عاجل: دواوير رملية وعواصف قوية اليوم في هذه المناطق    عاجل/ جامعة التعليم الأساسي تهدد بالتصعيد وتلوح بتعطيل العودة المدرسية..    عاجل/ في ذكرى 25 جويلية: هذا ما قاله نوفل سعيد شقيق الرئيس..    سليانة: تقدم موسم الحصاد بنسبة 98 بالمائة    الدخول في ''أوسو'' اليوم: مرحلة مهمة في حياة الفلاح التونسي    سوسة: وزير التجارة يؤكد أهمية التكوين لفائدة المراقبين الاقتصاديين ولأجهزة المساندة والمرافقة لعمليات المراقبة الاقتصادية    عاجل/ تطور نسق بيع السيارات الشعبية في تونس..وهذه الماركات الأكثر رواجا..    عاجل/ تنبيه للمواطنين: تغيير في حركة جولان (قطار ت.ج.م)..وهذه التفاصيل    زغوان: السيطرة الكاملة على حريق مصنع الملايس المستعملة بجبل الوسط    هام/ دعوة للتسجيل للمشاركة بحرا في كسر الحصار على غزة..    إنتقالات: مدافع كونغولي في طريقه لتعزيز صفوف النادي الصفاقسي    حضور ديبلوماسي وبرلماني كبير: ندوة «محمد البراهمي» تستشرف انهيار المشروع الصهيوني    معهد الرصد الجوي يصدر نشرة متابعة لحالة الطقس ما بعد الظهر    جريمة شنيعة: شاب ينهي حياة والده المسن..    مهرجان العنب بقرمبالية في دورته ال63 من 9 إلى 24 أوت 2025    حاجب العيون: إفتتاح الدورة الاولى للمهرجان الصيفي بالشواشي    مهرجان باجة يفتتح رسميا يرنامج عروضه التنشيطية في ظل حاجة الجهة الى مسرح للهواء الطلق    ''سم قاتل''.. كيفاش تنقص من أضرار الماكلة المقلية؟    المعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب يحصل على آلة مفراس جديدة في ظل انطلاق استغلال الطابق الثاني بعد اعمال تهيئة    إنتقالات: مهاجم رواندي يعزز صفوف الترجي الجرجيسي    عاجل: تفاصيل بيع تذاكر المباراة الفاصلة للكأس الممتازة بين الاتحاد الرياضي المنستيري الملعب التونسي    وجدي بوعزي مدربا جديدا للاولمبي الباجي    وزارة الصناعة تصادق على تأسيس امتياز المحروقات "عزيزة " لفترة 15 عاما    "القرآن لم يحرم الحشيش صراحة".. داعية مصرية تثير الجدل بحديثها عن قضايا إشكالية    السفارة الأمريكية تهنئ تونس بذكرى إعلان الجمهورية..    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة خاصة وينبه..    عاجل/ تنبيه: حرارة مرتفعة..رياح قويّة جدّا والبحر هائج والسباحة ممنوعة..    عاجل/ آخر مستجدات حريق جبل الدولاب بالقصرين…    أمريكا ترفض خطة ماكرون للاعتراف بالدولة الفلسطينية    سليانة: إشتعال بعض الجيوب النّارية من جديد بجبل أولاد بوهاني بمعتمدية بوعرادة وتواصل الجهود لاخمادها    غياب مغني الراب A.L.A عن مهرجان تطاوين يُثير استياء الجمهور    اليوم الجمعة.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا…    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    تأجيل محاكمة "أمير أجناد الخلافة" الإرهابية إلى 17 أكتوبر المقبل    دون الاستغناء عن السكر أو الحليب: هكذا تجعل قهوتك أكثر صحة كل صباح    ريحة الكلور في البيسين: نظافة ولا خطر؟    بطولة العالم للمبارزة: أحمد الفرجاني ونوران بشير يتأهلان إلى الجدول الرئيسي    رئيس الوزراء التايلاندي: المواجهات مع كمبوديا «قد تتحول إلى حرب»    اليوم.. تونس تحيي الذكرى 68 لعيد الجمهورية    تونس تدعو على لسان وزير تكنولوجيا الاتصال المشاركين في منتدى طريق الحرير الرقمي المنعقد بالصين الى التعاون ودعم الرقمنة    إمضاء اتفاقية تعاون وتبادل معلومات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح    الفنان الأردني سيلاوي على ركح مسرح الحمامات الدولي في دورته 59.    مهرجان المنستير الدولي: حاتم الفرشيشي يبدع في "القوالة"    جمهور تطاوين مصدوم: A.L.A غاب على الركح.. والإجراءات قانونية موجودة    بعد أكثر من 40 عاما خلف القضبان.. جورج عبد الله يغادر سجنه في فرنسا إلى بيروت    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    ولايتا القيروان وتوزر سجلتا اعلي درجات حرارة الخميس بلغت مستوى 48 درجة    محرز الغنوشي: ''اليوم آخر نهار في موجة الحر''    الجمعة الأخطر: آخر يوم من موجة الحرّ في تونس وتحذيرات عاجلة للمواطنين    مع ارتفاع درجات الحرارة...أفضل الصدقات صدقة الماء    مندوب السياحة بجندوبة .. طبرقة عين دراهم وجهة جاذبة للسياحة الرياضية    خطبة الجمعة...الحياء شعبة من الإيمان    بعد غد السبت.. مفتتح شهر صفر 1447 هجري    عاجل: وفاة أسطورة المصارعة هولك هوغان عن عمر 71 عامًا    نجم المتلوي يرفع قرار المنع من الانتداب ويعزز صفوفه بعد تسوية ملفاته القانونية    موجة حر شديدة وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي: احمي نفسك وأحبائك من الحرارة القاتلة دون مكيف بهذه الخطوات..    عاجل/ تزامنا مع تواصل موجة الحر: الرصد الجوي يحذر المواطنين وينصح..    بطولة العالم للكرة الطائرة تحت 19 سنة: هزيمة المنتخب التونسي أمام نظيره المصري 0 - 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة الخشب تلاحق أرباب الكراسي
نشر في كلمة تونس يوم 21 - 11 - 2009

يبدو أنّ معاشرة الكراسي لا تسبب فقط تخشّب الأطراف واللسان ولا تنتج خطابا خشبيّا برائحة الرطوبة والسوس، ولكن - وكما يحدث في قصص ألف ليلة وليلة – تسحر الجالس عليها وتجعله جزءا منها أي من خشبها من القدمين وحتى الرأس. كنّا قد تعوّدنا منذ زمن الزعيم الأوحد الفاعل بأمره والمخلّص الأوّل والمجاهد الأكبر برنّة الخشب في خطابنا الرسميّ، بل أصبح لرنين صوت وزرائنا ومسؤولينا وصحفنا الرسمية وأشباهها إيقاع مألوف في آذاننا، تعوّدناه وهدهدتنا حدّ النوم ترنيماته أطفالا حتى كبرنا.
وحين هلّ علينا العهد السعيد، كانت أولى البشائر التي احتفلنا بها واحتفينا بآثارها أن انطلقت الألسن من عقالها الخشبيّ، وزال السحر وانفكّ الطلسم عن الأفواه، وارتفعت العقائر تتحدّث عن محرّمات الأمس في انتشاء. لكنّ فرحتنا لم تدم طويلا فسرعان ما غلب الطبع التطبّع لدى رجال دولتنا الموقّرين وعلى رأسهم – ولم يكن آنذاك رأسهم خشبيّا بل من لحم وعظم ودم يخشون أن يعبث به سيف مسرور – رأس الدولة فعدنا إلى حظائرنا سالمين راضين من الغنيمة بالإياب، وعاد الخشب يقرقع ويهدهد ليلنا ويكرّر علينا ترنيمته الرتيبة التي حفظناها وإيقاعاته المملة التي لم تعد تقنعنا بجدّيّة ما يقال. وكلّما ارتفعت أصواتنا مطالبة بخطاب جديد، منفتح، مختلف، متحضّر، خطاب يطرح حقائق الأمور ويسعى لإصلاحها، لم تواجهنا الألسن الخشبيّة بل هراوات الخشب والأذرع المصقولة. نعم تعوّدنا وقع الخشب على آذاننا وعلى رؤوسنا وضلوعنا وأرجلنا، تعوّدنا السير بأقدام مغلولة في قباقب الأمن الذي أصبح شعار الدولة وعنوانها الأوّل ووتد خيمتها.
لكن التخشّب قد استفحل في جسد سلطتنا ك"الغانغرينا"، جرثومته بلغت الرّأس الذي أصبحت تنديدات العالم تقرع خشبه وترتدّ محدثة دويّا أجوف ميّتا. رؤوس الخشب لا تستجيب لأيّ مؤثّر عصبيّ، تلك علامات التخشّب المزمن في آخر مراحله يخبرك عنها أطبّاء الاختصاص.
أمريكا، درع النظام ووليّة حياته ووجوده، استغربت وعبّرت عن قلقها إزاء تدهور الأوضاع السياسية و"تراجع" الديمقراطية التي غازلت بها الرشّاش والدبّابة. أجابها رنين خشبيّ اكتفت صحفنا المحلّيّة بترديده، لم يكن يغني ولا يسكت جوعا، جوع بني تونس للديمقراطية الحقيقية، جوعهم لإصلاحات صلب الجسد المنهك والمتسوّس للدولة. فرنسا، أعلنت عن قلقها بل استنكارها، فأجابتها حملة خشبيّة الطعم واللون والرائحة، واشتعلت صحفنا الرسميّة وشبه الرسمية حميّة ودفاعا عن حرمة الوطن واستقلاليته، بل طالب أشاوس البلاد وأبطال الكرّ والفرّ (والثانية أصحّ) بتعويضات عن فترة الاستعمار على غرار شقيقتنا الكبرى في التخشّب ليبيا. بلجيكا بدورها، عبّرت عن استنكارها لوضع حقوق الإنسان وحرية الصحافة في تونس، فأطلقوا عليها النار، عفوا نثار الخشب.
ولقد كان على السفير الجديد لفرنسا أن يحمل رأس خشبيّة يتّقي بها تقريع رئيسنا حين استقبله يوم الخميس لتلقّي رسالة اعتماده في تونس. أمتعه لحظتها بخطاب رنّان من تلك الخطب التي بقيت صناعة وطنيّة وحكرا على التونسيّين ولم تدخل سوق الشراكة وبوّابة التصدير، تلك اللغة التي قد تبدو لرجل قادم من بلاد الحرّيّات أشبه بخطبة الحجّاج بن يوسف الثقفي البتراء، ومن يدري لعلّه رقص فرحا بنجاة رأسه الذي لم يقطف.
لكن يبدو أنّ التخشّب الذي أصاب الرأس أصاب العينين والأذنين وبقيّة الحواسّ والمدارك، فنسي القوم (أو القوّامون علينا) أننا هنا قد مللنا من الخطاب الخشبيّ ومن تخشّب الفكر والسياسة ومن السوس الذي نخر جسد الوطن ومن تذيّلنا أسفل السلالم بين الشعوب، ومن تذيّلنا – وليس في الأمر تكرار – وتخشّب رؤوس رؤوس دولتنا. فرؤوسنا إن لم تتفطّنوا لحم ودم وعظم وعقل وأحلام بواقع أفضل. فكفانا قرعا على الخشب، واهجروا كراسيكم لتفطنوا أنّ الوقوف صحّيّ... للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.