قالت الحكومة التونسية إنّ "الاحتقان والتوتر الاجتماعي لا يساعدان على البدء في تنفيذ الاستثمارات المبرمجة لفائدة كل جهات البلاد"، وذلك على خلفية التظاهرات والإضرابات التي عادت بقوّة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وطالت العديد من المحافظات وخاصّة المهمّشة. وفي بيان رسمي لها، أكّدت الحكومة التونسية، مساء الأربعاء، أنّها "ستشرع مباشرة بعد اعتماد الميزانية التكميلية في تنفيذ المشاريع المعتمدة، لفائدة كل جهات البلاد، لينطلق التنفيذ على أقصى تقدير بداية من يوم الاثنين القادم"، داعية كل الأطراف الاجتماعية والسياسية والمدنية للتعاون على البدء في التنفيذ والمساعدة على الاستجابة للطلبات بطريقة منظمة ومنطقية. وقال البيان "إنّ رئاسة الحكومة تتابع عن كثب الأوضاع التنموية والاجتماعية على مستوى الولايات الداخلية"، معلنا أنّ "رئيس الحكومة وعددا من الوزراء سيؤدون زيارات ميدانية الى هذه الولايات". وتشهد العديد من المدن التونسية احتجاجات وإضرابات عامّة مطالبة بتوفير فرص عمل والحقّ في التنمية. وعمد محتجون من مدينة "دغموس" من توزر الأربعاء، إلى قطع الطريق الرئيسي بالمدينة وحجز ثلاث حافلات مدرسية على متنها عدد من تلاميذ، وذلك احتجاجا على وضع التشغيل بالمنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن أحد المحتجين قوله "إنّ مطلبهم الأساسي يتمثل في إدماج شباب المنطقة البالغ عددهم 26 للعمل بالمحمية الوطنية بدغومس". وفي مدنين أطلقت قوات الأمن والجيش النار في الهواء لتفريق عدد من المحتجين، حاولوا الليلة الماضية اقتحام مستودع بلدي وإدارة الجمارك إلى جانب محاولة نهب عدد من المحلات التجارية. وقال مصدر أمني بالجهة ل"العرب اليوم": "نتحفّظ على عدد من المشبوه فيهم بإحراق منطقة الأمن بالمدينة"، مؤكّدا "وقوف عدد من الجهات، التي لم يسمّها، وراء تأجيج الأوضاع بالمدينة التي تشهد منذ صباح الأربعاء، هدوء مشوبا بالحذر بعد يومين من الاضطرابات". وقال "لدينا معلومات عن وجود أشخاص غرباء عن المدينة يوزعون الأموال على بعض الشّباب (70 دولارا للفرد) وتحريضهم على تنفيذ أعمال الفوضى والتّخريب"، موضّحا أنّ "السّلطات الأمنيّة تواصل البحث عن سيارتين سياحيتين مشبوهتين بالتحريض على الفوضى". وكان متظاهرون غاضبون قد عمدوا مساء الثلاثاء إلى حرق مقر حركة النهضة بمدينة تالة التابعة لالقصرين وقطعوا عددا من الطرق المؤدية إلى المدينة احتجاجا على تأخر برامج التنمية والتشغيل الحكومية فيها. وفي سياق متّصل بالإضرابات والاعتصامات، أعلن المجمع الكيميائي التونسي بمدينة قابس الصناعية (400 كم جنوب شرق)، عن توقّف الإنتاج كليا بمعامله، انطلاقا من الأربعاء بسبب نفاد مخزون الفوسفات نتيجة الاعتصامات التي يشهدها الحوض المنجمي من قفصة. وفي محاولة من الحكومة لامتصاص الغضب الذي تشهده العديد من المدن، قال وزير الشؤون الاجتماعية، خليل الزاوية "لدينا برامج تنموية لجميع الجهات المهمّشة التي نعتبر مطالبها مشروعة"، داعيا إلى "الصبر وعدم رفع المطالب المشطّة". وأوضح في تصريح لراديو "موزاييك"، مساء الأربعاء، "ستنطلق الحكومة في تنفيذ برنامجها التكميلي فور مصادقة المجلس الوطني التأسيسي عليه"، قائلا "هناك عملية تنموية واهتمام بالجهات لكن لا يمكننا أن نقضي على البطالة بشكل نهائي، لأنّ الانتظارات كبيرة والوضع الاجتماعي صعب". من جانبه كان علي العريض، وزير الداخلية التونسي، دعا الليلة الماضية "المحتجين في المحافظات التي تشهد إضرابات واعتصامات إلى الهدوء ومنح الحكومة مزيدا من الوقت حتى تنطلق في تنفيذ برامج التشغيل والاستثمار". وقال العريض في تصريح للتلفزيون الرسمي "الحكومة عاقدة العزم على الانطلاق في عقد مجالس وزارية مخصصة للمحافظات فور انتهاء المجلس الوطني التأسيسي من مناقشة الموازنة العامة والمصادقة عليها"، مؤكّدا أنّ "الاستثمار والتشغيل ومشاريع التنمية ستغطي ال24 محافظة من دون استثناء"، محذّرا في الوقت نفسه من "استمرار الإضرابات العامة التي سيكون لها تأثير على مناخ الاستثمار وعلى أداء الموسم السياحي"، حسب تعبيره. يذكر أنّ نسبة البطالة في تونس تبلغ ال 18.9 بالمئة، وتبلغ هذه النسبة 25 بالمئة في عديد المحافظات الداخلية، خاصّة الغربية منها. وحسب برنامجها التكميلي، الذي يناقشه المجلس الوطني التأسيسي منذ نحو أسبوع، فإنّ الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، تأمل في خلق 75 ألف وظيفة هذا العام منها 25 ألف وظيفة في القطاع العام، في حين أنّ عدد العاطلين عن العمل تجاوز 750 ألف عاطل أغلبهم من خرّيجي الجامعات.