أكد الوزير الجديد في حكومة الحبيب الصيد المكلّف بملف الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كمال العيادي، اصيل ولاية جندوبة، في تصريح لحقائق أون لاين، أن تزايد الفساد في تونس أمر طبيعي في مرحلة البناء الديمقراطي ما بعد الثورة غير أن المقلق حسب رأيه تواصل هذه الظاهرة ومزيد استفحالها عبر انتشار عدة ظواهر منها التهريب وتغلغله والنفوذ السياسي في السياسة وضعف أجهزة الرقابة على مستوى هياكل الدولة وعودة ممارسات المحسوبية والتكالب على المسؤوليات وهي ظواهر اعتبرها العيادي "مترتبة عن مخلّفات الحراك الثوري بسبب تفكّك النظام السياسي وبروز مواطن نفوذ جديدة تعمل على التموقع". وعن آليات الرقابة على مستوى الدولة، أقرّ العيّادي بتشعّب الاجراءات التشريعية والاجرائية والتي اعتبرها "تشكّل عائقا أمام الجدوى في بعض الحالات، دون أن يعني هذا الحاجة الى تعزيز النصوص القانونية للرقابة، ليبقى الإشكال الأساسي في ممارسة وتطبيق القانون وطغيان عقلية التسامح واللامبالاة في تحمّل المسؤولية وعدم الحزم في تطبيق القانون والمساءلة للمسؤول السياسي والاداري وأصحاب النفوذ المالي". كما أقرّ العيّادي بضعف اداء الهيئات المكلّفة بملف الفساد واعتبر عملها صوريا لم يفض الى نتائج للغايات التي بعثت من أجلها بسبب انعدام كفاءة بعض أعضائها وغياب رؤية عمل واضحة لدور هذه الهيئات. أما عن تفسيره لبعث وزارة جديدة تعنى بملف الفساد، فأشار محدثنا إلى أنه اقترح في وقت سابق على رئيس الحكومة التخلي نهائيا عن الهيئات الدستورية المكلّفة بهذا الملف، معتبرا آنذاك أن عمل هذه الهيئات سيطول وقد يستغرق الى حد 10 سنوات بما فيها هيكلتها وانطلاق عملها وبلوغ النتائج وبالتالي ضياع كثير من الوقت والجهد والامكانات المادية واللوجستيكية، كما اكد ضرورة عدم تخلي الحكومة ومن خلال أجهزتها المختصة عن هذا الملف بتجسيم الشفافية في مؤسساتها وخاصة الادارية من خلال تكريس التصرّف الرشيد والشفافية ومقاومة كل مظاهر الفساد الاداري باعتبار الحكومة ذات سلطة تنفيذية، حسب قوله. واعتبر رئيس مركز التفكير الاستراتيجي للتنمية باقليم الشمال الغربي سابقا ، كمال العيّادي ، أن تونس اضاعت وقتا كثيرا في استثمار نتائج المصالحة بما من شأنه أن يخدم التنمية الجهوية بتجاوز العراقيل التي تكبّل رجال الأعمال والاقتصاد دون أن يعني هذا في رأيه تحويل المصالحة الى تبييض للفساد وافلات المفسدين من العقاب والمحاسبة، مشددا على ضرورة أن تتم هذه العملية بكل شفافية واستقلالية حتى لا تستثمر لغايات وترضيات سياسية وحزبية فئوية، ولضمان المصالحة الصحيحة. وبالنسبة لمشروع عمله في الوزارة، أكّد الخبير الدولي في مجال سياسات مكافحة الفساد والتنمية الجهوية كمال العيّادي أنه سيعتمد على جملة من المواصفات العالمية للشفافية لتطبيقها على المؤسسات العمومية، معتبرا أنها من أكثر القطاعات ذات القابلية لمحاربة الفساد، كما أشار الى أن "المشاكل النقابية الاجتماعية والاقتصادية بهذه المؤسسات لا يجب أن تكون عائقا وحاجزا دون محاربة ظاهرة الفساد فيها". وأوضح أن استراتيجية هذه المواصفات الدولية تم اعدادها بعد 10 سنوات من العمل وتقوم على مبادئ الحدّ من الفساد واعتماد قواعد الشفافية في عمل المؤسسات العمومية والخاصة وهي آليات تستند الى أطر قانونية تكرّس حرية الصحافة وسياسة قطاعية تحدّ من آفة الفساد. كما قيم الوزير الجديد سياسة الدولة في مقاومة الفساد خلال السنوات الاخيرة بالمؤسسات العمومية، قائلا: "هناك مجهودات وإرادة سياسية لحلّ هذا الإشكال ولكن نتائج تحرّكات الدولة في أغلبها كانت متوسطة لضعف الاجراءات ذات الصلة وقلّتها نظرا لضعف السلطة وتعدّد مراكز النفوذ السياسي والمالي". يذكر أنه سبق أن قام فريق من منتدى العلوم الاجتماعية خلال شهر ماي من سنة 2014 بدراسة ظاهرة الفساد في الإدارة العمومية من خلال استجواب شمل 250 عيّنة من كامل جهات البلاد وذلك في اطار برنامج "بارامتر" للحوكمة المحلية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتفرز هذه الدراسة نتائج أكّدت تراجع الفساد الكبير وتنامي الفساد الصغير بالمؤسسات العمومية بسبب وجود عدة عوامل مساعدة على ذلك.