ان الأزمة الاقتصادية التونسية هي نتيجة تراكمات منذ 14 جانفي و ليست وليدة اليوم ولعل أبرز أسبابها ترهل انتاجية العامل التونسي و اهتزاز قيمة العمل بالإضافة الى انتهاج سياسات اقتصادية سيئة في تسيير البلاد. الدولة التونسية دولة قوية بكفاءاتها و رجالاتها ، وأعتبر هذا حقيقة و ليس وهما انطلاقا من وجوه نعرفها و قد أثبتت جدارتها في عديد المواقع الوطنية و الدولية . لذلك فمن باب الدعابة الحديث عن فراغ فكري اقتصادي تعيشه تونس في حين أن وطننا يعج بالأدمغة القادرة على ايجاد حلول . سأسعى في هذا المقال الى تقديم رؤية و حلول ليست الأولى و لن تكون الأخيرة و كلنا نسعى الى رفع ثقل الغيرة الوطنية على قلوبنا و تأدية رسالة حب لهذه الدولة. بداية بالموارد الوطنية، انه لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن اقتصاد وطني دون موارد مالية للدولة لكي تتمكن بها من خفض ثقل المديونية و تحقيق النمو وان أساس هذه الموارد الضرائب التى تفرضها الدولة على المستثمرين و المواطنين وبذلك يتسنى للدولة زيادة المدخرات الوطنية و بالتالي تغطية جزء من الديون الموجودة . و في هذه الظروف المالية الموجودة الدولة في حاجة ماسة الى الزيادة في هذه الضرائب خصوصا تجاه ذوي الأعلى دخلا في مستوى الأجور . يجب على الدولة محاربة التهرب الضريبي و كذلك يجب على المواطن التونسي ورجل الأعمال أن يتميزا بالوطنية و أن يساهما في هذا الظرف خاصة في تأدية الواجبات تجاه الدولة. ان محاربة التهرب الضريبي لا تتم بطريقة تعسفية من الدولة لكن بالدخول في سلسلة مصالحات مع المتهربين ضريبيا و هو ما يدخل أيضا في المصالحة الاقتصادية التى بالفعل ستوفر موارد لا بأس بها لميزانية الدولة . و لقد أصبح من الضروري الدخول في باب المصالحة الاقتصادية التي تم التنويه بها من قبل العديد من الخبراء الاقتصاديين. ثانيا أولوية الاستثمارات، ان السعي الى النهوض بالتنمية في البلاد يتطلب البحث عن المستثمرين و جلبهم وتشجيعهم على الاستثمار وهي مسؤولية الجميع رئاسة و حكومة و كذلك رجال الأعمال و اتحاد الشغل. وهناك عدة اجراءات مهمة في توسيع دائرة الاستثمارات و تكثيفها من خلال استقرار السياسة المالية و النقدية و تحرير التجارة الخارجية و تطوير البيئة الاستثمارية المنافسة و اعداد برامج لتطوير الجهاز الاداري. ان المستثمر يبحث على الظروف الملائمة و التي لا يمكن أن تتوفر دون أمن مستقر وفي ظل اضرابات عشوائية و متواصلة و مواطن له ثقافة العمل و الانتاجية. الدولة لها واجب الحفاظ على مستثمريها وحماية مشاريعهم. يجب استغلال بعض التونسيين لعلاقتهم مع الأجانب لتحويلهم الى تونس للاستثمار و بعث المشاريع . تقوم المغرب بجلب الاستثمارات الصناعية ذات قيمة مضافة عالية، وهو ما جعلها اليوم رابع وجهة استثمارية في افريقيا وثالث اكثر الدول رخاء في افريقيا رغم ندرة مواردها الطبيعية و يجب فعلا المرور الى هذه السياسة بكل الطرق. ثالثا استعجالية الهدنة الاجتماعية ، أصبح من الضرورة القيام باتفاقية مع الاتحاد العام التونسي للشغل لضبط هدنة اجتماعية توقف نزيف الاضرابات الموجود في البلاد . و يقع ضبطها بثلاث سنوات على الأقل للتوجه نحو مسار عميق في جلب المستثمرين و بعث المشاريع الكبرى و الصغرى. اذ تمثل الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة مجالا للتقليص من الضغط الموجود على سوق الشغل. رابعا البحث في مشروع مهم وهو ملف غاز الشيست ، اننا اليوم في حاجة الى النظر في ملف غاز الشيست و امكانية الاستثمار فيه في البلاد التونسية حيث أنني تابعت عدة دراسات نفت المخاطر البيئية لهذا الغاز وبالنظر الى عديد الدول الأجنبية على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية التي استثمرت في هذا المجال و قد مثل بدوره تغطية لحاجياتها من الغاز وهي متجهة لكي تكون بلدا مصنعا في الغاز و استغلاله في الصناعات التحويلية. وقد أكد الخبير المختص في هذا المجال السيد عماد درويش أنه بالدخول في هذا المجال بإمكان الدولة ايجاد 100 ألف موطن شغل جديد للعاطلين عن العمل وهو من شأنه أيضا أن يزيد من احتياطي الدولة من الغاز. خامسا الفلاحة هي أساس الحل ، اذ أن الفلاحة هي من الدعائم الأساسية في بناء اقتصاد تونسي قوي قادر على مقارعة الصعوبات المالية . و بامكان الدولة تمكين الفلاحين الصغار من أراضي صالحة للزراعة شرط امضاء اتفاقية تقضي بالقيام بنشاط فلاحي ذي مردودية . و تحفيزهم عن طريق تقديم منح لكل شاب يقوم بمشروع فلاحي متميز . و بالتالي فانه من المهم استغلال الأراضي الدولية لتحقيق النهضة في الفلاحة التونسية. سادسا ، ان الاعلام التونسي خصوصا المرئي يجب عليه الترويج للسياحة التونسية بجدية و فعالية . و التقليص من الأخبار و الأقاويل التي تروج لإفلاس الدولة التونسية . ان الدولة تمر بأزمات خانقة لكنها لن تفلس مادام هناك كفاءات تونسية وطنية هي دوما على ذمة البلاد. اننا قادرون على تجاوز المرحلة برجالاتنا و اعلامنا و مواطنينا ، ان هذه الاجراءات لا تتطلب تشكيل حكومة اخرى من شانها ان تعطل دولاب الاقتصاد بل إقالة بعض الوزراء من الذين ثبت عدم كفاءتهم...