في وقت تكالبت فيه المشاكل و الضغوطات على المواطنين و المواطنات و عم فيه الفوضى و الخراب على كامل البلاد و انتشرت فيه المنوعات المستهلكة المائعة أو الحوارات السياسية الحادة و الموترة للأعصاب ظل المواطن يبحث عن صوته في وسائل الإعلام و بالتحديد في التلفاز و عمن يعبر عن آلامه بطريقة خفيفة و دون إرهاقه إلى أن وجد ضالّته في سلسلة النقار لكشف الخنار على قناة الجنوبية وهو عمل كوميدي يستحق منا التثمين و التشجيع و قد كتب بنص سليم و محبوك يعتمد على النقد الساخر للمعيشة اليومية للمواطن.. و كم نحن بحاجة لهكذا أعمال تمتعنا و تحكي عن واقعنا المر و تمرّر الرسائل الناقدة بأسلوب شائق في ظل انتشار الكوميديا الرخيصة التي سلك نهجها من هب و دب بأسلوب ركيك البيان أو بذيء اللسان.. هذا العمل أعادنا لسنوات خلت حين كانت الأعمال جادة على غرار كوميديا نور الدين بن عياد و شوقي بوقلية و عبد القادر دخيل و غيرهم إلى أن وصلنا لعند عزيز أو شوفلي حل و الطريف أننا نعيش فقرا فكريا و ثقافيا كبيرا رغم ادعائنا أننا في عصر الحرية و في المقابل نعيد أعمالا جادة ناقدة في عصر نصفه بالدكتاتورية و حتى بعض المحاولات التي استبشرنا بها في البداية غابت دون مبرر على غرار كابتن خبزة أو قلابس نسمة و التونسية و قد تكون الصنصرة لعبت دورها رغم أننا نتبجح بحرية التعبير… و لكن و بعد هذه السنوات العجاف تطل علينا سلسلة النقار لتفتح نافذة أمل في أعمال قيّمة فيها الضحك و فيها الوعي بالواقع الأليم.. عمل مستمر منذ أكثر من سنتين وهو أمر ليس بالهيّن و قد أبدع فيه الممثلون صابر الهذيلي النقار و سمية السعيدي و معز دبش الذي هو أيضا كاتب هذا العمل الجميل الذي نرجو أن يستمر في نهجه السليم و أن يواصل إمتاعنا بأسلوبه الطريف و ألا يسقط في التكرار و الرداءة مثل معظم الأعمال الأخرى و بارك الله في من عمل عملا فأتقنه.