السيدات والسادة مستمعي راديو كلمة، السادة القراء، مواطنينا الأعزاء، ببالغ الأسى والحسرة أنعي إليكم القائد "الديمقراطي" والزعيم "الحدشي" الشهير! السيد "أبو المواعيد" فقد فارق جمعنا بعد سنين طويلة من التقلب والعطاء! ... فارقنا بعد أن جاوز السبعين! وبعد أن أفرغ ما في جعبته من أساليب نضالية متنوعة! وترك لنا ميراثا زاخرا بالمواقف السياسية المتقلبة والتي تدور مع الريح والمصلحة حيث دارت! ... أورثنا نهجا سياسيا "برقماتيا" متميزا! ... وتلك هي السياسة ترك للمبادئ وخروج عن خط السير المعتاد كلما دعت الحاجة أو لا تكون! ... فارقنا الزعيم الكبير وقد ترك "مناضلي" حزبه كالأيتام على موائد "التجمع"! لسائل أن يسأل لماذا ننعي هذا "المناضل" ولم نتعود نعي غيره! ... فأجيب أن هذه الوفاة غير طبيعية "والمرحوم" أوصانا قبل سنوات من خلال شاشة قناة الزيتونة "الموؤودة" أن ننعيه إن ترك النضال! وذكر يومها لمحاوره مذيع قناة الزيتونة، السيد رفيق عبد السلام" أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت يقول :" أنا أفكر إذن أنا موجود"! وهو يقول أنا أناضل إذن أنا موجود" ويوم وفاته هو يوم تركه للنضال، وقد استوعبنا الدرس وعملنا بالوصية! وعلى ذلك نعلن الوفاة! شُيع جثمان الفقيد في "صندوق" جديد! ... من صناعة دار "أوبال" هدية من الزعيم الأكبر إكراما لقدرته على قلب مواقفه والدوران حسب اتجاه الريح! كما أكرمه بحفر قبره في أحد مكاتب "الوكالة"! ... وأما شهادة الوفاة فقد صدرت من "الحانوتي" ليلة انعقاد مؤتمر حزبه في شهر أوت من السنة الماضية وصدور قرار "عليّ" بتعيينه في مجلس المستشارين! أعزائي المستمعين والقراء، قد يعترضكم شبح الفقيد يُكذّب خبر النعي ويقول بأنه مازال يناضل، وإن غيّر مو قعه إلى الجهة التي كان يناضل ضدها، فالنضال يبقى نضالا! وإن بدا لبعضنا أنه تفل على ذاته وماضيه!... ليست مشكلة! قد يزعم "أبو المواعيد" أن التردد على القصر والجلوس على كرسي بمجلس المستشارين أو حيازة مكتب بالوكالة، نضالا، فنعم النضال ونعم الحياة! ... ذلك يعني أن قوله "أنا أناضل إذن أنا موجود" ومعارضته بالأمس لأصدقاء اليوم الذين سجنوه كان خطأ! ... ولم يكن ذلك منه نضالا ولا حياة ولا وجودا! بل كان حينها من الأموات! جدير به أن يشكر من أحياه بعد موته! ... ولكن وجب عليه، أن يطلعنا على نقده الذاتي لتجربته الماضية حتى نتبعه على بينة! ... أم أنه يريد أن يقودنا ونكون له تبعا على غير بينة أو هدى! هي حقا عروض تصيب العين بالحول! اذكروا موتاكم بخير! وإنا لله وإنا إليه راجعون!