هو سوق صغير مهمش يتوضع في قلب مدينة جندوبة تتقطعه برك المياه وأكداس من الفضلات أحيانا ،يحاذي سكة القطار ،والى جانبه محطات نقل بري يستعملها كل من يقصد مدينة طبرقة وعين دراهم والفرنانة ويمر بقربه كل من يقصد المسافات البعيدة ،باعته شبابا وشيوخا ،رواده نساء ورجالا وأطفالا،مواده مشتركها انها من "الخردة" مختلفة: حديدية،كهربائية ،بلاستيكية ،الكترونية، ألبسة قديمة أحذية وأقمشة ،مأكولات ،شاي يطبخ على الطريقة التقليدية (الكانون) بيض مسلوق وقهوة "عربي" وغيرها . أسعاره جدا منخفضة عشرون مليم وخمسون مليم ومائة مليم وسقف أسعاره عشرة دنانير يعمل بنظام الحصة الواحدة حيث لا يمكنك ان تجد احد باعته بعد منتصف النهار،باعته ملتزمون بتسديد (300 مي) كأداءات على استغلالهم لمحيط السكة الحديدية التابعة أساسا للشركة الوطنية للسكك الحديدية والدفع يوميا عندما يأتي "المكاس"جامعا دون تقديم ما يفيد الخلاص، غطاء قلم،قطعة حديدية،فأرة،شريط كاسات،قطعة ولاعة،قطعة بلاستيكية،قميص،مذياع ،فانوس،قرص ليزري،مفك،مطرقة،قطعة خشبية،مفتاح مذياع والقائمة تطول ... شرط التعاقد بكل بساطة ومصداقية " هز جرب واذا ما عجبكش رجع" سالت عن سبب التسمية وبحثت عند الكبار والمؤرخين اجمع البعض عن ان الفقر والخصاصة هي وراء تلك التسمية وقال البعض كرامة الفقراء تابى مد اليد لذلك يبحثون عن تلك المواد في مصبات الفضلات وقنوات تصريف المياه المكشوفة وتربطهم بوسائل الإعلام التقليدية علاقات وثيقة تبنى على المنافسة النزيهة والديمقراطية المادة الإخبارية واحدة البحث عن من يتوفاه الاجل في المستشفيات والمنازل قصد الحصول على ملابسه مجانا وبيعها في ذلك السوق .اما البعض فقد ربط وجود السوق بفترة الاستعمار الفرنسي للبلاد حيث كان عناصر الجندرمة يتخلون عن ملابسهم بعد ان يطالها القمل .لكلّ روايته ولكن سوق القمل فيه من الدلالات ما يعكس حجم ظاهرة الفقر في أحزمة هذه المدينة وقرى الولاية وسط التهليلات والتكبيرات والاشادات بالمنجزات العملاقة ويعكس مدى تفاقم ظاهرة التفاوت الجهوي ومدى سهر المسؤولين على مراقبة تلك المظاهر وايجاد حلول لها تخفظ كرامة اولئك الباعة الذين يبحثون عن لقمة عيش من خلال تلك المواد التي يبدو بعضها منعدم الفاعلية. زيارة لهذا السوق تجعلك تعيد قراءتك للتاريخ فهل ان سيرورته نحو الأمام ام انها تعود الى الوراء؟