قلنا في مقال سابق بأن حملة السلطة على راديو "كلمة" والعاملين فيه كانت حملة مسعورة تدل على ضيق أفقها وقصر نظرها ذلك أننا نؤمن أن تجربة راديو كلمة تجربة بسيطة ومتواضعة، وكان يمكن أن للسلطة أن توظف سكوتها عليها توظيفا إيجابيا لصالحها ولكن الحماقة والغطرسة دفعاها للسعي لوأد التجربة في مهدها، والتنكيل بمن له علاقة بها، فاستعملت معهم عصيها الغليضة، ولوحت لهم في الآن نفسه "بجزرها" الشهي فمنهم من بدل ومنهم من صبر! ... وتلك هي طبيعة الفتن تسقط أناسا وترفع آخرين! ليست المشكلة هنا مع من انسحب في صمت أو سقط أو حتى قبل الجزرة رغبا أو رهبا، وإنما المشكلة مع من يسقط ويحاول أن يوهم غيره بأن ذلك لم يكن منه سقوطا وإنما "تكربيسة" كما يقول المثل التونسي! ... فيعلن على رؤوس الأشهاد بأنه يقف ذلك الموقف شهامة ونصرة لمظلوم! ... ووقوفا في وجه ظالم متاجر بالمبادئ وحقوق الإنسان! ... وأن موقفه موقف مبدئي لا خوفا من عصيّ ولا طمعا في جزر! ... لكن الجزر قد نبت بسرعة في واحة "إتصالات تونس" على شكل وظيفة وهمية بأجر مغر مقداره 1100 دينار "صافي" ومن غير جهد يبذل! ... وهو متفرغ على حساب الشركة المذكورة لصالح الجهات الأمنية ... فما أسرعها من وسيلة للثراء! ... قد يعقبها يوما ما قصر من أملاك الدولة في رادس أو ما جاورها! تحيا المبادئ! ... ولكن الدراهم تأبى إلا أن تمد أعناقها!