وقطر الخيرية.
ونحن نرحب بالإخوة القطريين ونشكر لهم وقوفهم الى جانب الثورة التونسية والى جانب بلادنا في هذه الفترة الانتقالية الصعبة بما يمكننا من تجاوزها بامان.
لا نزال في مرحلة اضطراب تلي الثورة _ الزلزال
بعد مرور عام على تسلم حكومة الترويكا مقاليد الحكم، كيف تقيمون اداءها؟
الأداء يقيم في ظروفه وفي سياقه...فتونس تمر بمرحلة تحول من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي. وعادة ما تكون الطلبات خلال مرحلة التحول عالية مقابل امكانيات محدودة. وعادة مراحل الانتقال يشوبها قدر من الاضطراب، فحتى الانتقال في الحياة الفردية على غرار الانتقال من الطفولة الى المراهقة ثم منها الى الرشد وكل انتقال تصحبه حال من الاضطراب.
فهذه الثورة هي زلزال، وبعد الزلزال تبقى التضاريس في حالة تحرك تبحث عن صورتها النهائية. وتونس قد اطاحت بالدكتاتورية وتبحث عن الصورة الديمقراطية التي تليق بها وسط تنازع حول نوع الصورة. فالإسلاميون يريدون لتونس صورة والعلمانيون يريدون صورة اخرى، اي ان هناك تدافعا بين مشاريع تتصارع لرسم مستقبل تونس.
كما ينبغي ان نأخذ بعين الاعتبار الخراب الواسع الذي تركه النظام السابق ان على مستوى الفساد او على مستوى هشاشة الوضع الاجتماعي وخاصة في المناطق الداخلية التي انطلقت منها الثورة. والسؤال المطروح هنا: هل نحن تجاوزنا هذه المرحلة؟
والجواب اننا لا نزال في مرحلة الاضطراب والبحث عن الذات والبحث عن الصورة النهائية.
والحقيقة ان للحكومة انجازاتها واخفاقاتها ايضا، من الإنجازات التي تحققت عن طريق الثورة، نذكر الحرية، فتونس اليوم تتمتع بحريات لم تشهد مثيلا لها في تاريخها المعروف ان على مستوى حرية التعبير او على مستوى المجتمع المدني او على مستوى المجتمع السياسي. فلا وجود لحزب ممنوع اليوم في تونس ولا وجود لصحيفة ممنوعة ولا جمعية ممنوعة وليس هناك شخص "ممنوع" ماعدا بضع العشرات من رجال الأعمال الممنوعين من السفر بسبب قضايا تتعلق بهم.
وهذا هو الهدف الأول لقيام الثورة التونسية وقد تحقق بجو الحرية وهناك مؤسسات منتخبة تعمل سواء على صعيد الحكومة او على صعيد المجلس الوطني التأسيسي حيث يناقش اليوم الدستور في مرحلته النهائية، تناقش مسودة اعدتها لجان المجلس لدستور ديمقراطي يجمع بين تحقيق حلم التونسيين الذي انبثق منذ القرن التاسع عشر في مجتمع يجمع بين قيم الإسلام وقيم الحداثة.
والحوار اليوم يدور حول تحديد موعد الانتخابات وتجمع اغلب الآراء حول موعد الصيف المقبل في بدايته او نهايته.
نحن مع الإسراع بتنظيم الإنتخابات للمرور الى المرحلة التالية
ماهو رأي حركة النهضة في موعد الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة؟
موقفنا واضح وهو الإسراع بتنظيم الإنتخابات في اقرب وقت ممكن حتى نخرج من هذه المرحلة الإنتقالية ولذلك اقترحنا مع شركائنا في الترويكا شهر جوان المقبل لإجراء الإنتخابات. ولاتنسى اليوم تمضي الى هدف محدد وهو الإنتقال من مرحلة انتقالية الى مرحلة ديمقراطية عادية لا استثنائية ولا مؤقتة.
اما الهدف الثاني من الثورة، وهو القضاء على الفساد وتحقيق التنمية. وهو هدف تحقق قدر منه ولكن لم يتحقق حقيقة في معظمه، فحجم البطالة لا يزال مرتفعا وخاصة في مستوى حاملي الشهادات رغم ان البطالة ليست في حالة تفاقم بل في حالة تناقص وطبقا لما ينشره دوريا المعهد الوطني للإحصاء، فان حجم البطالة قد تراجع من نسبة 18 بالمائة الى 17 بالمائة ومعنى ذلك ان هناك حوالي 100 الف موطن شغل قد توافرت خلال هذه السنة. كما تؤكد بيانات المعهد الوطني للإحصاء ان نسبة النمو التي كانت في السنة الماضية سلبية اي 2 تحت الصفر تقريبا فاقت في اخر احصاء 4 في المائة ايجابي. ومعنى هذا ان البلاد سائرة نحو تعاف اقتصادي.
ومقابل ظاهرة البطالة هناك ظاهرة اصبحت تشكو منها بلادنا وهي ظاهرة نقص في اليد العاملة وهي مفارقة عجيبة ومن المفارقات ان تونس تشكو في الوقت نفسه نقصا فادحا في اليد العاملة سواء في الفلاحة حيث صابة الزيتون لا تجد من يجنيها وصابة التمور كذلك والمقاولات معطلة بما يدل ان هناك عدم انسجام بين نظام التعليم وسوق الشغل. فنظام التعليم يخرج كفاءات لا تحتاجها السوق. وهو امر يحتاج الى اصلاح النظام التعليمي الذي يتطلب وقتا.
وعلى مستوى مقاومة الفساد، نسجل انجازا ولكنه يظل دون المطلوب سواء على الصعيد الإعلامي او الإداري لأن الفساد متغلغل في الإدارة وفي المال بحيث يشكل بعث وزارة لحقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية انجازا في حد ذاته وهي وزارة قدمت مشروع قانون للعدالة الإنتقالية للمجلس الوطني التأسيسي بما يقدر ان السنة القادمة ستشهد انطلاقة منهجية لمقاومة الفساد ولمحاسبة العهد البائد ومحاسبة حقيقية وفتح ملفات الفساد للإنتهاء الى المصالحة بعد المحاسبة لا الى الإنتقام واعادة الحقوق الى اصحابها.
المصالحة لا تتم إلا بعد المحاسبة
ولكن هناك من يرى ان خطوات الحكومة في اتجاه المحاسبة بطيئة جدا..
اقدر بان هذا الشعور العام في تونس ان خطوات المحاسبة ومقاومة الفساد بطيئة والسبب ان الثورة التونسية هي ثورة سلمية تجنبت اسلوب المحاكمات الميدانية والعقاب الجماعي ونصب المشانق واختارت نهجا اخر هو النهج القضائي الذي يعتمد على فلسفة اخرى تقوم على القانون والمحاكم وليس على المحاكمات الميدانية. وهو طرق طويل ولكنه طريق مأمون يجنب الإنتقام الجماعي.
تحدثتم عن الإستحقاقات القادمة، هل ستختار النهضة في صورة نجاحها، نهج الإئتلاف سواء مع حليفيها الحاليين او مع احزاب اخرى؟
نقدر انه في المرحلة الإنتقالية الثانية التي ستأتي بعد الإنتخابات، لا تزال بلادنا تحتاج الى نهج الوفاق كأسلوب للحكم حتى لو حصلت الحركة على اغلبية تمكنها من تشكيل حكومة نهضوية خالصة، وتونس تحتاج اليوم الى حكم توافق لا الى حكم المغالبة اي الحكم ب51 بالمائة. في ثقافتنا قيمة عليا هي قيمة الإجماع. فمجتمعنا في حاجة ماسة الى ان يحكم لا باغلبية بسيطة بل بالإجماع او قريب من الإجماع حتى نتجنب الإستقطاب وانقسام المجتمع الى معسكرين... معسكر مع الإسلاميين ومعسكر ضد الإسلاميين كما هو حاصل في بعض البلدان وكما يريد البعض ان يدفع اليه في بلادنا، من استقطاب بين الإسلام والحداثة وبين الإسلام والديمقراطية...وهو استقطاب لا يساعد على انتقال ديمقراطي رشيد ومامون.
فالديمقراطية هي تداول للسلطة بين الأحزاب فحسب، بل هي ايضا انتقال ليس من النقيض الى النقيض بل من الشبيه الى الشبيه اي ان الديمقراطية تحتاج الى ارضية فكرية وثقافية مشتركة يعني ارضية وفاقية بين النخب. ولأن مجتمعنا لا يزال يتشكل من نخبتين نخبة علمانية ونخبة اسلامية، فالإنتقال الديمقراطي يحتاج الى نوع من الوفاق بينهما وحكم ائتلافي بينهما، كما هو حاصل اليوم في تونس فالحكم القائم بالرغم من مشاكله الكثيرة ولكنه قائم على وفاق بين النخبة الإسلامية المعتدلة والنخبة العلمانية المعتدلة.
تونس لا يمكن ان يحكمها الا الإئتلاف
ولكنه ائتلاف يتراوح بين الإستقرار والإختلال، فمنذ مشكلة تسليم البغدادي المحمودي والترويكا تعطي صورة بانها في طريقها الى التصدع؟
معلوم ان الحكم الإئتلافي من اصعب انواع الحكم حتى في الديمقراطيات العريقة الإيطالية والبلجيكية ناهيك عن ديمقراطية ناشئة عمرها لم يبلغ السنتين. فهذه ديمقراطية حديثة وطرية ووجود مشكلات في حكم ائتلافي مثل هذا من الأمور الطبيعية بل تعتبر مشكلات تونس بسيطة بالقياس الى حالات مماثلة في بلدان اخرى حيث تحسم الصراعات احيانا بالسلاح...نحن صراعاتنا كلها كلام..بالخطابات...وهو اختلاف بالإمكان احتواؤ حتى وان كان الكلام شديدا مثل الذي يصدر عن طرف في الحكم ازاء طرف اخر وهو امر معتاد في الديمقراطيات.
اذن يمكن القول ان الترويكا في صحة جيدة؟
لا اقول في صحة جيدة، ولكن مااؤكد عليه ان تونس في كل الأحوال لا يمكن ان تحكم بنجاح في المدى القريب والمتوسط الا بحكم وفاقي يجمع بين جناحي الجسم الوطني الإسلامي والعلماني حتى يطير الطائر التونسي امنا ومتوازنا بقطع النظر عما اذا كان هذا الإئتلاف في اطار الترويكا القائمة او في اطار توسيعها او في بديل عنها. وفي كل الأحوال، نهج الإئتلاف هو النهج الذي سيستمر والنهضة مؤمنة بهذا. فنحن سنستمر على هذا النهج.
وزراؤنا ناجحون ولكنهم ليسوا مثاليين
ذكرتم مسألة توسيع الإئتلاف، وهذا يقودنا حتما للحديث حول التحوير الوزاري المرتقب الذي تعد له الترويكا، فهل سيكون في اتجاه توسيع التحالف نحو احزاب اخرى او احزاب معارضة او احزاب الصفر فاصل؟
كل ما ذكرتيه ممكنا، سواء في اتجاه احزاب صغيرة او كبيرة او ممثلة في المجلس التأسيسي وهو المفضلة بالنسبة الينا او غير ممثلة فيه وان كنا في بداية حوارنا مع شركائنا السياسيين
هل سيمس وزارات السيادة؟
لا اقدر انه يشمل وزارات السيادة رغم ان البحث مفتوح
اذا لم يكن التحوير شاملا لوزارات السيادة، فمعناه انكم راضون عن اداء وزراء السيادة؟؟؟؟
نحن في الجملة نرى ان وزراءنا ناجحون ولكننا لا نرى انهم مثاليون لا نقول انه ليس بالإمكان احسن مما كان ولذلك فامكانيات التغيير واردة من موقع الى موقع الى اخر ومن شخص الى اخر داخل النهضة او خارجها.
خلافاتنا الداخلية لا تؤثر على توافقنا
ترددت اخبار حول صراع اجنحة داخل حركة النهضة، ماذا تقولون للحسم في هذا الملف؟
في النهضة وجهات نظر مختلفة باعتبارها حركة كبيرة ولكنها ظلت منذ اربعين سنة اي منذ تشكيلها وهي تتعايش مع خلافاتها الداخلية من خلال اتفاق الجميع حول الإسلام والرؤية المعتدلة له وحول الديمقراطية نهجا للحكم وحول الاحتكام للمؤسسات نهاية. فالجميع يختلفون، ولكن لا اختلاف حول الإسلام داخل الحركة ولا اختلاف حول الديمقراطية داخل الحركة ولا حول الخضوع الى المؤسسات.
فالقرار ليس لرئيس الحركة ولا لرئيس الحكومة بل للمؤسسات.
كيف ترون سبل نزع التوتر بين الحكومة والإعلام في تونس؟
عادة بين الحكومات والإعلام خصومات ابدية. فالإعلام الحر بطبيعته هو اعلام حر ويبحث عن سلبيات الحكام وبذلك يعيش.. كل الذي نطلبه من الإعلام هو قدر اكبر من المهنية.
فلا احد زمن الثورة يطالب الإعلام البنفسجي.. ما نطلبه الا ننتقل من مرحلة الإشادة بالسلطة والمناشدة للزعيم الى مرحلة جلد السلطة ووضع العراقيل في طريق اي انجاز والتحريض على الفوضى وابراز تونس وكأنها تحترق وكأنها تمضي الى الكارثة وتبعث الرسائل ليلا نهارا الى الشعب التونسي على انه أخطأ اذ قام بالثورة، بما يخلق لديه الندم ويبعثه حتى حد الحنين الى الماضي.
ليس امام الأسد سوى خيار وحيد... الرحيل
وانتم تتابعون الشأن العربي، كيف يتراءى لكم الحل لحقن دماء الشعب السوري؟
لم يبق لطاغية الشام بعد المجازر التي ارتكبها في حق الشعب السوري سبيلا لنفسه غير الرحيل. فالذي يفعل بشعبه ما فعله بشار الأسد بالشعب السوري لا يزعم ان هذا شعبه اصلا... فهو في صراعه مع اسرائيل، لم يمارس قدرا من العنف ولو بواحد في المائة مما يمارسه من عنف مع الشعب السوري. من الظلم للحقيقة وللعدل وللشعب السوري ان يظن احد ان الشعب السوري من الممكن ان يتصالح مع هذا الطاغية او يمكن ان يقبله ولو لسنة اخرى.
فالشعب السوري يدفع ثمن عدم اتفاق الكبار على مستقبل سوريا ولذلك يستمر سيل الدماء في سوريا لأن الكبار لم يتفقوا على مصالحهم في سوريا
كيف تقيمون اداء الإخوان في مصر بعد اشهر من تسلمهم السلطة؟
نحن نهنئ الشعب المصري بتوفقه الى اجادة الدستور بما يزيد على الثلثين، مصر تتجه نحو الطريق الصحيح ونحن نرى ان مصر ككل ديمقراطية ناشئة في حاجة الى حكم وفاقي.
من حق ثورتنا تحصين نفسها ضد قوى الردة
مشروع تحصين الثورة الذي سيعرض على المجلس التأسيسي للنظر فيه، يرى فيه البعض سعي الى قطع الطريق امام منافس يقول عن نفسه انه منافس شرس للنهضة، في حين يعتبره شق كبير من التونسيين استحقاقا من استحقاقات الثورة، كيف ترون هذا المشروع؟
نحن نرى انه من طبيعة الثورات ان تدافع عن نفسها في مواجهة الثورات المضادة لها او حركات الردة الى الماضي. فالماضي لم يمت بعد وتجربة ثورات اخرى اثبتت انه يمكن ان يعود. فتاريخ الثورة الفرنسية اثبت ان الملكية عادت وتحولت الى امبراطورية وظلت مائة سنة. فرنسا في شكلها الحاضر لديها قانون يمنع تشكيل حزب على اساس الملكية وهو امر ممنوع. فهذه الديمقراطية العريقة تمنع قيام حزب يدعو الى الملكية بعد مائتي سنة من ثورتها لا تزال القوانين في هذا الصدد قائمة. ونخبنا السياسية ترى في فرنسا نموذجا للديمقراطية فلماذا لا يقولون إن في فرنسا اقصاء وديكتاتورية لماذا لا احد يتكلم عن هذا؟
كل ثورة تدافع عن نفسها ازاء عودة القديم.
حركة نداء تونس ترى ان مشروع تحصين الثورة شكل على مقاسها؟
اولا ليس كل من ينتمي الى نداء تونس تجمعي..هناك قادة كبار في هذا الحزب لم يكونوا يوما في التجمع والقانون طابعه العموم وليس الخصوص.
قلتم سابقا ان نداء تونس يشكل خطرا على تونس اكبر من السلفية، واليوم زعيمه يؤكد ان النهضة هي الخطر الأكبر على تونس، فمباذا تعلقون؟
هذا رأيه ولكل شخص رأيه وله حرية التقدير.. تعليقي انه اختلاف في وجهات النظر..."
29 ديسمبر 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.