لم أشاهد مسلسل أولاد مفيدة هذا الذي تهاطلت عليه سهام النقد حتى يجوز أن أحكم عليه بالتفصيل،شاهدت مساء الخميس مشهدا واحدا بالصدفة من الحلقة 15 ثم غادرت .. المشهد يظهر طفلة تحت سن العاشرة تغمد سكينا بكل وحشية من الخلف في جسد أبيها لقتله وتسيل دماؤه مدرارا.. هذا المشهد الفظيع مرفوض أصلا وممنوع اصلا في دراما التلفزيون. أنا لا أتحدث من فراغ أنا أتحدث عن معايير معروفة عالميا في دراما التلفزيون التي هي معايير أخرى غير معايير اختصاصات أخرى في كتابة السيناريو كالكتابة للسينما مثلا.. فدراما التلفزيون هي دراما عائلية أساسا فيها من بين ما فيها البعد التربوي للطفل، وإن ما يسمح به في السينما هو غير ما يسمح به في التلفزيون وما يسمح به في سينما الحركة مثلا أو سينما الرعب هو غير ما يسمح به في التلفزيون.. هذا الأمر ينسحب على الدراما في العالم وليس في بلد دون غيره.. وحتى الأنواع المعينة من السينما التي تسمح بهذه المشاهد وحتى بما أبشع منها إنما تمنع فيها المشاهدة على القصر وتفرض أخلاقيات العرض التنبيه في الفيلم إلى أن المشاهدة ممنوعة على من هم دون سن معينة وحتى بالنسبة للراشدين يقع تنويه أصحاب القلوب الضعيفة منهم مسبقا.. ومشهد أولاد مفيدة بالحلقة 15 هو مشهد مناف لأخلاقيات الكتابة للتلفزيون وغريب عنها وآتني بمشهد واحد في أي تلفزة عامة في العالم مشابه لمشهد مثل هذا في أي عمل درامي.. لن تجدوا.. وتلك هي المشكلة:أناس يمارسون الدراما وهم لا يعرفون الفرق بين أخلاقيات الكتابة للتلفزيون أو المسرح وبين الكتابة للسينما وسينما الإختصاص تحديدا. لا يعرفون أن هناك طرفا اساسيا تتوجه له دراما التلفزيون والمسرح فيمن تتوجه لهم ومسموح تماما أن تشمله دون غيرها من الدراما.. وأعني الطفل.. فالجنوح إلى مشاهد من هذا القبيل بالتلفزيون إنما به نيل من تلقي المشاهد الطفل ومن براءته وبه تعسف على مخياله البكر باعتباره جزء من جمهور مشاهدي هذا النوع من الدراما (الدراما المعروضة للأسرة ) بما قد يؤثر سلبا على شخصيته في المستقبل.. ذلك أن هذا المشهد الصادم به مساس سلبي مباشر بما يصطلح علماء النفس على تسميته بالموروث الأبوي (وهي حزمة المسموحات والممنوعات والصور التي يتلقاها الطفل بين سن الثالثة وسن التاسعة لاسيما).. مشهد واحد فقط شاهدته من أولاد مفيدة هذا صحيح ..لكنه كان كافيا لأعرف المسافة الكبيرة التي مازالت تفصل صاحب السيناريو عن أخلاقيات ومعايير الكتابة للتلفزيون.. حتى لا أقول كلاما آخر.. والله يرحم من قال:الجهل راهو...........مخطر